في الوقت الذي يسير فيه المغرب واسبانيا نحو تعزيز علاقاتها الدبلوماسية، خاصة بعد الانفراج الذي عرفته في السنة الماضية؛ يبدو أن ملف مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين من طرف اسبانيا يأبى الانفراج بعد، والتجاذبات لم تزل بشأنه مثيرة مخاوفا اسبانية بشكل خاص أمام تشبث المغرب باسترجاع المدينتين. وتعيش مدينة مليلية المحتلة، في الآونة الأخيرة، على صفيح ساخن بسبب الانتخابات المحلية المقرر عقدها في ال 28 من الشهر الجاري، والتي ستمكن الناخبين في العديد من المناطق وجميع البلديات في إسبانيا اختيار حكومات جديدة. ما يثير مخاوف عدد من السياسيين الإسبان من "تدخل المغرب" للتأثير في نتائج هذه الانتخابات التي ستحدد من سيتولى رئاسة مدينتي سبتة ومليلية. وهو الحدث نفسه الذي جعل أصابع إسبانية تتجه نحو المغرب لاتهامه بسرقة الأصوات وتزوير الانتخابات.
فقد أعلنت السلطات الإسبانية، أمس الثلاثاء، عن قبض الشرطة على تسعة أشخاص على الأقل في مليلية بسبب مزاعم تزوير انتخابات شملت آلاف بطاقات الاقتراع بالبريد للانتخابات المحلية والإقليمية المقبلة في البلاد. وذلك بعد أن سجلت المدينة، سرقة أشخاص مقنعين، كانوا يقودون سيارات بدون لوحات تسجيل في الأحياء الهامشية، لأصوات من ساعي البريد.
ما أعاد الجدل من جديد إلى مليلية، نظرا للحادثة الشهيرة التي كانت شهدتها الانتخابات البلدية في سنة 2008، عندما تم اكتشاف عمليات تزوير لأصوات الأشخاص المرسلة عبر سعاة البريد، لصالح المرشح ذو الأصول المغربي، مصطفى أبرشان، الذي تمت معاقبته بعد ذلك بعدم المشاركة السياسية، وهي العقوبة التي تنتهي في الصيف المقبل.
في الوقت نفسه؛ نشرت جريدة "إل اسبانيول" الاسبانية خبرا عن اعتراض السلطات المغربية ل 80 صوتا مزورا، خلال الفترة الماضية، عبر البريد من مليلية، بعد حجز 36 بطاقة تصويت مع امرأة و36 أخرى مع رجل.
وجريدة "ال كونفيدونثيال" هي الأخرى نشرت خبرا عن اشتباه جهات استخباراتية وإعلامية في "تورط المغرب" في القضية. وقالت الجريدة إن الشرطة والحرس المدني ومركز المخابرات الوطني ( سي إن آي) يحققون في تورط المغرب في "مؤامرة التصويت في مليلية" عبر شراء أصوات لدعم حزب التحالف من أجل مليلية، الذي يقوده مصطفى أبرشان، وبالتالي تقوية النفوذ السياسي للرباط داخل المدينة.
وفي سياق هذه التخوفات القائمة؛ كان وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، قد وصف عملية "الشراء" المفترضة للأصوات بالبريد في مليلية المحتلة، ب"الخطيرة للغاية".
وبدره، وجه وزير الخارجية الإسباني السابق، خوسيه مانويل غارسيا مارغايو، اتهامات للمغرب تتعلق بشراء الأصوات في الإنتخابات المحلية بمدينة مليلية المحتلة. فقال مارغايو، في مقابلة مع تلفزيون مدريد، أنه يشك في أن المغرب تدخل في مؤامرة لشراء الأصوات في مليلية، وسيصاب بالدهشة إذا لم يكن للمغرب علاقة بهذا الأمر.
وفي ال 14 من ماي الجاري، اتهم رئيس مليلية المحتلة، إدواردو دي كاسترو، خلال مقابلة مع صحيفة "إلبيريوديكو" الإسبانية، المملكة المغربية باستخدام وسائل مختلفة ل "خنق مليلية اقتصاديًا"، مشيرا إلى أن المغرب يشن حربًا دون إطلاق النار. معتبرا أن لمليلية وضع أكثر حساسية بسبب قربها الجغرافي من منطقة الريف التي وصف سكانها بأنهم عدوانيون مقارنة مع باقي المغاربة، مطالبا بدمج المدينة في الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص في اللجنة الأوروبية للأقاليم.
وقالت صحيفة "جون أفريك" إن هذه التصريحات تأتي بعد شهر من تصريحات رئيس مجلس المستشارين المغربي، النعم ميارة، التي شدّد فيها على أن "حزب الاستقلال يؤمن بأنه سيأتي يوم سيسترجع فيه المغرب مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، ليس بالسلاح ولكن بالحوار والمفاوضات الجادة مع الجارة إسبانيا".
وكان إدواردو دي كاسترو، المطرود من الحزب الإسباني "سيودادانوس" في أبريل 2021، ينتقد بشدة رئيس الحكومة الإسبانية؛ بيدرو سانشيز؛ وتغيير موقف إسبانيا من نزاع الصحراء المغربية، الذي يعتبر أن بلاده لم تستفد منه شيئا باستثناء انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين.