أثارت مشاهد الابقار التي تم استيرادها من البرازيل بهدف تغطية الخصاص الوطني للحوم الحمراء جدلا واسعا، بعدما ظهرت الحيوانات الثديية (البقر) في صور تم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في حالة حرجة.
وتلقت الحكومة موجة من الانتقادات من طرف رواد المواقع الإفتراضية، على نوعية هذه الابقار وجودتها وكبر سنها، موجهين اصابيع الاتهام الى الجهات المختصة التي كانت لها يد في هذه العملية التي وصفها أغلب النشطاء ب"الفاشلة".
وربط جل المدونين هذه الوضعية بالفشل الذريع الذي حققه المخطط الاخضر الذي أشرف عليه رئيس الحكومة عزيز اخنوش منذ سنة 2008، والذي خصص له مبالغ مالية خيالية بهدف النهوض بقطاع الفلاحة الذي يعتبر من الرافعات الأساسية للاقتصاد الوطني، وخلق فرص شغل والقضاء على البطالة.
وفي هذا السياق قال احمد العبادي نائب برلماني عن فريق التقدم والاشتراكية، ورئيس جماعة كلدمان تازة أن:"للحديث عن موضوع استيراد الأبقار والعجول من أوروبا وأمريكا اللاتينية والجدل حوله، لابد من استحضار السياق العام وموجة غلاء الأسعار والتدهور الخطير للقدرة الشرائية للمغاربة بمختلف شرائحهم التي أصبحت موضوعا يشكل شغلهم الشاغل" مشيرا أنه "عرفت مختلف المواد الاستهلاكية والغذائية ارتفاعا صاروخيا غير مسبوق بما فيها الخضر والفواكه واللحوم الحمراء التي أصبحت ترفا بالنسبة لشريحة واسعة من المغاربة".
وأضاف أحمد العبادي في حديثه مع "الأيام 24″ أنه:"بالرغم من المجهودات التي بدلت في إطار مخطط المغرب الأخضر وصرف ملايير الدراهم على مختلف سلاسل الانتاج ومنها سلسلة اللحوم الحمراء التي تكتسي أهمية كبرى على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والغذائي، حيث كان يفترض أن تساهم في ضمان الأمن الغذائي. لكن لا شيء تحقق من ذلك. ولازال الأمن الغذائي على غرار الأمن الطاقي والدوائي مرهونا بالاستيراد وبتقلبات السوق الدولية" موضحا أن "وزير الفلاحة برر اضطراب سلسلة اللحوم الحمراء بجائحة كوفيد، وتوالي سنوات الجفاف وارتفاع تكلفة إنتاج اللحوم الحمراء مما أدى الى ارتفاع الأسعار وقلة العرض. ومن أجل تشجيع استيراد الأبقار الأليفة المعدة للذبح تمت الصادقة على المرسوم رقم 2.23.47 الصادر بتاريخ 27 يناير 2023، المتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار الى غاية 31 دجنبر 2023 في حدود 200 الف رأس".
وفيما يخص وضعية الابقار المستوردة أوضح النائب البرلماني عن فريق التقدم والاشتراكية أن:" استيراد الأبقار والعجول من البرازيل والبراغواي أثار في الآونة الأخيرة جدلا واسعا في منصات التواصل الاجتماعي من خلال الأخبار والتعاليق حول هذه المواشي المستوردة وحول سلالاتها وما اذا كان الأمر يتعلق بالبقر أم بالجاموس؟ على اعتبار أن سعر الجاموس منخفض الثمن وأقل جودة".
واستنكر أحمد العبادي باعتباره أحد نواب الأمة صمت الحكومة ووقوفها وقوف المتفرج إزاء هذه الأوضاع التي تمس كل الفئات الاجتماعية، وأساسا دوي الدخل المحدود والفئات المعوزة التي تئن تحت وطأة الفقر وغلاء الأسعار، وعلى الحكومة أن تخرج عن صمتها، عوض ترك النقاش في وسائل التواصل الاجتماعي، وتوضح للمغاربة حقيقة ما يجري بخصوص ملف استيراد العجول وعن سلالاتها وجودة لحومها وتكلفتها وانعكاسات هذا الاجراء على القدرة الشرائية للمواطنين وتكلفته على خزينة الدولة.
واستطرد المتحدث نفسه قائلا:"خيبة أمل المغاربة من التطمينات الشفوية والتعبير عن الارتياح التي تطلقها الحكومة في كل مناسبة بأن الأسعار مستقرة وتعرف انخفاضا مستمرا وهو ما يفنده الواقع اليومي المعاش، واستخفاف الحكومة بالغلاء الفاحش لأسعار اللحوم واختبائها وراء الظروف المناخية وغلاء كلفة الانتاج عالميا".
ودعا أحمد العبادي الحكومة باتخاذ إجراءات قوية وفعلية واضحة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين. وتفعيل مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة التي تتيح للحكومة التسقيف المرحلي للأسعار التي تشهد ارتفاعا فاحشا، إعمال مراقبة حقيقية للسوق الوطنية ومعالجة اختلال سلاسل التسويق والتوزيع مع الزجر الصارم للممارسات الفاسدة والمضاربين والمحتكرين. عوض التركيز على الحلقة الضعيفة بمراقبة شكلية لتجار التقسيط، ومراقبة وتتبع عملية استيراد العجول والأبقار والحرص على توفر شروط الصحة والسلامة وجودة المنتوج. وتسقيف الأسعار وقف ما يسمح به قانون المنافسة والأسعار خاصة المادة 4 منه.
وشدد البرلماني المغربي في ختام حديثه، على ضرورة تقييم مخطط المغرب الأخضر الذي استنزف الفرشة المائية وصرفت عليه الملايير من الدراهم دون تحقيق الأمن الغذائي، ولابد أيضا من إعادة النظر في مخطط الجيل الأخضر بشكل يستجيب لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتوجات الموجهة للاستهلاك المحلي كأولوية مع الحفاظ على الفرشة المائية.