بلغت أسعار زيت الزيتون في الأسواق المغربية حدا قياسيا في الأثمان، ما خلف جدلا واسعا من طرف المستهلكين الذين لم يعتادو على أسعارها الحارقة مع قرب فصل الشتاء القارس، خاصة وأنها مادة أساسية في موائد المغاربة.
وتترواح أسعار هذه المادة ما بين 90 و100 درهم للتر الواحد في بعض مناطق المملكة المغربية، حيث كان من المتوقع أن تنخفض أسعار زيت الزيتون بعد اتخاذ الحكومة قرارا بتقييد تصديرها.
المناخ أولا وميزان العرض والطلب
قال المحلل الاقتصادي "محمد جدري"للأيام 24": إن ارتفاع أسعار زيت الزيتون في الآونة الأخيرة مرده مجموعة من الأسباب، من بينها العرض والطلب، حيث أن المعروض من زيت الزيتون لا يستجيب للطلب في الأسواق المحلية، وبذلك من المتوقع أن يصل ثمن زيت الزيتون إلى مستويات قياسية تفوق 85 أو 90 درهم للتر الواحد، لأن موسم الجفاف في المغرب ارتفع لسنوات متتالية وبالتالي كان له تأثير كبير على المعروض من جني الزيتون.
وأضاف، أن كثرة الطلب على مادة زيت الزيتون تكون خاصة في فصل الشتاء، لأنه يعتبر مادة استهلاكية مهمة عند الأسر المغربية، وبالتالي فإن علاقة العرض مع الطلب هي علاقة غير متوازنة، لهذا من المتوقع أن تبقى أسعار الزيتون في مستويات مرتفعة خلال الأشهر المقبلة.
وأكد المحلل ذاته، أن نزول الأمطار سيساعد على الرجوع إلى مردودية الإنتاج المعتادة في المواسم الخاصة بجني الزيتون، ومن المرجح أن تؤدي إلى انخفاض والتحكم في سعر زيت الزيتون كما كان في السنوات الماضية يصل إلى 50 أو 60 درهم للتر الواحد.
واعتبر "محمد جدري"، أن قرار تقييد تصدير زيت الزيتون كان في محله لإيقاف أسعار الزيت في حدود 90 درهم، لأن لول هذا القرار فقد كان من الممكن أن يتجاوز سعر اللتر الواحد 100 درهم.
الزيتون المستورد
ومن جهته، قال "رشيد ساري" الخبير في المجال الاقتصادي للأيام 24″، إن ارتفاع أسعار زيت الزيتون راجع لعدة عوامل أخرى، من بينها وجود مجموعة من أنواع الزيتون المستوردة، أي أننا لا نعمل بالبذور المحلية، وهذا ما أدى إلى وجود إشكالات كثيرة فيما يتعلق بجني الزيتون، بالإضافة إلى التقلبات المناخية التي أثرت بشكل كبير على مردودية الإنتاج مقارنة بالسنوات السابقة، حيث كان إنتاج قنطار واحد من الزيتون يعطي 10 لترات من الزيت بينما اليوم أصبح القنطار الواحد يعطي 2 أو 3 لترات من الزيت، وبالتالي التكلفة ترتفع بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وأشار الخبير، أن مردودية إنتاج الزيتون في الوقت الحالي تتم بشكل خاطئ وغير معقلن، إذ أنه من الأفضل أن يكون الإنتاج في منتصف أو أواخر شهر دجنبر سيعطي مردودية كبيرة أكثر، ومن الممكن أن تقلص من حدة ارتفاع أسعار زيت الزيتون في الأسواق المحلية.
وعلى غراره أوضح "علي الغنبوري" الأخصائي في المجال الاقتصادي للأيام 24″: أن ارتفاع أسعار زيت الزيتون هي ليست ظاهرة مرتبطة بالمغرب فقط وإنما هي ظاهرة مرتبطة بالعالم ككل، إذ أن أسعار زيت الزيتون قد عرفت ارتفاع كبير في المستوى العالمي بما يفوق 130 في المائة، وهذا راجع أساسا إلى التغيرات المناخية والتأثيرات السلبية على دول البحر الأبيض المتوسط، التي تعتبر من أكبر المنتجين لهذه المادة على المستوى العالمي خاصة اسبانيا، تونس، والمغرب، وبعض البلدان الأخرى. وبالتالي فإن المغرب قد عرف تراجع كبير في المحاصيل التي بلغت أكثر من 50 في المائة، مما أدى إلى انعكاس مباشر واختلال في معادلة العرض والطلب، "الطلب هو أكبر بكثير ويفوق العرض وهذا ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في مادة زيت الزيتون".
وأضاف، أن الإجراءات التي قامت بها الحكومة فيما يتعلق بمنع تصدير زيت الزيتون هو إجراء كان في محله، وإلا كنا سنشهد ارتفاعا صاروخي في الأسعار بشكل كبير.
ومن المرجح أن تكون هناك تدابير وإجراءات أخرى للحد من هذا الإشكال، عن طريق الرفع من المساحات المزروعة فيما يتعلق بأشجار الزيتون وكذلك اتخاذ خطوات لدعم المزارعين والتشجيع على الزراعة، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة بإجراءات ضريبية مثل ما قامت به في سلسلة الإنتاج الفلاحي وخاصة فيما يتعلق بالمدخلات الفلاحية.