منذ 24 يوليوز الماضي، لم تعقد حكومة عزيز أخنوش مجلسها الأسبوعي، نظرا لاستفادة أعضائها من عطلتهم السنوية، محافظة بذلك على عرف سياسي كرسته سابقاتها، تزامنا مع حلول فصل الصيف، حيث يتم تعطيل الأنشطة الحكومية الرسمية، بما في ذلك اجتماعات الجهاز التنفيذي والندوة الصحافية التي يعقدها الناطق الرسمي باسم الحكومة عقب انعقاد كل مجلس حكومي.
ولا يخضع تدبير العطلة السنوية الخاصة بأعضاء الحكومة المغربية إلى قانون تنظيمي يضبط عدد أيامها، بل إن الأمر متروك لرئيس الجهاز التنفيذي الذي يفعل سلطته التقديرية وتبقى لديه صلاحية التأشير من عدمه للوزراء قصد منحهم "الكونجي"، مع إمكانية تحديد المجال المسموح به للوزراء بالتنقل داخله.
وتنص المادة 14 من القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، أن مجلس الحكومة يعقد اجتماعاته مرة في الأسبوع على الأقل، إلا إذا حال مانع من ذلك، وفي حالة تعذر على عضو من أعضاء الحكومة الحضور لاجتماع المجلس الحكومي، عليه إحاطة رئيس الحكومة علما بذلك قبل انعقاد الاجتماع، وأنه في جميع الأحوال، لا تعتبر اجتماعات المجلس الحكومي صحيحة، إلا إذا حضرها أغلبية الوزراء.
وفجَّر هذا الوضع انتقادات للحكومة التي يسود في بعض الأوساط انطباع بضعف مردوديتها، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها السواد الأعظم من المغاربة، ممن لا يعرفون للراحة سبيلا بحثا عن لقمة العيش، زاد من تأزيم وضعيتها غلاء الأسعار وندرة المياه، في وقت تترقب فيه بعض مكونات المعارضة الدخول السياسي لطرح الموضوع للنقاش من أجل ترسيخ قواعد الحكامة الجيدة.
حق مستحق
يرى المحلل والباحث السياسي محمد شقير، أن نيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزراؤه، على غرار باقي المسؤولين السامين وغيرهم من البشر، أياما معينة لالتقاط أنفاسهم هو "حق مستحق"، خاصة وأن أعباء المسؤولية وثقل الملفات يتطلبان الحصول على فترة للخلود إلى الراحة.
وقال شقير في تصريح ل"الأيام 24" إنه "إذا كان الملك، وهو أعلى سلطة في البلاد، يتمتع بعطل استجمام سواء داخل المملكة أو خارجها بشكل قد يؤثر على اجتماع مجلس الوزراء الذي يصادق على أهم القرارات الاستراتيجية بما فيها بعض الملفات التي تعرض داخل مجلس الحكومة والتي يحولها على المجلس الوزاري، فما بالك بالوزراء".
وفي غياب مقتضيات تنظمها، أوضح المتحدث أن عطلة الوزراء تدخل في إطار "العرف السياسي"، مبرزا أنه "جرت العادة أن تتحدد في أسبوع أو اسبوعين خلال فصل الصيف، تنطلق عادة بعد الاحتفال بعيد العرش الذي يصادف 30 يوليوز، لتنتهي بعد ذكرى ثورة الملك والشعب في ال20 من غشت".
ورجح شقير أن تستأنف الحكومة أشغالها في ال22 غشت الجاري، من خلال برمجة الأمانة العامة للحكومة اجتماع المجلس الحكومي لمواصلة تدارس الملفات الآنية، وعلى رأسها مشروع قانون المالية وآلايات تدبير أزمة الماء، وغيرهما من الملفات المستعجلة"، لافتا إلى إمكانية خضوعها إلى تعديل حكومي في المدى القصير القريب.
استخفاف بالمسؤولية
في رده على بعض القراءات التي ربطت تفضيل السلطة التنفيذية الراحة على مواصلة العمل، باستخفاف أعضائها بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم وحجم انتظارات وتطلعات المواطنين المعقودة عليهم؛ استبعد محمد جدري رئيس مرصد العمل الحكومي أي تأثير محتمل ل"المواعيد والمشاريع المتوقفة حاليا في انتظار استئنافها بحلول شهر شتنبر على تدبير الأوراش الاستراتيجية للمملكة".
وأبرز جدري في تصريح ل"الأيام 24″ أن "الوزراء، كسائر الموظفين، يحتاجون إلى قسط من العطلة، سيما وأن وتيرة عملهم سريعة ومستنزفة"، مضيفا: "أسبوعين أو ثلاث أسابيع ليست هي التي ستعطل تنزيل المشاريع، ولا يجب أن ننسى أن غشت يعتبر شهر عطلة بامتياز، سواء في القطاع العام أو الخاص، وبالتالي فمهام مجموعة من المسؤولين والموظفين والعاملين تتوقف".
وأكد رئيس مرصد العمل الحكومي، ضمن حديثه، أن حكومة أخنوش ستكون مطالبة خلال الدخول السياسي القادم، أي شهر شتنبر، بالعودة إلى تدبير الشأن العام بشغف وأن تكون أكثر حماسة في التعاطي مع انشغالات الشارع المغربي أمام التحديات المطروحة.