عادة يبقى "التعديل الحكومي" شأنا داخليا لأي دولة تريد إعادة النظر في هيكلة مجلس سلطتها التنفيذية إذا فشلت في تحقيق المبتغى، لكن عندما يتعلق الأمر بدولة فرنسا يختلف ذلك وخاصة عندما تكون التعديلات شملت مناصب حساسة كمنصب وزير الخارجية، حيث يشد الأنظار ويجذب اهتمام الدول التي لها علاقات إستراتيجية واقتصادية مع هذه الدولة وفي مقدمتها المملكة المغربية.
واثار تعيين ستيفان سيجورنيه على رأس الخارجية الفرنسية ضجة واسعة وتساؤلات كثيرة حول هدف فرنسا من هذا التعيين، ومدى تأثيره على العلاقات الثنائية مع المغرب، علما أن الوزير الجديد يحمل مواقف معادية للمملكة، إذ سبق وأن قاد حملات ممنهجة في البرلمان الأوروبي ضد المغرب، أولها اتهام المملكة بالتورط في قضية "التجسس" المعروفة ب"بيغاسوس"، وأخرها تحريك ورقة انتهاك المغرب لحرية التعبير والتضييق على الجسم الصحافي.
لكن يبقى السؤال كيف يعمل وزير الخارجية الجديد والمثير للجدل على إعادة ترتيب العلاقات الثنائية بين البلدين، التي عرفت تقلبات دبلوماسية ومواقف صعبة بدأت منذ تطبيق قرار خفض التأشيرات المسلمة للمواطنين المغاربة والجزائريين والتونسيين؟
تعليقا على هذا الموضوع، قال محمد نشطاوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، وخبير بالمركز الوطني للبحوث العلمية والتقنية، إن "هذا التعيين طرح عدة تساؤلات بعد التعديل الحكومي الفرنسي بخصوص مآل العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، حيث تم تعيين ستيفان سيجورنيه على رأس الخارجية الفرنسية، الذي قام بحملة ممنهجة ضد المغرب داخل البرلمان الأوروبي".
وأضاف نشطاوي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "هناك ردود أفعال كثيرة تحوم حول العمل الذي سيقوم به هذا الأخير في علاقة بلاده بالمغرب، وإلى أي حد يمكن أن يؤثر هذا التعيين على العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصاً أن هذه العلاقات لم تخلص من تبعات قضية "بيغاسوس" وأيضا الحملة التي شنها ستيفان داخل البرلمان الأوروبي".
وتابع المتحدث عينه أن "فرنسا ليس من مصلحتها أن تفقد المغرب، خصوصاً بعد الدور الذي بات يلعبه على المستوى الإفريقي، وموقعه الجيوستراتيجي الذي يهم بشكل كبير دولة فرنسا، وكذلك شركاته الاقتصادية باعتباره حليفا استراتيجيا لهذه الدولة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "هذا التعيين لم يمس بالعلاقات بين البلدين، نظراً أنه هناك اختلاف في التصريحات خارج الإطار الحكومي والتصريحات داخل الحكومة، وبالتالي أن الوزير الخارجية الجديد ليس له القدرة على المجازفة بالعلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا".
وأكد أيضا أن "القيادة الفرنسية تريد ترتيب علاقاتها مع المغرب، حيث باتت تنظر بعين الرضى لهذه العلاقات، إذ تبين بالفعل أن هناك مؤشرات إيجابية بين الدولتين في المستقبل القريب".