الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    قلق متزايد بشأن مصير الكاتب بوعلام صنصال بعد توقيفه في الجزائر    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية        طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكلفون بمهمة: هم داخل الوزارات ولكنهم خارج القانون!
نشر في الأيام 24 يوم 26 - 12 - 2022


إعداد: الحسن أيت بيهي
فجأة قفزت وظيفة "مكلف بمهمة" إلى الواجهة، وعلى الرغم من أننا كثيرا ما سمعناها ترتبط بالعاملين في الديوان الملكي، لكن بعد اكتشاف عمل قيادي في حزب معارض من «العدالة والتنمية» ضمن الفريق الحكومي الحالي ك"مكلف بمهمة" لدى أخنوش، حاولنا البحث في طبيعة هذه المهمة، وكيف يمكن شغلها، وما هي الملفات التي تناط بصاحبها، وما هو الإطار القانوني الذي ينظمها؟ وما التعويضات التي يتلقاها؟ فلنتابع…

طويت القضية التي ارتبطت باسم جامع المعتصم بما لها وما عليها دون أن يطوى السؤال حول هذه «المهمة» التي يتكلف بها أشخاص لدى الوزراء. فما هي صفة «المكلف بمهمة»؟ وهل لها سند قانوني ينظمها كما هو الحال بالنسبة لدواوين الوزراء الذين يوضح الظهير الشريف رقم 331-74-1 الصادر في 11 ربيع الثاني 1395 (23 أبريل 1975) المتعلق بوضعية الحكومة وتأليف الدواوين، والذي تم نسخه بالظهير الشريف رقم 1.95.162 بتاريخ 14 جمادى الأولى 1416 الموافق 10 أكتوبر 1995، والذي حدد أعضاءها في رئيس للديوان وستة مستشارين تقنيين وملحق للصحافة، بالنسبة للوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا) ورئيس للديوان وخمسة مستشارين تقنيين بالنسبة للوزراء، وفق منطوق الفصل الثالث، على أن تتوافر فيهم الكفاية والمروءة لتصان للدواوين حرمتها بالنسبة للإدارة وللناس، كما نص على ذلك الفصل الثامن، لكن دون أن تتم الإشارة إلى أي منصب يتعلق ب»مكلف بمهمة»؟

رسائل ومراسيم تتجاهل الوظيفة

إن رحلة البحث عن هوية هذه الوظيفة أوصلتنا إلى رسالة للوزير الأول عبداللطيف الفيلالي تحمل رقم 96-95 بتاريخ 12 أبريل 1995 حول حدّ السن لأعضاء الدواوين الوزارية والمكلفين بالدراسات، لكنها لم تتطرق إلى ما يعرف ب»المكلفين بمهمة» أيضا، وهي رسالة موجهة إلى الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الإدارية، ردا على رسالة وجهها له هذا الأخير تحت رقم51/د بتاريخ 28 مارس 1995، ومما جاء فيها: «عرضتم، بواسطة رسالتكم المشار إليها في المرجع، قضية تطبيق حد السن للإحالة على التقاعد بالنسبة لأعضاء الدواوين الوزارية وللمكلفين بالدراسات والتمستم إفادتكم بالموقف الذي يتعين اتخاذه في هذا الشأن. وجوابا عن ذلك، يشرفني إحاطتكم علما بأن تعيين أعضاء الدواوين الوزارية يتم في نطاق مقتضيات الظهير الشريف رقم 331-74-1 الصادر في 11 من ربيع الآخر 1395 (23 أبريل 1975) بشأن حالة أعضاء الحكومة وتأليف دواوينهم، ولا يتضمن هذا الظهير الشريف أي مقتضى بتحديد سن معينة لإحالة المعنيين بالأمر على التقاعد. فتبعا لذلك، وبالنظر إلى نوعية المهام الموكولة إلى أعضاء الدواوين الوزارية، فإنه من غير الملائم إخضاعهم لحد السن للإحالة على التقاعد. وعلى خلاف ذلك، فإنه يتعين إخضاع المكلفين بالدراسات لقاعدة حد السن المعينة في 60 سنة، لأن تعيينهم يتم في نطاق المرسوم رقم 2.80.645 الصادر في 28 من صفر 1401 (5 يناير 1981) الذي ينطلق في حيثياته من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية».

