في الوقت الذي يدافع فيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن حصيلة نصف الولاية الحكومية ويعتبرها حققت إنجازات تاريخية للوطن والمواطنين، ترى المعارضة أن الحكومة أخفقت في استثمار إمكانياتها لتحقيق إقلاع حقيقي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب رشيد حموني، في حديث ل"الأيام 24″، قال إن التزام الموضوعية في تقييم نصف ولاية الحكومة الحالية، يفرض علينا في البداية استحضار السياق بسلبياته وإيجابياته.
وأوضح أن مرحلة نصف الولاية الحكومية اتسمت بالجفاف الحاد والمتواصل، وبالاضطرابات الدولية التي أثرت على الأسواق العالمية، وبزلزال 08 شتنبر 2023، مردفا: "يمكنني اعتبار كل ذلك ظروفا للتخفيف، رغم أن وظيفة أي حكومة هي معالجة الأوضاع وحل الإشكاليات المطروحة".
ولكن، في المقابل، يسجل الحموني، "علينا أن ننظر أيضا إلى الوجه الثاني من السياق المتسم بتمتع الحكومة بأغلبية مريحة في مختلف الهيئات المنتخبة الوطنية والترابية والمهنية، بما يجعلها مسؤولة كليا عن إخفاقاتها".
وأضاف أن السياق اتسم بوجود مرجعيات وطنية جاهزة للإصلاح، بما يفترض أن تربح الحكومة زمن التفكير في الإصلاح ليظل أمامها فقط ورش التفعيل (النموذج التنموي الجديد، القانون الإطار للحماية الاجتماعية، القانون الإطار للتعليم، القانون الإطار لإصلاح الضرائب، القانون الإطار لإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية…).
كما تميز السياق، وفق الحموني، بمداخيل ضريبية استثنائية متأتية من غلاء الأسعار، أي من جيوب المواطنين، وبارتفاع مداخيل السياحة وعائدات مغاربة العالم، وانتعاشة ما بعد كورونا، وكذلك بارتفاع منسوب التضامن الوطني.
بطالة مهولة
وأكد حموني، أن الحكومة لم تنجح في تحويل كل هذه العناصر السالفة الذكر، بإيجابياتها وسلبياتها إلى فرصة لتحقيق إقلاع حقيقي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أن "أرقام البطالة مهولة، ومعدلات خلق مناصب الشغل هي الأضعف مقارنة مع الحكومات السابقة، والمقاولات الوطنية معظمها يعيش صعوبات كبيرة ومعرضة للإفلاس".
واعتبر أن أكبر إخفاقات هذه الحكومة هو عدم نجاحها في توفير السيادة الغذائية، حيث لا زلنا نستورد معظم حاجياتنا ذات الصلة، في ظل سياسة فلاحية يجب مراجعتها بالنظر إلى اعتمادها على تصدير المياه النادرة واستنزاف الفرشات المائية، دون انعكاس إيجابي داخلي على الأسعار.
أما المسألة الاجتماعية، فقال حموني، إنه "باستثناء الدعم الاجتماعي الذي ندعمه وننبه إلى نقائصه المرتبطة بعتبة الاستفادة، فإن الحكومة لم تحقق فيها شيئا كبيرا"، مشيرا إلى أوضاع التعليم الذي لم تباشر فيه الحكومة الإصلاحات الجوهرية، إضافة إلى أن التقدم التشريعي لمنظومة الصحة لا بد أن يواكبه تعزيز الخدمات الصحية الفعلية لكي نعطي المعنى الحقيقي لتعميم التغطية الصحية.
وأفاد حموني، أن الجميع يلاحظ أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات خاصة أو استثنائية لخفض الأسعار ومراقبة الأسواق والمضاربات، حيث يظل المواطن يعيش تحت وطأة الغلاء، وكأن الحكومة غير موجودة، وهي التي تمتلك صلاحيات وأدوات جبائية ومالية وقانونية للتدخل، لكنها فضلت الوقوف في صف تجار الأزمات ولوبيات المال على حساب أوسع الفئات الشعبية، ملفتا إلى أن مجلس المنافسة سبق وأكد وجود تفاهمات غير مشروعة في مجال المحروقات، لتظل حكامة مناخ الأعمال أحد أهم عوائق الاستثمار.
عجز تواصلي
وبخصوص التوازنات المالية، أشاد حموني، بالصمود الذي أبانت عليه بلادنا حيث نالت ثقة الجهات المانحة، مستدركا: لكن يتعين على الحكومة اليقظة إزاء الارتفاع المطرد للمديونية خاصة في ظل ارتفاع نسب الفوائد في وسط عالمي يتسم باللايقين.
وأبرز أن نصف الولاية الحكومية تميزت بسعي الحكومة إلى المساس بخدمات عمومية أساسية لا يمكن التفريط فيها، ولا سيما من خلال تمرير قانون الشركات الجهوية لخدمات الماء والكهرباء وتطهير السائل، معربا عن أمله في أن يظل هذا القطاع الحيوي تحت الإشراف المباشر للدولة.
وبالنسبة للأبعاد الديموقراطية، سجل رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إجهازا عمليا من طرف الحكومة على التنظيم المستقل لمهنة الصحافة، مشيرا إلى أنه إذا أردنا تنقيط الحصيلة المرحلية للحكومة فإنها لا تتجاوز 5 على عشرة (10/5).
وعن تطلعاتها لما بقي من عمر الولاية الحكومية، دعا حموني، الحكومة إلى إعطاء نَفَس جديد لفضاء الحريات والديموقراطية والتفعيل التام للدستور وإعطاء المكانة اللائقة للأحزاب وباقي الوسائط المجتمعية، من أجل الرفع من منسوب الثقة في المؤسسات المنتخبة، بارتباط مع ضرورة التخليق الذي يبدأ من إصلاح المنظومة الانتخابية بما يتيح إفراز أفضل وأكفأ وأنزه الطاقات في وطننا لتدبير الشأن العام ترابيا ووطنيا.
وخلص حموني، إلى أن على الحكومة أن تتجاوز أحد أهم نقط عجزها، وهو التواصل خاصة ما يتعلق بالتواصل المؤسساتي، ولا سيما من خلال احترام البرلمان واختصاصاته ووظائفه، والتواصل مع المجتمع والرأي العام، والتواصل من خلال فتح النقاش العمومي حول القضايا الأساسية لبلادنا.