ترخي تداعيات الحرب الروسية أوكرانيا بظلالها على الاقتصاد العالمي، حيث أدخلته مرحلة غير مسبوقة لا سيما في دول العالم الثالث إلى مستويات من التضخم، ومعه باتت القوى الكبرى في سباق محموم على مناطق النفوذ وعلى عقود اتفاقيات توريد الغاز والبترول. وإذا كانت الحرب قد أشعلت الاقتصاد العالمي، إلا هناك مجموعة من الشركات تستفيد من تداعيات الحرب، حيث أفادت الفايننشال تايمز" البريطانية أن إحدى أكبر مجموعات الأسمدة في العالم، ويتعلق الأمر بالمكتب الشريف للفوسفاط، الذي حقق أرباحا قياسية في العام الماضي بعد تضرر المنافسين الأوروبيين من ارتفاع أسعار الطاقة. مؤكدة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا كانت كارثية لشركات الأسمدة النيتروجينية الأوروبية، حيث أجبرهم الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي، الذي يشكل المواد الأولية لهم، على خفض الإنتاج بأكثر من الثلثين في بعض الأحيان، كما عطلت الحرب توريد الأسمدة من روسيا، أكبر مصدر في العالم.
وحقق المكتب الشريف للفوسفاط، وفق تقرير الصحيفة ، أرباحا قياسية بفضل ارتفاع الأسعار وهوامش الربح، ففي الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، بلغ الربح التشغيلي للمكتب 3.65 مليار دولار، مقارنة ب 1.99 مليار دولار في نفس الفترة في عام 2021. مشيرا إلى أن سماد النيتروجين مصنوع من الغاز الطبيعي، لكن الفوسفات معدن مستخرج عادة مع مواد مغذية أخرى لصنع الأسمدة، ومكتب الفوسفاط يمتلك بشكل حصري 70 في المائة من احتياطيات الفوسفات العالمية الموجودة في المغرب، الذي يعد واحدا من أكبر خمس دول مصدرة للأسمدة في العالم.
وحاورت الصحيفة البرطانية المسؤول الأول في الشركة مصطفى التراب، الذي أكد أن العالم بحاجة إلى مزيد من الاستثمار في هذه الصناعة، وأن الأسعار كانت مرتفعة حتى قبل الحرب. مؤكدا أن ارتفاع الأسعاريعود بالأساس إلى الخلل البنيوي بين العرض والطلب.
وشددت "الفايننشال تايمز" على أنه الرغم من أن 25 في المائة فقط من مبيعات مكتب الفوسفاط موجهة لإفريقيا، إلا أن الشركة تعتبرها منطقة نمو رئيسية وقد أنشأت شركة فرعية متخصصة بالقارة ووحدات إنتاج خاصة. مشيرة إلى أن مكتب الفوسفاط بدأ في التطلع جنوبا في عام 2012 ، في الوقت الذي سعت فيه الشركات المغربية إلى النمو في دول جنوب الصحراء الكبرى للتوسع خارج نطاق السوق المحلية المحدودة، وهذه الاستراتيجية، التي شجعها الملك محمد السادس، ساعدت في بناء القوة الناعمة للمملكة ونفوذها في منطقة تعتبر أساسية في اهتمامها الأساسي بالسياسة الخارجية، لتعزيز الدعم الدولي لمطالبتها بإقليم الصحراء المتنازع عليه.ذ
وأبرزت الصحيفة أنه بحلول عام 2021، تضاعفت قدرة مكتب الفوسفاط الإنتاجية من الأسمدة أربع مرات لتصل إلى 12 مليون طن، وبلغت إيراداته 9.4 مليار دولار، مقارنة ب 2.5 مليار دولار في عام 2005.