حكومة التناوب وسعت نطاق ال«مكلف بمهمة»

من خلال هذه الرسالة، توصلنا إلى معطى جديد يتعلق بالمكلفين بالدراسات الذين يمكن أيضا اعتبارهم أعضاء بدواوين الوزراء، لكن دائما تم السكوت عن التطرق إلى مهام «المكلف بمهمة» التي لم تبدأ في الظهور والتوسع إلا مع تعيين حكومة التناوب التوافقي يوم 14 مارس 1998، حيث دخلت أحزاب المعارضة السابقة إلى مجال تدبير الشأن العام، حيث كانت هناك حاجة إلى جبر خواطر المناضلين الذين انتظروا طويلا هذه اللحظة من أجل المساهمة في تدبير الشأن العام، يقول مصدر موثوق، ما جعل عبدالرحمن اليوسفي في حرج خاصة مع الذين لم يتمكنوا من الحصول على أية حقيبة رغم أن حكومة التناوب تشكلت من 39 وزيرا، فكان لا بد من اللجوء إلى مخارج أخرى بحكم أن مناصب الدواوين محدودة، فكان أن ظهر منصب «مكلف بمهمة» داخل الدواوين الوزارية خاصة الوزارة الأولى في تلك الفترة، وضمت مختلف الأطياف بمن فيهم بعض المنتمين لأحزاب غير مشاركة.
التكليف بمهمة لم يكن وليد حكومة اليوسفي، يقول مصدرنا، بل كان متواجدا على الدوام في دواليب الحكومات السابقة، لكن الفرق هو أن المكلفين بهذه المهام كان يتم إنهاء تواجدهم بهذه الدواوين بمجرد انتهاء المهام التي كلفوا بها وكان أغلبهم ينتمون وظيفيا لتلك الوزارات وغالبا لا يكلفون الوزارة تحملات مادية كبرى، لكن منذ عام 1998، كان عددهم في بعض الوزارات يفوق أحيانا عدد أعضاء الدواوين المنصوص عليهم قانونيا.

جطو ومحاولة إنقاذ الموقف

الوضع الذي ورثه إدريس جطو في هذا الإطار بعد انتخابات شتنبر 2002، جعله مجبرا على إعادة التذكير بضرورة احترام مقتضيات الظهائر التي تنظم هذه الدواوين وأعضائها وعدم إغراقها، وهو ما وجدناه من خلال المنشور الذي أصدره مباشرة بعد توليه مقاليد الوزارة الأولى وهو المنشور رقم 16-02-د بتاريخ 20 رمضان 1423 (25 نونبر 2002) حول موضوع تأليف الدواوين الوزارية، موجها إلى أعضاء حكومته، وجاء فيه حرفيا: كما تعلمون، يحدد الظهير الشريف رقم 1.74.331 الصادر بتاريخ 11 من ربيع الآخر 1395 (23 أبريل 1975) بشأن حالة أعضاء الحكومة وتأليف دواوينهم، كما تم تغييره أو تتميمه، المهام التي تناط بأعضاء الدواوين الوزارية وكذا الشروط التي يتعين توفرها في من ستعينونهم لمزاولة هذه المهام. وهكذا فإن الفصل الثامن من الظهير الشريف الآنف الذكر، ينص على أن أعضاء الدواوين الوزارية تناط بهم، لحساب السلطة الحكومية التي ينتمون إليها، مهمة القيام بالدراسات وبتسوية المسائل التي تكتسي طابعا سياسيا أو محتفظا به والتي ليست لها أي علاقة بالاختصاصات المسندة إلى مختلف مصالح الوزارة، وبالتالي فإنه لا يتعين، في أي حال من الأحوال، إسناد أي تسيير إداري إلى أعضاء الدواوين الوزارية.

