لا تزال المعارضة الفنزويلية الخميس تدرس الرد على اخر اجراءات الحكومة ضد رموزها السياسيين، فيما حذر معارضون من أن هذه الاجراءات من شانها ان تؤسس لديكتاتورية في هذا البلد اللاتيني. وليلا، قضت المحكمة العليا للمرة الثانية هذا الاسبوع بسجن رئيس بلدية معارض لعدم منعه تظاهرات مناهضة للحكومة في بلديته بالسجن 15 شهرا.
وقال احد اعضاء الجمعية التأسيسية الموالية للحكومة أن المعارضين الراغبين في الترشح للانتخابات الاقليمية في كانون الاول/ديسمبر يتوجب عليهم الحصول على شهادة "حسن سلوك" من الجمعية للترشح.
وعززت هذه الاجراءات من اتهامات الولاياتالمتحدة ومعظم دول اميركا اللاتينية بأن الرئيس نيكولاس مادورو يطيح بالديمقراطية ويحكم من خلال "ديكتاتورية".
والاربعاء، فرضت الولاياتالمتحدة عقوبات مالية جديدة على فنزويلا، هي الثانية من نوعها بعد فرضها في 31 تموز/يوليو عقوبات قانونية ومالية غير مسبوقة على مادورو.
وتطال الإجراءات الجديدة المعلنة الأربعاء ثمانية مسؤولين، بينهم أحد أشقاء الرئيس الراحل هوغو تشافيز (1999 - 2013)، ضالعين في تاسيس الجمعية التأسيسية المنتخبة حديثا بالرغم من موجة استنكار دولية.
وافاد بيان صادر عن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين "ج م دت كل أصول هؤلاء الأفراد في الولاياتالمتحدة وي حظر على المواطنين الأميركيين التعامل معهم".
واعلنت الارجنتين والبرازيل وكندا وتشيلي والمكسيك ودول أخرى في أميركا اللاتينية والشمالية عدم الاعتراف بالجمعية الجديدة التي اقالت النائبة العامة لويزا اورتيغا، واصدرت قرارات اخرى لسحق المعارضة.
واحتجت فنزويلا لدى 11 سفارة لديها في كراكاس حيال الادانات الصادرة للاحداث الدائرة فيها، فيما دانت الولاياتالمتحدة لعدم احترامها "اي مبدأ اساسي للقانون الدولي".
وتشهد فنزويلا منذ اربعة اشهر تظاهرات مناهضة للرئيس مادورو تطالب باستقالته ما ادى الى سقوط نحو 130 قتيلا.
وقضت المحكمة العليا في البلاد بالسجن 15 شهرا على ديفيد سمولانسكي رئيس بلدية هاتيللو في العاصمة كراكاس وحرمته من حقه في الترشح للمناصب السياسية، وهو حكم مماثل لما قضت به ضد رامون موشاشو، رئيس بلدية شاكاو الراقية في كراكاس.
ونشر سمولانسكي فيديو على الانترنت دعا فيه لتظاهرات ضد الحكم بسجنه "في كل شوارع" بلديته.
لكن الدعوة لم تلق تجاوبا الخميس في شوارع بلديته حيث وضعت متاريس من القمامة في الطريق.
ولا يزال ائتلاف المعارضة الذي يضم نحو 30 حزبا سياسيا تحت اسم طاولة الوحدة الديموقراطية، يحاول مواصلة الضغوط على مادورو الذي يسعى لاقالته عبر انتخابات مبكرة.
والاربعاء، وبعد مناقشات مطولة، أعلنت المعارضة الفنزويلية انها ستتقدم بمرشحين الى الانتخابات الاقليمية التي ستجري في 10 كانون الاول/ديسمبر، مع مسعاها لالزام مادورو باجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين الاول/اكتوبر 2018.
وترجح استطلاعات الراي ان المعارضة ستفوز بمعظم محافظات البلاد ال23، في اعادة لانتصارها الساحق في 2015 الذي سمح لها بالسيطرة على البرلمان.
يذكر ان الجمعية التاسيسية تتمتع بسلطات أعلى من كافة هيئات الحكومة، بما فيها البرلمان.
وتراجعت شعبية مادورو وحكومته الى ادنى مستوياتها، إذ تفاقم الوضع الاقتصادي البائس ويكافح غالبية السكان لتأمين الحاجات الاساسية في ظل ارتفاع حاد غير مسبوق في معدلات التضخم ونقص الاغذية والادوية.
وفي محاولة لعرقلة مشاركة المعارضة في الانتخابات الاقليمية، أشار عضو الجمعية التاسيسية الواسع النفوذ ديوسدادو كابيلو إلى ضرورة حصول مرشحي المعارضة على موافقة الجمعية قبل الترشح الى الانتخابات.
وقال كابلو إن المعارضين ينبغي عليهم التقدم للحصول على "شهادات حسن سلوك" من الجمعية التاسيسية للتعهد بمنع اي عنف في الشوارع.
وأدى انتخاب الجمعية الجديدة وحملة القمع ضد المعارضة لانتقادات حادة من واشنطن.
وقال وزير الخزانة الأميركي ان "الرئيس مادورو اقسم في هذه الجمعية التاسيسية غير الشرعية على تدعيم ديكتاتوريته والاستمرار في احكام قبضته على البلاد"".
وشدد منوتشين على أن "هذا النظام مرفوض والولاياتالمتحدة ستقف الى جانب المعارضة ضد الطغيان حتى تستعيد فنزويلا ديموقراطية مزدهرة وسلمية".
وجاء رد النظام الفنزويلي على التدابير العقابية الاميركية الجديدة سريعا على لسان وزير الخارجية خورخيه أرياسا الذي قال إن الولاياتالمتحدة "تحيل نفسها الى موضع سخرية أمام العالم أجمع".
ورغم تعرضها للادانة على نطاق واسع، فإن فنزويلا ليست معزولة دوليا بالكامل.
فهي بوسعها الاعتماد على دعم روسيا والصين، التي منحت كراكاس قروض بعشرات مليارات الدولارات، إضافة إلى حلفائها اليساريين كوبا، وبوليفيا ونيكاراغوا وعدد من دول الكاريبي الصغيرة التي تحصل على نفط زهيد الثمن من كراكاس.