تناسلت الأخبار والقصاصات مؤخرا بخصوص شروع حزب الإتحاد الاشتراكي بقيادة كاتبه الأول إدريس لشكر في التحضير لتقديم ملتمس رقابة ضد الحكومة، عبر التنسيق مع أحزاب المعارضة بمجلس النواب بدءا بحليفه حزب التقدم والاشتراكية الذي سبق ووقع معه مبادرة للتنسيق من أجل الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية التي تتعرض للتهديد، بسبب "تغول الحكومة". لكن يبدو أن التحضير لتقديم ملتمس رقابة يواجه، من جهة، صعوبات بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، ومن جهة ثانية، عراقيل بين الحزبين وحزبي الحركة الشعبية والعدالة والتنمية اللذين لم يعبرا لحد الآن عن موقفهما من مقترح سحب الثقة من الحكومة.
فرغم أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يبدو متمسكا بالمضي قدما في خطوة تقديم ملتمس الرقابة، إلا أنه من المستبعد نجاحه في إخراجه لحيز الوجود، إذ ظهرت صعوبات في التوافق بين الحزبين الحليفين "الوردة" و"الكتاب" بسبب إعلان إدريس لشكر عن فكرة تقديم الملتمس بشكل "انفرادي" دون الرجوع لحليفه نبيل بنعبد الله.
وعلى الرغم من أن الأمين العام لحزب التقدم الاشتراكية رحب بالفكرة بشكل عام، إلا أنه أكد في تصريح سابق ل"الأيام 24″، أن "الأمور سابقة لأوانها بكثير، إذ لم يتم لحد الآن اتخاذ أي قرار نهائي في الموضوع".
وأضاف بنعبد الله، أن مسألة تقديم المعارضة لملتمس رقابة ضد الحكومة "تناقش في إطار العلاقات بين حزبي التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي"، مبينا أنه بعد استكمال النقاش الجاري بين حزبي "الكتاب" و"الوردة"، "سيتم عرضها على مكونات المعارضة، وآنذاك يمكن أن يتم اتخاذ القرار".
أما عن حزبي الحركة الشعبية والعدالة والتنمية فيبدوان أبعد عن الانضمام إلى هذه المبادرة، إذ لم تعبر قيادتهما السياسية عن أي رأي بخصوص دعم أو رفض تقديم ملتمس رقابة، لكن موافقتهما على تقديم ملتمس رقابة بشكل مشترك مستبعد جدا، خاصة مع تزايد الهوة و"الصراع" بين حزبي "الوردة" و"الكتاب" وحزب "المصباح" بخصوص تعديلات مدونة الأسرة.
ورغم أن تلويح المعارضة بتقديم ملتمس رقابة ضد الحكومة لن يصل إلى مداه بحجب الثقة عن الحكومة، بسبب تمتعها بأغلبية نيابية مطلقة، فإن هذه الخطوة تعد ضغطا أخلاقيا وسياسيا أكثر منه قانونيا على الحكومة.
وينص الفصل 105 من الدستور، على أنه "لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس"، مضيفا أنه "لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس، وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية".
هذا، وعرفت التجربة البرلمانية في المغرب تقديم ملتمسين للرقابة، الأول عام 1964 والثاني عام 1990، ولم يؤدّ أي منهما إلى إسقاط الحكومة، نظرا إلى القيود الدستورية التي تعرفها هذه الآلية السياسية.
ففي 1964، ومع أول تجربة برلمانية عرفها المغرب آنذاك (1963-1965)، تقدمت المعارضة البرلمانية بملتمس الرقابة ضد الحكومة، وقد وقع هذا الملتمس 24 نائبا، لكنه فشل بسبب عدم وجود الأغلبية المطلقة والتي تتمثل في تصويت 73 نائبا وفق مقتضيات دستور 1962 في فصله ال81.
وفي سنة 1990، عاد ملتمس الرقابة للظهور في البرلمان المغربي، وهو ما كان متوقعا قبل 1990 بسنوات، ووُجه ضد حكومة العراقي، ووقعه نواب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال إضافة إلى منظمة العمل وحزب التقدم والاشتراكية، وصوت لصالحه 82 نائبا بينما عارضه 200 آخرين.