ولكي يكون المعنيون بالأمر في مستوى هذه المسؤوليات، نص الظهير الشريف على وجوب توفرهم على شرطين أساسين، هما الكفاية والمروءة، حتى تصان للدواوين حرمتها بالنسبة للإدارة والناس. وإذ أنتم تقومون الآن بتأليف دواوينكم، أجدها مناسبة للتذكير بهذه الأحكام، ولأهيب بكم التقيد بها وانتقاء رئيس ديوانكم ومستشاريكم التقنيين من بين الأطر العليا المشهود لهم بالمروءة والكفاءة، هذه الكفاءة التي لا تنحصر في التكوين المدرسي والجامعي المكلل بشهادات عليا فحسب، بل تتجلى بالإضافة إلى ذلك في الدراية بالشؤون العامة، وفي التجارب والخبرات المكتسبة من خلال ممارسة تدبير الشأن العام، دون إغفال ما يتعين أن يتصف به المعنيون بالأمر من خصال شخصية تعود إلى الخلق والسلوك الاجتماعي القويم. وبهذه المناسبة، وإسهاما منكم في ترشيد نفقات الدولة والتقليص من وتيرة إنفاقها، في نطاق الحفاظ على التوازنات المالية العامة، أدعوكم، وبإلحاح، إلى أن تأخذوا هذا الجانب في الاعتبار، وتقتصروا على تعيين أعضاء دواوينكم وموظفي مكاتبكم ومستخدميكم في حدود اثني عشر منصبا على الأكثر بالنسبة للوزراء، وسبعة مناصب بالنسبة لكتاب الدولة، علما بأن وزاراتكم تتوفر على طاقات وكفاءات يمكنكم الاستفادة من تجاربها وخبراتها في هذه الإطار، بل إنه يتعين الحرص على الاستعمال الأمثل للموارد البشرية المتوفرة قبل اللجوء إلى توظيفات جديدة، وبذل ما يمكنكم من دعم للمصالح المختصة في وزارة المالية والخوصصة لإعادة نشر المناصب المالية التي ستتوفر من هذه العملية لصالح قطاعات وزارية أخرى ليست لها نفس الإمكانيات. ولا ريب في أنكم تدركون أن التزامكم بهذه التوجهات فيه دعم فعال للجهود المبذولة على درب عقلنة تدبير الشأن العام التي يتعين علينا جميعا أن نظل معبئين لمواصلتها.

منشور إدريس جطو كان واضحا ودعا إلى الفصل بين ما يتطلبه العمل في الدواوين وعدم التدخل في الشؤون الإدارية للوزارات من طرفهم، لكن من خلال مواصلة البحث في هذا المجال، وإن كان بعض المستشارين يتدخلون في هذه المهام، فإن صلب عمل المكلفين بمهمة يدخل ضمن اختصاصات هذه الوزارات والإدارات العمومية، خاصة وأن أغلب من يتم تكليفهم بالمهام يقوم الوزير الذي قام بتكليفهم بوضع ملفات هامة بين أيديهم غالبا ما يفضل الوزير العمل عليها بعيدا عن أعين الإدارة حفاظا على سريتها، وهو ما يجعله يستعين بأصحاب الخبرة.

من مكلفين بمهمة إلى وزراء

عندما وصل اليوسفي إلى الوزارة الأولى وجد ملف تشغيل المعطلين، الذي كان قطب رحى الحملة الانتخابية لاقتراع نونبر 1997 الذي منح حزبه الرتبة الأولى ساخنا، وكان لا بد من شخص يحسن التعامل مع هذه الشريحة، لذلك قام بتكليف إدريس الكراوي، الرئيس السابق لمجلس المنافسة، بملف الحوار مع المعطلين والجمعيات التي تمثلهم من أجل إيجاد حلول لها وفق ما تسمح به الظرفية، وفعليا نجح الكراوي في هذه المهمة التي أهلته لمواصلة العمل عليها حتى بعد مجيئ إدريس جطو الذي احتفظ به أيضا بحكم أن جطو كان رجلا تقنوقراطيا وفي حاجة إلى دعم الأحزاب البرلمانية لذلك فضل الاحتفاظ ببعض رجال اليوسفي في ديوانه بمن فيهم المكلفين ببعض المهام وإن بقيت أسماء عدد منهم في الظل لكونهم كانوا يعملون على ملفات تقنية بحثة.

