بعدما صدر عن غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط حكم يقضي بسنتين حبسا في حق ثلاثة أشخاص أدينو في ملف اغتصاب طفلة من دوار الغزاونة ، ضواحي تيفلت، لم يتجاوز سنها 12عاما، نتج عنه حمل، قضت محكمة الاستئناف بالرباط الخميس، بالسجن 40 سنة موزعة عشر سنوات في حق متهمين اثنين، وعشرين سنة في حق المتهم الثالث مع رفع مبلغ التعويض إلى أربعين ألف درهم يؤديها المتهمان الأولان، و60 ألف درهم للمتهم الثالث، مما أثار نقاشات عديدة بعد ظغوطات وجهود قامت بها جمعيات وهيئات حقوقية .
في هذا السياق، أكد عمر الداودي، محامي بهيئة الرباط، أن الظغط الممارس من طرف جمعيات المجتمع المدني، التي تشتغل في مجال الدفاع عن حقوق الطفولة يضع '' موضوع استقلالية القضاء على المحك''، مضيفا أن ''قضاة الموضوع غير ملزمين إلا بتطبيق القانون، بل ملزمون فقط بتعليل أحكامهم وسوق العناصر التحكيمية لكل جريمة، والظروف المحيطة بها، وتكييف القضية القانونية، وبالتالي فهم يخضعون لمراقبة محكمة النقض في التكييف والتعليل''.
وقال المحامي في تصريحه ل"الأيام 24″، '' يصعب الموازنة بين معادلتين، نطلب من القضاء أن يكون مستقل، وفي نفس الوقت ليس علينا ممارسة الظغوطات على القضاء، لكن ما العمل إذا تفاجئنا بأحكام قضائية غير عادلة''.
وأشار المحامي إلى أن ممارسة الظغط بهذا الشكل فيه مساس كبير باستقلالية القضاء، مضيفا أن العديد من الملفات وقع فيها حيف، ولم تشهد مثل هذا الظغط الذي صدر من الهيئات والجمعيات الحقوقية، وقال '' إذا كنا نطلب من الجمعيات الحقوقية أن لا تمارس الظغط على القضاء، يجب أن يكون القضاة مستقلين، ولهم الشجاعة في البت في الملفات بالشكل القانوني الذي سيحافظون به على توازن الأطراف في الخصومة الجنائية خاصة الطرف الضعيف في القضية.
وأكد المتحدث ذاته في موضع حديثه عن المسطرة التأديبية بالنسبة لقضاة غرفة الجنايات بالمحكمة الابتدائية بالرباط الذين أصدرو الحكم الأول القاضي بتوزيع سنتين على الجناة، أن ''هذا الموضوع لا يستحق التأديب، مادامت ليست هناك عناصر وأدلة مادية تثبث أن القاضي تحيز أوقبض رشوة أو غير ذلك، فإن قضاة الموضوع مستقلون في تكوين قناعاتهم ''.
وبخصوص تعليقه على قضية الطفلة، استرسل الداودي قائلا ''أنا ضد فكرة المنطق العقابي، فالعقوبة لاينبغي أن تأخد ذلك الطابع الانتقامي''،لكن السؤال يكمن في هل تلك العقوبة ستحقق الاندماج وتساهم في إصلاح الجناة أم لا؟ مضيفا أن '' أغلب الحقوقيين يناضلون من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، لكن في مقابل واقعة مثل هذه القضايا، تصدر تصرفات مناقضة للشعارات المعلنة.
وقال في نفس السياق ''قرأت الحكم الابتدائي وتبين لي أن كل الأطراف في وضعية هشاشة، لا الضحية ولا الأطراف، فالمسؤوولية الأخلاقية والمعنوية يتحملها المجتمع ككل''
وخلص الداودي إلى أن'' عقوبة 20 سنة قاسية، لكن هل ستحقق الغاية من العقوبة وهي الإدماج، ليبقى السؤال يطرح أمام تلك الهيئات التي أناط لها القانون الإدماج وإعادة التأهيل، وهو أمر يتعلق بمنذوبية إدارة السجون''.
يشار إلى أن تعليق وزير العدل عبد اللطيف وهبي على قضية الطفلة المغتصبة بعبارة " الحكم غير مفهوم"، أثار انتقادات واسعة، حيث انتقد عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، خرجة وزير العدل التي تمثل حسب قوله "مخالفة صريحة للفصل 266 من القانون الجنائي، الذي جرم كل الأقوال العلنية التي يقصد منها التأثير على قرارات رجال القضاء قبل صدور الحكم غير القابل للطعن في قضية ما، وكذلك تلك التي يقصد منها تحقير المقررات القضائية، ويكون من شأنها المساس بسلطة القضاء أو استقلاله". مضيفا أن ''وهبي باعتباره مسؤولا حكوميا يُمنع عليه التعليق على الأحكام طبقا للفصل 107 من الدستور،حيث يعتبر تدخلا سافرا في قضية معروضة على القضاء، ومحاولة للتأثير على قضاة الدرجة الثانية بكيفية غير مشروعة وفق مفهوم الفصل 109 منه".