بالنكسة الكبيرة والخطوة التراجعية وغير الدستورية، وُصف قرار مجلس الحكومة، الخميس الماضي، بالمصادقة على مشروع القانون رقم 15.23 يتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر. مصادقة تركت وراءها غضبا وتنديدا عارما وأصوات تتعالى مطالبة بالوقف الفوري لمشروع القانون الذي يضمر نوايا "محاولة للسطو وبسط السيطرة"، وفق منتقديه. الفيدرالية المغربية لناشري الصحف باعتبارها الأكثر تمثيلية إلى جانب الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال التابعة للاتحاد المغربي للشغل، أعلنا رفضهما لمشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة لمواجهة حالة الفراغ القانوني التي يعيشها المجلس منذ الرابع من إبريل الحالي، تاريخ انتهاء مدة تمديد انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر التي أقرها مرسوم قانون صادقت عليه الحكومة في 29 شتنبر الماضي.
الدفع الحكومي إلى جانب أطراف أخرى في اتجاه إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، أسال المداد وأثار الجدل وخلف ذهولا وصدمة لدى طيف كبير من المهنيين، الذين في القرار تراجع خطير عن مكتسبات سابقة، داعين إلى التمسك بالشرعية الدستورية من بوابة فصلها 28 الذي يتحدث صراحة عن تشجيع السلطات العمومية للتنظيم الذاتي"، ما يُلبس المشروع موضوع الجدل المتضمن للتعيين، لبوسا غير قانونية ولا دستورية وتتعارض حتى مع قانون المؤسسة الدستورية نفسها.
المكتب التنفيذي للفيدرالية، عبرت صراحة عن موقفه من المشروع المعني، قائلا في بلاغه: "يعتبر المكتب التنفيذي أن هذا الموضوع لا يهم استهداف منظمات مهنية ومحاباة أخرى فقط، بل إنه استهداف للصحافة الوطنية واستقلاليتها وطموحات تأهيلها وتكريس تعدديتها".
صوت الفدرالية ليست وحده في ما بات يعرف بمعركة إسقاط مشروع قانون "اللجنة المؤقتة"، إذ انضمت إليه أحزاب سياسية وفاعلون حقوقيون وصحافيون، اجمعوا على رفض مبررات الحكومة بشأن التمديد لستة أشهر بالحرص على عدم بقاء المجلس في وضعية فراغ قانوني.
وفتحت شخصيات سياسية النار على المشروع الذي تقدم به الوزير الوصي، المهدي بنسعيد ولقي مصادقة الحكومة، على غرار نبيل بنعبدالله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي اعتبر الأمر ب"الكارثة الحقيقية"، وأن الحكومةُ تقفز على ضرورة تنظيم انتخابات المجلس، وتُعلن حالة الاستثناء طويل المدى، في اتجاهٍ من الصعب أن يُفهم خارج إطار السعي نحو استمالة بعض الأوساط الإعلامية.
ووصف وزير الاتصال سابقا، الخطوة ب "الخطيرةٌ التي أقدمت عليها الحكومة، وأنها تنطوي على محاباةٍ فاضحة، من خلال بلورتها لمشروع قانونٍ، بمثابة "عملية جراحية محسوبة المقاسات"، موضحا أن الحكومة تُساهم عمليا في تحريفٍ غير مسبوق للمجلس عن غاياته النبيلة وعن أدواره الأصلية، بعد أن أخلفت الموعد، ولم تجتهد ولم تتحرك في اتجاه تنظيم المجلس الوطني للصحافة لانتخاباته خلال فترة التمديد السابقة. وتعمل الآن، في الحقيقة، بشكلٍ مُريب وعجيب، على التمديد غير المشروع لعُمْرِ جزءٍ من المجلس دون غيره، ولجانٍ دون غيرها (يا سبحان الله)، وبصلاحياتٍ تقريرية أساسية، وذلك في ضربٍ صارخٍ لمبدأ الحياد وللقيم الديموقراطية.
حزب العدالة والتنمية
الحزب أن هذا المشروع "يكرس تحايل الحكومة وأغلبيتها على الأحكام الدستورية والقانونية الصريحة التي تنص على وجوب تنظيم انتخابات ديمقراطية وشفافية وذلك بعد المناورة الفاشلة لطرح مقترح قانون – فضيحة لتغيير النظام الانتخابي للمجلس بنظام التعيين، في حالة فريدة تخرج عن مبدأ الانتخاب المعمول به لدى كافة الهيئات المهنية المنظمة ببلادنا كالمحامين والأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والخبراء المحاسبين وغيرهم".
وأضاف "إنها خطوةٌ خطيرةٌ أقدمت عليها الحكومة، تنطوي على محاباةٍ فاضحة، من خلال بلورتها لمشروع قانونٍ، بمثابة عملية جراحية محسوبة المقاسات".
الحزب الاشتراكي الموحد
واعتبر الحزب أن "سعي البعض للخلود في تمثيلية الصحافيين والناشرين، يتخذ كذريعة لتأجيل التغييرات والإصلاحات الضرورية في هذا القطاع، ولتبرير طغيان الهاجس الأمني في التعاطي مع هذا القطاع، مما يفسر الهجومات المتكررة على حرية التعبير وضمنها حرية الإعلام وحرية التواصل الرقمي، والحال أن هناك عدة صحافيين ومدونين رهن الاعتقال نطالب بحريتهم كبداية للحد من أجواء الاختناق الإعلامي والاحتقان السياسي".
وأضاف الحزب أن هذا المشروع "غريب" وأنه "يعكس فشل الحكومة في تطبيق القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة وعجزها عن تنظيم الانتخابات في وقتها في قطاع منظم وناخبوه معروفون، وذلك رغم توفرها على أجل ستة أشهر إضافية للقيام بذلك، بعد التمديد الذي تم لهذه الغاية والذي كان موضوع مرسوم بقانون".