الكراوي ليس وحده الذي عمل في ديوان جطو مكلفا بمهمة، ولكن أيضا وجدنا اسم عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والبيئة في حكومة العثماني، والذي دخل دواليب الدواوين الوزارية كمكلف بمهمة لها ارتباط بمجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بحكم تجربته كمهندس ومحلل بقسم نظام المعلومات بوزارة التجارة الخارجية، ما قربه كثيرا من العمل الحكومي حتى قبل أن يعين وزيرا لأول مرة عام 2011.

خالد الصمدي، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي في حكومة سعد الدين العثماني الأولى، وبعد أن أطاح به التعديل الوزاري الذي عرفته هذه الحكومة في عام 2019، عينه العثماني مباشرة كمكلف بمهمة بديوانه دون أن يتم الكشف عن طبيعتها رغم ما رشح عن كونها لها علاقة بمجال البحث العلمي رغم تخصصه في الدراسات الإسلامية، شأنه عدد من المكلفين بمهمة الذين كانوا أيضا متواجدين إلى جانبه في نفس مبنى رئاسة الحكومة وأغلبهم من العدالة والتنمية، وإن اختلفت مهامهم وكذا تعويضاتهم لكن المؤكد أنها كانت تفوق ما يتقاضاه أعضاء الدواوين المنظمة مهامهم بظهير، حسب ما أفاد به مصدر عمل بدواوين الوزراء لما يفوق 25 عاما.

وبدوره، يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى، والشغل والكفاءات، في الحكومة الحالية، سبق له أن شغل ذات المنصب عندما كان مكلفا بمهمة بوزارة الداخلية حين كان يديرها امحند العنصر، وإن لم تعرف طبيعة المهام التي كانت موكلة إليه، لكن السيرة الذاتية التي تم تقديمه بها حملت هذه الصفة، شأنه شأن زميله في حكومة أخنوش مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والناطق الرسمي باسم الحكومة، والذي شغل ذات المنصب لكن بعيدا عن الحكومة عندما كان مكلفا بمهمة لدى رئيس التجمع الوطني للأحرار مصطفى المنصوري، ومن بعده صلاح الدين مزوار، ما بين 2009 و2012، قبل أن يلحقه أخنوش بديوانه في نفس العام كمكلف بالشؤون البرلمانية حتى انتخابه برلمانيا عام 2016.

... والتعويضات؟

هناك اليوم العشرات من المكلفين بالمهام المختلفة داخل الدواوين الوزارية في الحكومة الحالية رغم أنها غير منظمة بأي قانون، ورغم الضجة التي أثارها تواجد جامع المعتصم في ديوان أخنوش، وهو ما يطرح إشكالا قانونيا حول تواجدهم بهذه الصفة في هذه الدواوين؟ ومن هي الجهة التي تدفع أجورهم التي تتراوح حسب مصادر متطابقة ما بين 20 حتى 50 ألف درهم، حسب طبيعة المهام التي يقومون بها أو الملفات التي يديرونها، فضلا عن تعويضات أخرى عن التنقلات والتمثيلية وغيرها؟ بل ومنهم من يتواجد حزبه في المعارضة كما هي حالة القيادي السابق بحزب التقدم والاشتراكية عزالدين لعمارتي، الذي لازال يتواجد بديوان خالد أيت الطالب بوزارة الصحة، مكلفا بمهمة بتوصية من الوزير السابق أنس الدكالي، الذي كان يعمل بديوانه كمستشار.

لماذا يغيب الإطار القانوني لوظيفة مكلف بمهمة في الوزارات؟

الظهير الصادر عام 1975 والذي نظم اختصاصات الدواوين الوزارية وكذا التعديلات التي خضع لها في ما بعد لم يشر من قريب أو بعيد لاختصاصات ال»مكلف بمهمة» والتي تبقى وضعية شاغليها شاذة، ولا يمكن معرفة ما إذا كانت تخضع للعلاقة التعاقدية التي قد تجمع بعض الخبراء مع الوزارات والإدارات العمومية، أم لمدى قرب المعين في هذه المهام من الوزير أو من الدوائر التي قد تفرضه عليه.

