في خطوة غير مفاجئة، أعلن برلمان كتالونيا، اليوم الجمعة، وبشكل أحادي، الانفصال بشكل نهائي عن الحكومة الإسبانية المركزية، الأمر الذي يعكس التوتّر الطاغي على علاقات الإقليم مع مدريد. وبحث برلمان الإقليم، في اجتماع اليوم - بالتزامن مع انعقاد لجنة تابعة لمجلس الشيوخ في مدريد - سبل التعامل مع خطط الحكومة المركزية الرامية إلى تجريد مسؤولي حكومة الإقليم من سلطاتهم والدعوة إلى انتخابات إقليمية في غضون 6 أشهر.
وأظهرت نتائج التصويت الذي جرى عبر الاقتراع السري المباشر، تفوق الأصوات المؤيدة للانفصال عن إسبانيا بواقع 70 صوتا، مقابل 10 أصوات رافضة، وصوتان اثنان فارغان، من أصل 135 عضوا.
وعقب إعلان نتيجة الاقتراع، تدفقت حشود من مؤيدي الانفصال عن مدريد، بالإقليم إلى الشوارع الرئيسية في الأحياء الكبرى، مرددين هتافات وأغاني محلية.
ردّ فعل مدريد لم يكن مفاجئا بالنظر لجملة التدابير التي لوّحت بفرضها على مدار الأيام القليلة الماضية، حيث فوّض مجلس الشيوخ الإسباني الحكومة المركزية بنقل سلطات كتالونيا إليها.
ويستند قرار "الشيوخ" الإسباني إلى المادة المادة 155 من الدستور، التي تنصّ على حل حكومة إقليم كتالونيا، وإجراء انتخابات مبكرة خلال 6 أشهر.
وتمنح هذه المادة الدستورية رئيس الوزراء سلطة إقالة الحكومة الانفصالية الكتالونية، ووضع شرطتها وبرلمانها ووسائل إعلامها الرسمية تحت وصاية مدريد لمدة 6 أشهر، إلى أن يتم تنظيم انتخابات في الإقليم مطلع 2018.
الرد الإسباني
وتعقيبا على قرار إعلان استقلال كتالونيا، قال رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، اليوم، إنّ بلاده ستقوم بما يلزم ضدّ ذلك. واعتبر راخوي القرار "غير ممكن إطلاقا"، داعيا كافة الإسبان والكاتالونيين إلى "ضبط النفس والتحلي بالصبر" حيال إعلان الاستقلال.
وشدد على أنّ حكومته ستتخذ الإجراءات اللازمة ضدّ هذه الخطوة التي وصفها ب "الجريمة".
مواقف دولية
أما دوليا، فتوالت ردود الأفعال المتباينة، بين رفض، ودعوة إلى الحوار، واعتباره شأن إسباني داخلي.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريتش، كلاً من مدريدوإقليم كتالونيا إلى التوصل إلى "حل في إطار الدستور"، إثر إعلان الإقليم استقلاله.
وقال بيان صادر عن مكتب المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، إنّ "كاتالونيا جزء لا يتجزأ من إسبانيا، والولاياتالمتحدة تدعم التدابير الدستورية للحكومة الإسبانية للحفاظ على البلاد قوية وموحدة".
أوروبياً
قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، معلّقاً على إعلان الانفصال "لم يتغير شيء بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ما تزال إسبانبا الجهة الوحيدة التي نتحاور معها".
بدوره، أعلن رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تاجاني، اليوم، أن الدول (ال28) الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لن تعترف باستقلال كتالونيا.
أمّا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، فاعتبر إعلان الإقليم الاستقلال من طرف واحد، "شأن إسباني داخلي".
وقال ستولتنبرغ، ردا على سؤال مكتوب لمراسل الأناضول، "يجب أن تُحل أزمة كتالونيا، في إطار الدستور الإسباني".
كما لم يتأخر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تعليقه حيث قال "أعلن دعمي الكامل لرئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، من أجل فرض سيادة القانون في إسبانيا عقب إعلان برلمان كتالونيا الاستقلال".
وأضاف، في تصريحات إعلامية من غويانا الفرنسية (أحد الأقاليم الخارجية في أمريكا اللاتينية) "لدي جهة أتحاور معها في إسبانيا، وهي رئيس الوزراء (ماريانو) راخوي".
من جهتها أعلنت بريطانيا، أنها لن تعترف بإعلان استقلال كتالونيا من جانب واحد.
وقال بيان صادر عن رئاسة الوزراء البريطانية، إن "المملكة المتحدة لا تعترف بإعلان استقلال برلمان إدارة إقليم كتالونيا من جانب واحد"، مبررةً ذلك بأن "القرار يستند إلى تصويت تعده المحاكم الإسبانية غير قانوني".