يصادف الأربعاء 5 يوليوز، عيد استقلال الجزائر الواحد والستين. 61 سنة من الزمن تظل شاهدة على تحول عميق في سياسات الجزائر تجاه المملكة المغربية، بعد أن تحولت من دولة جارة ساعدها المغرب من أجل إزالة قيود "الاستعمار الفرنسي"، إلى دولة مناوئة لمصالحه، وتحتضن ضمن ترابها جبهة "البوليساريو".
وباستمرار النهج ذاته بين البلدين ومواصلة الجمهورية الجزائرية اعتبارها المغرب "عدوا كلاسيكيا"، فضلا عن رفضها أي خطوة لإعادة العلاقات معه كلما مد يده للسلام. يمكن التساؤل بمناسبة ذكرى الاستقلال بالجمهورية عن الدوافع والأسباب الكامنة وراء "حقد" الجزائر العاصمة على نظيرتها الرباط، وعن ظروف تنامي عداء النظام الجزائري تجاه المملكة المغربية قيادة وشعبا، إضافة إلى نقاط خفوته وازدهاره كذلك طيلة العقود الستة الماضية.
وفي هذا الصدد، قال البراق شادي عبد السلام، الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع إن "تنصل الجزائر من اتفاقاتها حول مسائل حدودية مع المغرب واحتضانها لجماعة انفصالية ودعمها بالتدريب والسلاح، إلى جانب العبث بالأمن القومي للمملكة المغربية ومعاكسة طموحاته السلمية؛ كلها أسباب تحول بها المغرب من دولة جارة قدمت الغالي والنفيس لدعم الثورة الجزائرية، إلى عدو كلاسيكي يشكل تهديدا لطموحات الجزائر في تحقيق حلم الدولة البومدينية إقيلميا وقاريا".
وأضاف البراق في حديثه ل"الأيام 24″ أن اليد المغربية للسلام لا تزال ممدودة أمام النظام الجزائري، غير أن تعنت هذا النظام ورغبته الجامحة بإدخال المنطقة في آتون حرب إقليمية لتغطية إخفاقاته الداخلية هو ما يجعل من سياسته العدائية تجاه المملكة الحل الوحيد لتبرير تبديده ثروات الشعب الجزائري في سياسات تسليحية ضخمة و دعم "البوليساريو" في تندوف على حساب جهود التنمية".
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية الجزائرية تجاه المغرب، أوضح المتحدث ذاته أن "الجزائر بعد استقلالها وفي إطار الدولة البومدينية سخرت كل إمكانياتها المادية واللوجيستية قصد الإضرار بالأمن القومي المغربي وسيادته على كامل أراضيه، ذلك أن حرب الرمال في سنة 1963 ستشكل طبيعة سياستها الخارجية للفترة اللاحقة".
"وفي المرحلة ما بين 1976 و1991، قامت الجزائر بدعم "البوليساريو" من خلال توفير الدعم اللوجيستي المادي والعسكري لها والتغطية الديبلوماسية عنها، في محاولة يائسة منها لعرقلة جهود المغرب في تحقيق وحدته الترابية". يضيف البراق، مردفا أنه "في نهاية سنوات الثمانينيات وبفعل تطورات داخلية وتغيرات جيواستراتيجية كبرى، كانت هناك محاولات انفتاح جزائرية في عهد الشاذلي بن جديد تجاه المغرب، غير أن أزمة العشرية السوداء التي أودت بالرئيس محمد بوضياف الذي كانت له طموحات واضحة لإنهاء عقيدة العداء الديبلوماسي والعسكري تجاه المغرب".
أما فيما يتعلق بحقبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوضح شادي عبد السلام أنه "خلال هذه الفترة عادت عقيدة العداء البومديني للترسخ أكثر داخل النظام الجزائري، مع عودة وجوه محسوبة على نظام بومدين إلى محيط الرئاسة الجزائرية"، متابعا أن "بعد مرحلة الحراك الشعبي سيتولى السعيد شنقريحة رئاسة الأركان كأحد أكثر قيادات الجيش تطرفا ورغبة في إشعال حروب إقليمية مع المغرب الذي يعتبره عدوا كلاسيكيا".
وبخصوص استمرار تنامي "عقدة المغرب" لدى الساسة الجزائريين، أكد الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، "أن منطلقاتها الأساسية تتعلق ب"أسباب تاريخية بحتة ترتبط بعقدة التاريخ الإمبراطوري للمغرب التي باتت ملازمة للعقل السياسي الجزائري"، مشيرا إلى أن "الجزائر تبحث اليوم عن هوية حضارية وشخصية تاريخية تستطيع بها التموقع جيوسياسيا".
وخلص المتحدث عينه إلى أنه وفي السنوات الأخيرة، "استطاع النظام الجزائري للأسف زرع بذور العداء ضد الشعب المغربي في عقول الجزائريين، وهو ما تجسد في الاعتداءات الجسدية واللفظية ضد المنتخب المغربي سواء في الألعاب المتوسطية او في كأس افريقيا للشباب بالجزائر".