مهما حاولنا البحث في مختلف الظهائر والمراسيم الصادرة في هذا الشأن فإن الفراغ القانوني يطرح علامة استفهام حول مصدر الرواتب التي تؤدى لهم، علما أن أول محاولة لتنظيم هذه الوظيفة كانت في غشت 2021 من خلال المرسوم رقم 578-21-2 الصادر في 22 من محرم 1443 (31 أغسطس 2021) المتعلق بالتعيين في المناصب العليا بإدارات الجهات والأجور والتعويضات المرتبطة بها، والذي أصدره وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون، والذي تمت خلاله لأول مرة الإشارة إلى وظيفة «مكلف بمهمة» لكن داخل الجهات والجماعات الترابية وليس في الوزارات، حيث نص المرسوم في مادته الأولى على أن من بين المناصب العليا بإدارة الجهة هناك «مكلف بمهمة»، الذي فصلت فيه المادة 4 التي تقول: «يعين المكلف بمهمة وفق الشروط المطلوبة للتعيين في منصب مكلف بالدراسات في مختلف الوزارات. وتحدد كيفيات التعيين في هذا المنصب في قرار وزير الداخلية المشار إليه في المادة 3 أعلاه»، فيما حددت المادة 11 التعويضات المخولة لصاحب هذه الوظيفة من خلال التنصيص على ما يلي: «يتقاضى المكلف بمهمة أجرة جزافية إجمالية شهرية قدرها 18.000 درهم. ويستفيد من التعويض عن التنقل المخول لمتصرف من الدرجة الثانية وفق النصوص التنظيمية الجاري بها العمل».

بعد تنصيب حكومة عزيز أخنوش، أصدر وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت القرار رقم 2520.21 الصادر في 21 من ربيع الأول 1443 (28 أكتوبر 2021) بتحديد شروط وكيفيات التعيين في بعض المناصب العليا بإدارات الجهات، مكملا المرسوم السابق، والذي حدد في مادته الأولى كيفيات التعيين في المناصب التي ينص عليها المرسوم السالف الذكر ومن بينها «تعيين مكلف بمهمة، بإدارات الجهات»، فيما أشارت المادة 14 إلى ما يلي: طبقا لمقتضيات المادة 4 من المرسوم المشار إليه أعلاه رقم 2.21.578، يتم التعيين في منصب مكلف بمهمة، مباشرة، بقرار من رئيس مجلس الجهة تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، من بين الأشخاص المتوفرة فيهم الشروط المطلوبة للتعيين في منصب مكلف بالدراسات في مختلف الوزارات، وذلك لمدة تنتهي بانتهاء مدة انتداب مجلس الجهة.

محمد شقير ل «الأيام» :وضع وظيفة «مكلف بمهمة» بحاجة لإطار قانوني وافتحاص ميزانيات الدواوين ضروري

محمد شقير، الباحث والمحلل السياسي، يرى أن التعيينات التي تعرفها بعض الوزارات من خلال إلحاق أعضاء بدواوينها سواء كمستشارين أو خبراء، أو كمكلفين بمهمة، تأتي في سياق الحرص على الشق التنظيمي للوزراء الذين يحرص أغلبهم على أن يحيطوا أنفسهم بأشخاص موضع ثقة، خاصة وأن ظهير تكوين الدواوين الوزارية وإن نص على عدد أعضاء الديوان، سواء بالنسبة لرئيس الحكومة أو الوزراء، إلا أن هذا لا يمنع من الاستعانة بخبراء ومكلفين بمهام.

شقير أشار في حديثه مع «الأيام» إلى أنه مع كل ذلك، فلا بد من استحضار اللعبة السياسية المبنية على المصالح والإغراءات والمكاسب، مشيرا إلى أنه وبحكم أن كل وزير ينتمي إلى حزب معين، فمن المفروض أن يعود هذا التعيين على الحزب وأعضائه بمجموعة من المكاسب، وهو ما يساعد على فهم الظاهرة أكثر، خاصة وأن كل وزير يتم تعيينه يسعى إلى استقطاب مجموعة من أعضاء حزبه سواء كأعضاء في الديوان أو كمكلفين بمهام لكي يبرر تواجدهم وكذا تعويضاتهم.

