في الوقت الذي تتعمق فيه العلاقات المغربية-الإسرائيلية واتساعها نحو مستويات إستراتيجية، عسكرية وأمنية واستخباراتية، تنبئ التطورات الإقليمية الأخيرة عن دينامية جديدة، قد تبدو غير ملائمة بالنسبة لمسار التطبيع، إذ قلب اندلاع الأعمال العسكرية بين اسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينة، كل حسابات السياسية المرتبة بين تل أبيب وعواصم عربية على غرار الرباط، التي أدانت العنف والأعمال العسكرية من الجانبين.
حسابات الربح والخسارة في معادلة التطبيع؟ وهل تنبأ التطورات الإقليمية في الشرق الأوسط بتراجع المغرب خطوة أو خطوتين إلى الوراء في علاقاته بإسرائيل، إن هي خالفت شروط استئناف العلاقات الثنائية؟..
وتعليقا عن الموضوع، يرى محمد طلحة، أستاذ القانون العام، إن الدور المغربي في القضية الفسلطينة رائد يروم إيجاد تسوية عادلة للقضية وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وقرارات القمم العربية، التي احتضن المغرب أكثرها تأثيرا في مسار القضية التي تعهد المغاربة بوضعها في منزلة قضية وحدتهم الترابية.
وأضاف في حديثه ل"الأيام 24″ أن التاريخ لا يمكن طمسه، فبالعودة إلى وثائق الأممالمتحدة وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 تعتبر الفلسطينيين مجموعة لاجئين، وبفضل المغرب في قمة الرباط سنة 1974 اكتسبوا صفة شعب ذي حقوق سيادية على أرضه، وذلك عندما تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني رغم الاعتراضات التي أبدتها وفود عربية مشرقية آنذاك.
وعن ما إذا كان المغرب يواجه ضغوطًا محرجة في علاقاته بإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بممارسات إسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، يقول المحلل السياسي إن الفاعل الرسمي بالمغرب يستعشر رفض تيارات شعبية لاستئناف العلاقات مع تل أبيب، بسبب توالي العدوان الإسرائيلي على الفلسطينين، خاصة بعد وصول حكومة يمينية إلى السلطة تعد الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، مشيرا إلى الرباط يمكن أن تنسحب من الاستئناف على غرار إغلاق مكتب الاتصال الاسراىيلي بالرباط خلال الحرب على لبنان، موضحا أنه يدبر علاقاته الخارجية بحكمة وسيأخذ موقفا حازما وقتما ظهر أن الحكومة الاسرائيلية لن تفِ بوعدها في مبدأ حل الدولتين، الذي ينادي به.
وذكر أن البعدين العسكري والأمني حاضر أكثر من الجوانب الدبلوماسية في العلاقات الاسرائيلية المغربية، من خلال صفقات السلاح المعلن عنها، حيث زوَّدت إسرائيل المغرب بأسلحة متطورة، وبأنظمة للدفاع الجوي، منذ العام الأول لاستئناف العلاقات بينهما. مضيفا أن الاتفاقيات المبرمة تطورت بسرعة من التعاون في مجال الصناعة الدفاعية ونقل التكنولوجيا، إلى توسيعها لتشمل التعاون الاستخباراتي والدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.
منذ فجر السبت الماضي، موعد الهجوم المباغث للمقاومة الفلسطينة على اسرائيل، تحركت الآلة الدبلوماسية للمغرب، ودخلت على الخط، إذ أعرب عن قلقه العميق إزاء تدهور الأوضاع في قطاع غزة ودعا إلى الوقف الفوري للتصعيد، قبل أن يدعو إلى عقد اجتماع عاجل لوزارء الخارجية العرب بمجلس جامعة الدول العربية.