طبقا للفصل 65 من الدستور المغربي وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابا ساميا إلى ممثلي الأمة داخل قبة البرلمان، برسم الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة، هذا الخطاب جاء بلغة إجتماعية خالصة، ذكر من خلالها الحكومة والبرلمان وجميع الفاعلين السياسيين بضرورة الاشتغال على المشاريع الوطنية المجتمعية. ورسم الملك محمد السادس خريطة طريق واضحة وهادفة، بمسارات القيم الدينية والوطنية والاجتماعية، لتمر منها مركبات المشاريع والاوراش وفي مقدمتها مشروع الحماية الاجتماعية الذي يحظ بعناية ملكية بالغة، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا باستقرار الأسرة في إطار تعديلات المدونة، بالإضافة إلى البرامج الإستعجالية التي وضعتها المؤسسة الملكية المتعلقة بكارثة الزلزال، للوصول إلى مبتغى الإصلاح والتنمية الشاملة.
خطاب بحمولة اجتماعية قال عبد اللطيف مستكفي، أستاذ قانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن "هذا الخطاب يمكن اعتباره خطابا ذات حمولة اجتماعية بارزة، ينطلق من التوابث الأساسية للأمة المغربية والقائمة على القيم الوطنية والروحية والدينية والاجتماعية".
وأورد عبد اللطيف مستكفي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "الخطاب تناول العديد من المشاريع أهمها مدونة الأسرة التي كلف بها الملك محمد السادس رئيس الحكومة للاشتغال عليها، بالإضافة إلى مشروع إعادة اعمار المناطق المتضررة من الزلزال، وورش الحماية الاجتماعية"، مشيرا إلى أن "هذه المشاريع تستدعي نوع من الجدية والحزم والاشتغال وفق توجيهات ملكية التي تراع إلى عامل الزمن".
"كان زلزال بمثابة إمتحان نجح فيه المغاربة ملكا وشعبا في تجاوزه، وذلك من خلال المبادرات التي تقدم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كالزيارات الميدانية والتوجيهات السامية الموجهة للحكومة بهدف الاهتمام بالجانب الاجتماعي للمتضررين من الناحية النفسية والمادية"، يقول المتحدث.
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الملك تحدث عن القيم التي يجب يتحلى بها كل مسؤول، كقيم المواطنة والإسلام المعتدل، إذ أبان المغرب على قيم وطنية جميلة وكبيرة تعكس صورة التلاحم والتضامن"، مبرزا دور القيم الإسلامية المتجلية في إطار التعايش والتسامح بين الديانات، بالإضافة إلى البرامج الاجتماعية أولها الحماية الاجتماعية ومدونة الأسرة".
خطابا تاريخيا من جهته، يرى الحسين كنون، المحام والمحلل السياسي أن، "الخطاب الملكي السامي يعد خطابا ملكيا تاريخيا موجها وهادفا، ذكر من خلاله الشعب المغربي والمؤسسات التشريعية والحكومة والنقابات والمجتمع المدني، بأن سر نجاح الدولة المغربية يكمن في مؤسساتها المتمثلة في المؤسسة الملكية المبنية على الدين الإسلامي في إطار إمارة المؤمنين".
وأضاف الحسين كنون، في تصريح ل"الأيام 24″، أن قوة المغرب تتجلى في قيم التآزر والتعاضد، بالإضافة إلى القيم الوطنية والاجتماعية والدينية التي تجاوز بها كارثة الزلزال"، موضحا أن "المغرب يعمل حاليا بفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال".
وتابع المتحدث عينه أن "الملك سلط في خطابه الضوء على الأوراش الاجتماعية المتمثلة في الحماية الاجتماعية التي ستستفيد منها مختلف فئات المجتمع سواء الرجال والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والفئات التي تعاني من الشيخوخة والهشاشة، وذلك من أجل تحسين المستوى المعيشي للمغاربة".
"تحدث صاحب الجلالة على ورش مدونة الأسرة التي تعتبر القلب النابض للمجتمع والعمود الفقري للجسم المجتمعي حيث ستكون الأسرة في المستقبل القريب متمسكة وصلبة قادرة على بناء مجتمع صحي وجيد"، يقول المتحدث، لافتا إلى أن "الجميع يعلم أن الدولة المغربية أصبحت دولة قارية صاعدة موثوقة من طرف أغلبية دول العالم وأن احتضان المغرب لنهائيات أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 والاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين دليل على الريادة المغربية على الصعيد القاري".
وخلص المحلل السياسي إلى أن "الملك بين في خطابه خريطة الطريق للسنة الحالية، التي يجب اتباعها من طرف الأحزاب السياسية والسياسيين والبرلمان وجميع الفاعلين والمتداخلين في الميدان".