قال الجيش السوداني أنه لا يرغب بنشوب صراع مسلح يقضي على "الأخضر واليابس"، وإنه يسعى لإيجاد الحلول السلمية لما وصفها بتجاوزات قوات الدعم السريع التي "تفاقم" المخاوف والتوترات عبر احتشادها "غير القانوني" في الخرطوم وبعض المدن. ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن الجيش بيانا قال فيه: "السودان يمر بمنعطف خطير وتوتر بين القوات النظامية". ومطلع الشهر الحالي، تأجل مرتين التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين لانهاء الأزمة التي تعيشها البلاد منذ انقلاب البرهان على الحكومة المدنية في 2021، بسبب خلافات بين الأخير ودقلو. ومن شأن هذا الاتفاق الجديد الذي لم يوقع، إحياء عملية الانتقال الديموقراطي في السودان أحد أفقر دول العالم، وفتح الباب أمام خروج البلاد من الأزمة. * البرهان وحميدتي: هل يمكن للخلافات بين الجانبين في السودان أن تتطور إلى مواجهة مسلحة؟ * السودان: ما العقبات التي تقف أمام توقيع اتفاق نهائي لنقل السلطة؟ وقد حذر الجيش السوداني فجر اليوم مما وصفه "بتحشيد غير قانوني للقوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن"، من جانب قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي. ويُمثّل البيان خلافا علنيا نادرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي هي مجموعة شبه عسكرية تعمل في السودان بموجب قانون خاص تحت تسلسل قيادي خاص بها. بدورها، قالت قوات الدعم السريع، في بيان لها، إنها تنتشر في جميع أنحاء البلاد في إطار واجباتها العادية. وذكرت أنها "تنتشر وتتنقل في كل أرجاء الوطن، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، ومكافحة التهريب والمخدرات والجريمة العابرة والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت". Getty Images قوات الدعم السريع هي ميليشيا سابقة قوية تضم عشرات الآلاف من المقاتلين، واتُهمت بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، لا سيما أثناء الصراع في منطقة دارفور في السودان وصعد حميدتي السلم السياسي في السودان من خلال الخدمة في عهد الرئيس السابق عمر حسن البشير، الذي أطيح به في عام 2019. ويتولى حميدتي الآن منصب نائب رئيس المجلس السيادي في السودان، الذي تولى السلطة إثر انقلاب آخر أواخر عام 2021. ومع ذلك، يقول مراقبون إنه ابتعد مؤخرا عن زملائه العسكريين ووجد أرضية مشتركة مع تحالف سياسي مدني. وساءت العلاقات بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع الأحزاب السياسية، من أجل فترة انتقالية لعامين يقودها مدنيون إلى الانتخابات. وفشل قادة المجلس العسكري الحاكم هذا الأسبوع في الوفاء بالموعد النهائي لتشكيل حكومة بقيادة مدنية. وألقي اللوم في انهيار المحادثات على الخلافات بين الفصائل العسكرية المتناحرة. * حميدتي بين المراوغة والانحياز للتغيير في السودان وجاء في تقارير إعلامية أن قائد المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قد طرد ممثلي قوات الدعم السريع من اجتماعٍ يومَ أمس الأربعاء، واتهمهم بالسعي لمحاربة الجيش. وقال مصدران عسكريان إن أحد أسباب الخلاف بين حميدتي والجيش هو إحجام الأخير عن تحديد موعد نهائي واضح، لدمج قوات الدعم السريع في الجيش. وقالت المصادر العسكرية إن الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد نشر مزيدا من الجنود في الخرطوم في حالة تأهب، تحسبا لنوايا حميدتي. وتسود حالة من التخوف إذا ما استمرت الخلافات الكامنة بين حميدتي والجيش، يإمكانية انخراط هذه القوات في مواجهات مسلحة، ودفع السودان -الذي يقع في منطقة مضطربة بين الساحل والقرن الأفريقي- إلى حالة عميقة من عدم الاستقرار.