"الاقتصاد قبل السياسية" مبدأ اقتنعت به وتسطره أوروبا في علاقتها "الحذرة" بالمغرب الذي يحظى قبل غيره من بلدان العرب وإفريقيا بوضع الشريك المتقدم بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ولها في ذلك غايات وأهداف استراتيجية، يمكن فهم جزء منها من خلال تصريح وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في لقائه بمفوض الاتحاد الأووروبي لسياسة الجوار أوليفر فارهيلي، بأن "هناك حوارا متعدد الأطراف سيكون بين المغرب والمفوضية حول القضايا المشتركة"، متوقفا عند "التعاون الثلاثي الإقليمي بين المغرب والمفوضية وإسرائيل، وهو عنصر مكمل للتعاون الثنائي وسيهم قضايا متعددة". وتحقيق هذا التعاون الإقليمي ذي البعد المشترك، يقول بوريطة سيتم التوقيع على وثيقته قبل نهاية مارس، لتأكيد هذا البعد الإقليمي، إذ يُرتقب أن ترفع سقف الطموح المشترك في مجالات جديدة وسبل جديدة للتعاون حول آليات التمويل المتطورة وتسريع المشاريع الاستراتيجية سواء في قطاع الماء أو الفلاحة. فالاتحاد الأوروبي الذي كان إلى وقت قريب ينظر إلى التقارب المغربي الإسرائيلي بأعين الحذر والتوجس، يدخل اليوم المعترك الثنائي ليصبح ثالث الأطراف.
وقرر الاتحاد الأوروبي القفز على مطبّات السياسية التي وقع في حفرتها البرلمان الأوروبي في إدانة للمملكة في الشأن الحقوقي، ومن ثم النفخ في رماد الشراكة المغربية-الأوروبية التي تشهد تطورا مستمرا ونتائج إيجابية، إذ يُعتبر المغرب المستفيد الأول في الجوار الجنوبي. لكن بروكسل وهي ترقب الرغبة المغربية في توسيع استثماراتها في إسرائيل في مختلف مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وخصوصا عبر الصندوق الاستثماري لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، بما يشمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة عن بُعد. فتل أبيب التي تحوز تكنولوجيا متقدمة في مجالات لها ارتباط وثيق بالعمل المناخي، مثل الزراعة والتكنولوجيا والنقل والبنى التحتية وتحلية المياه ، والتي تستفيد منها المغرب، يدفع ضمير أوروبا "الاتحاد الأوروبي" إلى الصدح بالرغبة في التعاون وطمر ما تركد من خلافات بروكسلوالرباط.
عندما تلتقي مصالح أوروبا والمغرب وإسرائيل، لا بد من طرف رابح أكثر من غيره، إذم من هو؟، سؤال تتقاذفه رياح السياسية أولا، فللمغرب بحسب تأكيد يونس الناصيري الباحث في العلاقات الدولية، مصلحة عليا مع أوروبا التي تنظر هي الأخرى للمغرب كشريك مفضل لها، على اعتبار مكانته الاستراتيجية والجغرافية، وهي تبحث في ذلك عن الاستفادة من التكنولوجيا الاسرائيلية خاصة في مجال الزراعة.
ويضيف في حديثه ل"الأيام 24″ إسرائيل هي الأخرى تبحث أسواق جديدة لبيع منتوجاتها وعرض خدماتها التكنولوجية على الأوروبين، والمغرب يمكن أن يكن منصة مفضلة لها في هذا الموضوع، نظرا لقرب الرباط من دوائر القرار الأوروبي وجسور التواصل المفتوحة دائما مع بروكسل وحجم التعاون الاقتصادي معها، بينما إسرائيل لا تحظى بعد بوضع مقدم لدى أوروبا
وترتبط الرباطوبروكسل منذ العام 1996 باتفاق شراكة واسعة تشمل أساسا علاقات اقتصادية متينة، خصوصا في ميداني الزراعة والصيد البحري. لكنّ هذه العلاقة شابها توتر مؤخرا على مستوى البرلمان الأوروبي الذي تبنّى في 19 يناير توصية، غير ملزمة للمفوّضية، انتقدت تراجع حرية التعبير في المغرب. وأعربت التوصية البرلمانية أيضا عن القلق إزاء "الادعاءات التي تشير إلى أن السلطات المغربية قد تكون رشت برلمانيين أوروبيين". ولقيت هذه التوصية إدانة قوية في الرباط، عبّر عنها خصوصا البرلمان المغربي الذي أعلن عزمه على "إعادة النظر" في علاقاته مع نظيره الأوروبي، مندّداً ب"تدخّل أجنبي" و"ابتزاز".
في إطار سعي
المغرب اشترى طائرات بدون طيار إسرائيلية مقابل 48 مليون دولار، مضيفة أن التجارة استمرت بمستويات محدودة بين البلدين حتى بعد قطع تلك العلاقات، حيث استوردت إسرائيل 68 مليون دولار من البضائع المغربية في المقابل صدرت 5 مليون دولار من المنتجات نحو المملكة في 2018، بحسب معهد التصدير الإسرائيلي.، لكن، ذات التقارير رجحت أن يزداد حجم التبادل التجاري مع الرحلات الجوية المباشرة المخطط لها. وفي حين يصدر المغرب في الغالب السيارات والملابس والإكسسوارات إلى الدولة العبرية، فان الصادرات الإسرائيلية الرئيسية إلى المملكة تنوعت بين البلاستيك والآلات والمعدات الكهربائية. وترى الحكومة الإسرائيلية في الطاقة على أنها مصدر محتمل للتعاون بين إسرائيل والمغرب، الذي لا يمتلك الكثير من موارد الطاقة الخاصة به، حيث استورد المغرب حوالي 90٪ من طاقته منذ عام 2013، بينما يسعى لتوسيع استخدامه للطاقة المتجددة، ومقابل تصدير إسرائيل الغاز الطبيعي فان لديها خبرة في مجال الطاقة الشمسية. وتشكل الزراعة حوالى 40 في المائة من اقتصاد المغرب وجزءاً كبيراً من صادراته، ما يفيد إمكانية اهتمامها بابتكارات التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية، بحسب الصحيفة ذانتها.