رغم الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة بفعل التغيرات الجيوستراتيجية والمناخية، ركز المغرب من جديد في قانون المالية لسنة 2024، على تحسين وتطوير منظومته الدفاعية والحربية، حيث خصص لها ميزانية ثقيلة قدرت ب124 مليار درهم. ويأتي هذا التغيير في إطار إرتفاع منسوب التهديدات والمخاطر الدولية، وعدم الاستقرار في منطقة الساحل الافريقي، بالإضافة إلى تحول جذري لموقع المغرب من بلد مستورد إلى مركز إقليمي لصناعة الأسلحة.
التجنيد العسكري قال إحسان الحافيظي، الخبير الأمني، إن "إرتفاع ميزانية الدفاع يرتبط بمحددين أساسيين: الأول يتعلق بتدابير عمليات التجنيد العسكري سواء تعلق الامر بالأفواج الجديدة وتهم نحو 149 الف مجند أو بالنسبة للشباب الذين تم الحاقها رسميا بالقوات المسلحة الملكية بعد إنتهاء فترة التكوين".
وأورد إحسان الحافيظي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "المحدد الثاني يهم صفقات التسليح التي أبرمتها المملكة المغربية مع كبريات الشركات العسكرية"، مستدركا أن هذ الاستراتيجية تندرج في إطار تطوير منظومة الترسانة العسكرية وتحديثها لرفع جاهزيتها في مواجهة المخاطر الممكنة".
ووفق للخبير الأمني فإن "المغرب يشكل واحة استقرار إقليمي تراهن عليه دول الغرب من أجل مواجهة التهديدات الناشئة عن الإرهاب والتطرف خاصة في منطقة الساحل"، موردا أن "التصعيد الجزائري ضد المغرب وخطابات النظام العسكري العدائية خلال الفترة الأخيرة، ورغم أن غرضها تصدير الأزمات الداخلية لنظام يعاني الهشاشة الإجتماعية والإقتصادية، إلا أن المغرب أخذها بالجدية اللازمة وتعامل معها بشكل إنتهى إلى تحجيم التصعيد الجزائري ضد المغرب".
وأشار أيضا إلى أن "هذا التعاطي الجدي كانت له أيضا كلفة مالية من خلال تطوير منظومة الدفاع وتعزيز الترسانة بغرض تحقيق تفوق عسكري في المنطقة المغاربية".
مجال التصنيع والتهديدات الإقليمية بالمقابل، قال محمد الطيار، الخبير الأمني، إن "المغرب يشهد ارتفاعا في ميزانيات الأسلحة والصناعة الدفاعية والعسكرية بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة، وقد برز ذلك خاصة بمناسبة اعتماد مشروع قانون المالية لسنة 2024 الذي عرف زيادة قياسية جديدة تفوق 4 مليارات درهم مقارنة بالسنة المالية 2023، التي عرفت هي الأخرى زيادة 5 مليارات درهم عن السنة التي سبقتها 2022".
وأردف محمد الطيار، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "مشروع قانون المالية لسنة 2024، سيخصص المغرب 1.04 مليار دولار لقسم اقتناء وصيانة المعدات للقوات المسلحة الملكية. ودعم وتطوير الصناعة الدفاعية"، مبينا أن "الوزارة المسؤولة عن الدفاع الوطني مخولة من أجل الحصول على 12.1 مليار دولار للسنوات المالية 2024-2025".
وتابع المتحدث عينه أنه "قد برز مرة أخرى وبشكل كبير الاهتمام بدعم وتطوير صناعة الدفاع إلى جانب إقتناء الأسلحة وإصلاح المعدات العسكرية، وهذا يؤكد اصرار المغرب إلى توطين الصناعات العسكرية والتحول إلى مركز صناعي للاسلحة مما سيجعله يؤكد مركزه كقوة إقليمية ومحورا دوليا في إفريقيا".
وخلص الخبير الأمني إلى أن "الزيادة في ميزانية الدفاع أمر أصبح يفرض نفسه بقوة بسبب دخول المغرب في مجال التصنيع العسكري، وما يتطلبه ذلك من اعتمادات مالية مهمة قبل جني ثماره"، مضيفا أن عدم الاستقرار في المحيط الإقليمي للمغرب وفي منطقة الساحل الإفريقي، وارتفاع مستوى التهديدات والمخاطر الدولية"، مبرزا أن "المغرب تحول إلى محطة دولية في العديد من الملتقيات الاقتصادية والسياسية والرياضية، مما يستلزم منه تعزيز قدراته الدفاعية والأمنية".