بعد أن كانت الجامعة الوطنية للتعليم FNE حاضرة في مختلف جلسات الحوار الاجتماعي الذي كانت تعقده النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أصبحت الآن تجلس في موضع التماس بسبب رفضها لعدة اتفاقات جاءت بها الوزارة المعنية.
الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم عبد الله غميميط، كشف في حوار مع "الأيام24" عن بعض نقاط الخلاف الذي حدث بين النقابة والوزارة والذي أدى إلى إقصائهم، وأيضا النقاط السلبية التي يحملها النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي وزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة.
كيف كانت تمر أجواء الحوار الاجتماعي مع وزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة بقيادة الوزير شكيب بنموسى، باعتباركم من النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية بالمغرب ؟
الجامعة الوطنية للتعليم هي من النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية، انخرطت بوعي ومسؤولية في الحوار الاجتماعي منذ قدوم وزير التربية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، وعلى أمل أن يتم فتح آفاق في ملف المطلبي لنساء ورجال التعليم. هذه الحوارات التي بدأت في 15 أكتوبر 2021، والتي تم فيها الاطلاع على الأزمات التي تعيشها المنظومة باعتبارها أزمة عميقة وبنيوية ومركبة، وترجع مسؤوليتها الأولية إلى الدولة، لأنها هي المسؤولة عن المردودية التعليمية داخل البلاد، سواء لا من ناحية النفقات أو الاعتمادات المخصصة للقطاع أو الميزانية السنوية، وكذلك أيضا على مستوى اصلاح التعليم. فالسؤال الذي يطرح حول هذه الإصلاحات هل هي من صميم المدرسة والفاعلين في هذا القطاع؟ أم اصلاح مفروض من الخارج من طرف مؤسسات مالية خارجية؟ وهذا كان له انعكاس واضح على صورة التعليم. نحن قدمنا رؤيتنا للوزير عبر ملف مطلبي يتضمن جميع الاختلالات التي يعيشها القطاع وأيضا مشاكل العاملين والعاملات داخل المنظومة التربوية التعليمية. إذن الوزير شكيب بنموسى رحب في الأول بالإقتراحات وبالعرض الذي قدمته النقابة، وصرح أيضا أنه على وعي بالإكراهات التي يعيشها قطاع التعليم، ويعرف المسؤولية المحمولة على عاتقه في هذا الشأن. وأطلق بنموسى أول اجتماع في بداية شهر يناير مع النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية، حيث تم نقاش الملفات العالقة والتي كانت تتضمن سابقا خلاصات في عهد الوزير السابق، تتجلى في إبرام إتفاق مرحلي في 18 يناير 2022، الذي تضمن بدوره ست ملفات، حيث اعتبرته الجامعة الوطنية للتعليم غير كافي، لكن في إطار حسن النية وانخرطنا في التوقيع عليه على أمل في النقاط المتبقية بما فيها النظام الأساسي. واستمر النقاش في مجموعة من اللجان، من 16 مارس 2022 إلى 25 شتنبر 2022 في إطار نقاش مضامين مشروع النظام الأساسي الذي رفضت الوزارة تسليم نسخة منه، بل أكدت أنها لا تتوفر عليه، وكانت تحاول المساهمة في هذا النقاش عبر عروض من طرف ممثلين الوزارة. هذا وقد نتج عن ذلك خلافات بين النقابات والوزارة حيث كنا ننتظر من الوزارة المعنية وضع حد لهذه النزاعات التي خلفها النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي، وحل هذه المشاكل من طرف لجنة الرئاسة التي يترأسها الوزير شكيب بنموسى. ولم يتم التفاعل مع هذه الوضعية حيث تشبث بنموسى بمختلف العروض التي قدمها الممثلين الوزاريين، وكان يرفض المزيد من النقاش، وبالتالي نعتبر أن النقاش كان يحكمه منطق الابتزاز، لأنه لم يكن يحظى بتفاعل جدي ويأخذ منطق النقاش العميق، لهذا اتخاذنا موقف الرفض بخصوص التوقيع على اتفاق 14 يناير 2023.
