بعد جلسة العمل التي كان قد ترأسها الملك محمد السادس يوم السبت الماضي صبيحة الزلزال المدمر، لبحث الوضع في أعقاب الكارثة، ترأس جلالته، كذلك اجتماع عمل ثاني لتفعيل برنامج الطوارئ، لدعم المتضررين من الزلزال وذلك يوم الخميس المنصرم. وفي بلاغ صدر، فور نهاية الاجتماع، تم الاعلان عن قرار مجلس ادارة مجموعة المدى، والتي يعد الملك محمد السادس مساهما رئيسيا بها، التبرع ب 100 مليار سنتيم، الى الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن زلزال الحوز.
كما قام جلالته، في وقت سابق بزيارة تفقدية الى مستشفى مراكش حيث تبرع بدمه لمتضرري زلزال الحوز، ومنح يتامى الكارثة صفة مكفولي الأمة.
المواكبة المولوية الاستعجالية والجدية للأوضاع بعد كارثة الزلزال الأليمة، بصفته رئيسا للدولة،ليست بالأمر الجديد أو الغريب على الملك السادس، حيث كان دائما حاضرا في مثل هذه الظروف، ونتذكر مواكبته وتوجيهاته عقب زلزال الحسيمة وأثناء فترة جائحة كوفيد، بحسب الدكتور والمحلل السياسي زهر الدين الطيبي .
وتابع الطيبي في تصريح "للأيام24″، أنه وبعد الزلزال مياشرة وبيوم واحد ترأس الملك، جلسة عمل وأعطى توجيهاته لمواكبة الضحايا بشكل استعجالي وجدي، كما فتح حساب خاص لمساعدة المنكوبين وإعادة الإعمار، وقد لاحظنا مباشرة التضامن الكبير لكل مكونات الشعب المغربي لضحايا الزلزال، هذه كلها ، بحسب الطيبي، إجراءات جريئة تروم الحفاظ على كرامة المواطنين المتضررين وصيانة حقوقهم، وهذا نموذج يحتذى به وأصبح مثالا لتضامن الدولة والشعب مع المتضررين من هذا الزلزال.
وعن دلالات مساهمة مجموعة المدى والتي يعد الملك محمد السادس مساهما رئيسيا بها، التبرع ب 100 مليار سنتيم الى الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على زلزال الحوز، قال الأستاذ في العلوم الإنسانية أن جلالته، كان دوما سباقا للمساهمة والتبرع في مثل هذه الحالات وكان كذلك الحال ابان فترة كوفيد.
وبحسب الطيبي، فإن هذه المساهمة بشأنها أن تشجع المؤسسات العمومية والخاصة وكبار المسؤولين على الانخراط فيها في إطار تفعيل الفصل 40 من الدستور، الذي ينص: " على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، والتكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد".
كما تندرج هذه المساهمة، يضيف الخبير في الشؤون السياسية، في إطار التضامن مع إخواننا المتضررين من الزلزال، وينتظر أن تفوق مساهمات هذا الصندوق ما تم جمعه خلال فترة جائحة كوفيد وتسمح بإعادة إعمار المناطق المنكوبة وتجهيز البنيات التحتية وفق دفاتر تحملات تحترم الخبرة والهندسة المعمارية للمنطقة واحترام خصوصياتها المتفردة.
وبخصوص مبادرة الملك محمد السادس المتعلقة بالتبرع بالدم، وتفقد المصابين بمستشفى مراكش، قال زهر الدين الطيبي، إن مبادرات ملك إنسان يتبرع بدمه ليؤكد للجميع التحام الملك بالشعب، وهي مبادرة تبين أن العلاقة التي تجمع العرش بالشعب هي علاقة متينة تجعل ما يحدث للشعب يشعر به الملك، فهي تشكل بحسب المتحدث، دعما كبيرا لعائلات الضحايا وذويهم، وهي التفاتة كريمة تجسد العناية الملكية السامية، وتعبر عن تضامنه الكامل وعطفه على الضحايا والعائلات المكلومة.
كما تجسد زيارة الملك للمركز الاستشفائي الجامعي "محمد السادس" بمراكش، بحسب الطيبي، العناية التي يحيط بها ضحايا زلزال الحوز، وتكرس التكافل القائم بين الملك وشعبه في السراء وفي الضراء، بما يمكن المملكة من تجاوز الأزمات والتطلع إلى المستقبل بإقدام وعزم، من جهة ثانية فإن منح يتامى الكارثة الطبيعية صفة "مكفولي الأمة"، والدعوة إلى إحصائهم والتكفل الفوري بهم، تعتبر التفاتة مولوية سامية تجاه هؤلاء الأطفال لحمايتهم من التشرد وضمان مستقبل واعد لهم.
ويمنح القانون المغربي لمن يتمتعون بصفة "مكفولي الأمة" خصائص عديدة؛ من تدريس وتطبيب وأسبقية في وظائف عمومية، خاصة أنها صفة تمنح لحالات خاصة وفق ظروف خاصة. وبمقتضى القانون، "يتمتع الأطفال المعترف لهم بصفة مكفولي الأمة بحق الاستفادة من الرعاية المعنوية والمساعدة المادية إلى حين بلوغهم سن الرشد أو الانقطاع عن دراستهم، ويخولون الحق في الخدمات التي يمكن أن تقدمها لهم مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين".
وخلص المحلل السياسي، إلى أن هذه المبادرات الملكية الإنسانية، تؤكد للعالم مدى تلاحم الشعب والمؤسسة الملكية، وتفسح المجال لأمل جديد، وغد أفضل في مغرب التحديات، ومغرب التضامن، الذي يقل نظيره في الدول التي شهدت هكذا أزمات نتيجة الكوارث الطبيعية..