ما يزال صدى أزمة التأشيرات الفرنسية وانعكاسها سلبا على العلاقات مع المغرب، تلقي بظلالها الباردة، وآخر ردود الفعل الرسمي بشأن الموضوع، ما قالته وزارة الخارجية المغربية، كون ملف التأشيرة لدى التمثيليات الأجنبية المعتمدة بالمغرب، يبقى موضوعا سياديا يعود أمر تدبيره بالطريقة الملائمة إلى القنصلية أو السفارة المعتمدة بالمغرب. وتفاعلا مع عودة أزمة التأشيرة إلى الواجهة من جديد، قال ناصر بوريطة وزير الخارجية في جواب له على سؤال كتابي تقدمت به المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، حول معاناة المواطنين من هيمنة تدخل وسطاء تأشيرات السفر إلى الخارج،" أن ذلك يتم إما بتدبيره مباشرة مع المرتفقين المغاربة كما هو الحال مع العديد من السفارات والقنصليات، أو عبر ما يسميه البند 06 من المادة الأولى في القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، الصادر سنة 2009، ب "المعالج من الباطن" أو التدبير المفوض لمسك ومعالجة طلبات التأشيرة، الذي بموجبه تكلف بعض السفارات والقنصليات بالمغرب بعض الشركات بمهمة دراسة وتهيء الملفات وحجز الموعد لطالبي التأشيرة قبل إرسالها للسفارات والقنصليات من اجل استصدارها من عدمه.
وأوضح بوريطة أن وزارته تتابع عن كثب سياسات وممارسات البلدان في مجال التأشيرة، خاصة تأثر انسيابية منح التأشيرة بالترتيبات التنظيمية الجديدة التي اعتمدتها بعض الدول في إطار مراجعة خدماتها القنصلية، من قبيل اللجوء إلى متعهدين خواص لاستقبال طالبي التأشيرة وتلقي ملفاتهم، وهو ما أسفر عن ارتفاع في رسوم الخدمات وبعض التأخر في دراسة الملفات.
ولا يخف على الوزارة، وفق ما أكده بوريطة أنه في بعض الحالات، قوبلت أعداد مهمة من طلبات التأشيرة لبلد أوروبي محدد، بالرفض رغم استيفاء أصحابها لكل الوثائق والشروط والضمانات المطلوبة عادة، ومنها حتى حالات حظيت بصدى في وسائل التواصل الاجتماعي، بل وتفاعلت معها الصحافة والرأي العام بالتساؤلات وتعليق تطبعها الحدة أحياناً.
المسؤول الحكومي اعتبر، أن منح التأشيرة يعد حق من الحقوق السيادية للدول، وإجراء تمتلك كل دولة صلاحية تفعيله وفق معاييرها الوطنية، بل والظرفية، الخاصة لتدبير دخول الأجانب إلى أراضيها، مبرزة أن القواسم المشتركة بين تلك المعايير تبق هي اعتبارات الأمن والاقتصاد والسياحية، وكذا العوامل الإنسانية، كالتطبيب والعلاج، والاجتماعية، مثل التجمع العائلي.
الحصول على التأشيرة ليس حقاً يكتسب بمجرد استيفاء ملف الطلب لكافة الوثائق والشروط، وإنما التأشيرة هي واقع الأمر "امتياز"، يضيف بوريطة، إلا أنه إذا لم يكن هناك حق في التأشيرة، فإن هناك حقا لطالب التأشيرة في أن يحظى بالاحترام والمعاملة اللائقة، اعتباراً لشخصه، واعتباراً لبلده، واعتباراً كذلك للعلاقات بين الدول، والتي يبقى كذلك الاحترام المتبادل ركنا من أركانها الأساسية"، مشيرا في الآن ذاته إلى أن وزارته "تغتنم كل الفرص التي تسمح بها القنوات والأعراف الدبلوماسية لتحث هذه الجهات الأجنبية للرفع من عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة على اختلاف فئاتهم وكذا التخفيف من التعقيدات المسطرية، خاصة المتعلقة منها بأخذ المواعيد".
وسبق للحكومة الفرنسية أن قررت بشكل أحادي في شتنبر 2021 تقليص عدد التأشيرات الممنوحة لكل من المغرب والجزائر إلى النصف، مبررة ذلك برفض البلدين استعادة مهاجرين غير نظاميين تريد باريس ترحيلهم إلى بلدانهم الأصل، وهو القرار الذي وصفته الرباط حينها بأنه "غير مبرر".