نظرا أن الجامعة الوطنية للتعليم FNE كانت في عدة مناسبات طرفا في الحوار الاجتماعي، إذن ماهي الأسباب الحقيقية وراء إقصائكم من الحوار القطاعي؟
إن الجامعة الوطنية للتعليم كانت دائما حاضرة ومساهمة باستقلالية تامة في قراراتها ومواقفها من كل القضايا التي كانت تناقش داخل الحوار الاجتماعي، وبعد استنفاد جميع الجلسات التي انعقدت بحضور وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى من أجل دراسة الملفات العالقة، حيث توقف الحوار ابتداء من 2 دجنبر 2022 إلى حدود 12 يناير 2023، إذ تفاجئنا بطلب عقد اجتماع نقابي مع باقي النقابات والذي بادرت من خلاله طرح مسألة التوقيع على محضر الاتفاق، بدعوى أنه هناك تقدم في المخرجات، إذ لم يكن هناك حلحلة من طرف الوزارة، إلا في ملف المقصيين والمقصييات خارج السلم والذي باشرت من خلاله بتمتيع المتقاعدين سنة 2023 بالترقية ولم تكن هناك زيادة في الأجور. وأن النظام الأساسي والمضامين التي نقشت بينت أنه هناك تراجع كبير وخاصة من ناحية الإطار القانوني والتقييم والمهام، حيث هناك ملفات لم يتضمنها الإتفاق، كما أن هذا النظام سيجعل السلك الابتدائي فريسة للجمعيات والمؤسسات التي تشتغل بشكل مفوض، حيث يعتبر هذا من أبرز معالم الهشاشة في القطاع. وهناك مجموعة من الملفات يقال أنها تتوفر على حلول لكن هذه الحلول غير منصفة وستخلف متضررين بعد ذلك، ونحن عبرنا على رأينا بأن هذا الإتفاق غير قادر على حلحلة الملفات ولا يستجيب لتطلعات رجال ونساء التعليم، ولا يسمح لنا أن نكون آداة لدبح الشغيلة التعليمية، الشيء الذي جعل الوزارة تصدر قرار اقصاءنا من الحوار الاجتماعي بدون مبررات في ضرب سافر لمبادئ الديمقراطية، حيث تجاوزت الوزارة كل القوانين الدولية ذات صلة بمفاوضات التمثيلية والجماعية، وكذلك تجاوزت أيضا آدبيات الوزارة المتعلقة بالتمثيلية النقابية.
كيف هي طبيعة العلاقات التي تجمع بين النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية مع الوزارة المعنية ؟
بالنسبة للنقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية هي من مشارب ومدارس مختلفة، هناك نقابات لها ارتباطات بأحزاب حكومية وامتدادات داخل البرلمان و وأيضا داخل المجلس الأعلى للتعليم، حيث هناك تفاوت في علاقة النقابات مع الوزارة، هناك نقابات غير مستقلة يعني لها علاقة مع الحكومة والدولة.
أما الجامعة الوطنية للتعليم هي نقابة تعليمية مستقلة في قرارتها عن الأحزاب والوزارة والدولة والحكومة، فعلاقتها مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي هي علاقة ينظمها القانون، رغم التجاذبات التي تكون بين الطرفين، لأن الوزارة المعنية تبحث دائماً عن النقابات غير المستقلة التي لها نفس المواقف والاختيارات التي تتبنها الوزارة التعليمية.
لماذا تبنت الجامعة الوطنية للتعليم FNE موقفا رافضا لاتفاق 14 يناير 2023 ؟ في ظل جلسات النقاش التي تؤخذ على مستوى اللجنة التقنية الذي تنعقد بين النقابات الأربعة والوزارة المعنية، هي جلسات تطبعها السرية وعدم إطلاع رجال ونساء التعليم على مضامين هذه اللقاءات، فقط هناك بعض المؤشرات التي توحي بأن النظام الأساسي لم يتضمن الإشكالات الكبرى كملف الأساتذة المتعاقدين وأيضا باقي القضايا والثغرات التي تركها النظام الأساسي لسنة 2003. وبالتالي نعتبر أن النظام الأساسي المستقبلي هو نظام تراجعي، سيحاول المس بهشاشة القطاع وأيضا بباقي المكتسبات كالحق في الإضراب والاحتجاج.
وسط هذا الجدل القائم حول النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، كيف تنظرون إلى هذا القانون الجديد في مستقبل رجال ونساء التعليم ؟
القانون الجديد سيكون تراجعي على مستوى الحقوق والواجبات، هذا النظام سيكون خارج الوظيفة العمومية وسيشكل ضربة لكل المكتسبات التاريخية التي حققتها حركة الشغيلة التعليمية خلال عقود من النضالات والتضحيات، ناهيك عن سعيه لتفتيت هيئات كانت تحظى بالوحدة والاستقلالية الوظيفية (التوجيه والتخطيط)، وفرض نظام تقويمي يعتمد على المردودية كآلية من آليات المقاولة، وسيعمل على الزيادة في المهام لكل العاملين في القطاع، واسنادهم مهام خارجية ما كان يؤطره نظام 2003 (اسناد انشطة الحياة المدرسية وأخرى للمدرس إضافة لمهام التدريس)، مقابل استمرار ربط التقييم بعدم ممارسة الحق في الاضراب والانخراط في العمل النقابي وهو ما يشكل تضييقا سافرا على العمل النقابي، مع استمرار الحكومة والوزارة في رفضهما رفع أجور الموظفين بالقطاع بما يتناسب مع مهامهم الجسيمة والشاقة.