يودع المغاربة عام 2022 على إيقاع الغلاء الذي أرخى بظلاله الثقيلة المظلمة على حيوات كثير من المغاربة، فارتفاع الأسعار كان وما يزال حديث الشارع المغربي، خاصة وأن لهيب الأسعار لمس أغلب المواد الإستهلاكية حتى الخدمات لم تسلم هي الأخرى، ما تسبب في احتجاجات بالشوارع في مناسبات متفرقة للتنديد بالغلاء ورفع صوت المطالب بتحسين الوضع الاجتماعي. وبدأت موجة الغلاء منذ أواخر السنة الماضية وطالت جميع المواد الاستهلاكية والخدمات، إذ تعود أسبابها إلى غلاء المواد الأولية والمحروقات والمواد الفلاحية وفق التأثير العالمي وتداعيات الحرب الأوكرانية الروسية، وفق تأكيد حكومة عزيز أخنوش.
وعن ارتفاع الاسعار وتأثيرها الداخلي التي تطبع الأسواق الداخلية للمغرب، يقول رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إنها تتجلى بشكل واضح ولها نعكاسات وخيمة بسبب تحكم الوسطاء والمضاربين وغياب مؤسسة تعنى بالاستهلاك مما يضاعف أثمنة المواد الاستهلاكية، موجها باللوم على ما ارتكب سابقا مما اعتبرها أخطاء استراتيجية للحكومات السابقة والحكومة الحالية في عدم اعتماد سياسة اقتصادية تستهدف السيادة الغذائية للبلاد.
هذه الأسباب تجعل القدرة الشرائية للمغاربة غير كافية لتغطية حاجياتهم من المواد الاستهلاكية، إذ يشير الخراطي في حديثه ل"الأيام 24″ أن أكثر الفئات المتضررة من الغلاء هي الطبقة المتوسطة من الموظفين والأجراء ذوي الدخل المحدود والطبقة الفقيرة. داعيا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في تدبير الشأن العام ولهذه الأزمة العالمية، محذرا أن عدم تواصلها مع الموطنين يفاقم الأزمة وسيحدث احتقانا وانتفاضة اجتماعية.
وخلال الأشهر الماضية، لوحظ ارتفاعات في أسعار الوقود والمواد الغذائية والخدمات بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية على أوكرانيا، فضلا عن جفاف استثنائي ضرب المملكة هذا العام، وأدى إلى تراجع توقعات النمو لهذه السنة إلى 0.8 بالمائة فقط. المندوبية السامية للتخطيط، كشفت في معطيات سابقة أن ارتفاع معدل التضخم بلغ 8.3% في نهاية شتنبر على أساس سنوي، وأضافت أن هذه الزيادة جاءت مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 14.7%، وتكلفة النقل 12.9%. في حين انخفض مؤشر ثقة الأسر، خلال الربع الثالث من سنة 2022، مسجلاً أدنى مستوى له منذ انطلاق البحث سنة 2008. في المقابل، تؤكد حكومة عزيز أخنوش أن تدابيرها في مواجهة الأزمات المتزامنة، التي شهدتها البلاد هذا العام، مكّنت من التحكم في ارتفاع الأسعار، والحد من تداعياته على القدرة الشرائية للمواطنين، والحفاظ على التوازنات المالية للبلاد وتحقيق صمود الاقتصاد الوطني.