ويرى الباحث والمحلل السياسي أن الحديث عن وضعية ال»مكلف بمهمة» ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الأبعاد، رغم أن هناك أسئلة جوهرية تطرح دائما في مثل هذه المواقف، وتتعلق أساسا بمدى توافق التكوين الذي تلقاه المكلف بهذه المهمة وهل تتوافق مؤهلاته معها ومع الاختصاصات والمتطلبات التي يفرضها الوضع، خاصة وأن المشكلة ليست، يضيف ذات المتحدث، في أن يكون المكلف بمهمة ينتمي إلى نفس حزب الوزير إذا كان يجمع بين التكوين الأكاديمي والسياسي الذي يخول له شغل مهمته، لكن الإشكال هو في أن تأتي مثل هذه التعيينات فقط في سياق الرغبة في توزيع الكعكة السياسية والولاءات، ما ينعكس بشكل من الأشكال على سير الدواوين والوزارات ككل، خاصة وأنه يمكن أن يقع اصطدام بين محيط الوزير وباقي أطر الوزارة الذين لديهم تمرس وتجربة، خاصة وأنه تمت ملاحظة أن بعض الوزراء سواء في الحكومة الحالية أو السابقة جاؤوا بأقاربهم الذين لا يتوفرون على تكوين كاف لمنحهم مثل هذه المناصب، فقط لتمكينهم من تحقيق بعض المكاسب المادية، وهو ما يؤدي إلى وقوع بعض التجاوزات. في الواقع، يمكن أن تجد في أي نظام سياسي مثل هذه الممارسات وهذا النوع من الاستقطاب، خاصة وأن أي وزير يأتي ومعه تصور معين مخالف لمن سبقه، كما قد تكون له سياسة خاصة يريد تطبيقها لذلك يريد دائما أن يحيط نفسه بمجموعة من الخبراء والمكلفين بمهام، لديهم نفس الرؤية.

ويرى محمد شقير أن التعويضات التي يتلقاها من يشغل مثل هذه النوعية من الوظائف تعد في حد ذاتها إشكالا ينبغي التعامل معه بجدية، لأن حجمها يؤكد أننا بصدد توزيع «كعكة سياسية» ما أصبح يطرح ضرورة تنظيمها من الناحية القانونية لتجاوز هذا الأمر بتحديد الاختصاصات والعدد حتى لا نكون أمام «ريع» يتلقاه أغلب هؤلاء دون أن يقدموا أي خدمة أو دراسة أو استشارة، وكذا من أجل المزيد من الضبط خاصة وأن التعويضات التي يتلقونها تصرف من المال العام، وعلى الوزراء التفريق ما بين انتمائهم الحزبي وما بين المنصب الذي يجب إسناده إلى من لديه الكفاءة الحقة، وليس على أساس الولاءات أو القرابة لأن الأمر يتعلق بتدبير حكومي وليس تسيير شركة عائلية.

شقير، في سياق حديثه عن الحلول التي يمكن من خلالها مواجهة هذا الوضع الشاذ، قال إن على مجلس الحسابات تحمل مسؤوليته ومراقبة هذا النوع من الوظائف والقيام بافتحاص داخل الوزارات لمعرفة عدد المكلفين بمهمة في كل واحدة منها، وكذا التعويضات التي يتلقونها، خاصة وأنه بعد الضجة التي خلفتها قضية جامع المعتصم في ديوان أخنوش، أصبح لزاما على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها وأن يشكل ما حدث فرصة لها من أجل إعادة النظر في هذه الوظيفة ومدى حاجة بعض الوزارات إليها وتقنينها سواء بالنسبة لكل وزير أو مستشار كما يجب تحديد عددهم وطبيعة المهام التي قد تتطلب التعاقد مع مكلف بها.

من جانب آخر، وبخصوص تواجد عدد كبير من المكلفين بمهام في الديوان الملكي نفسه، قال شقير إن الأمر مختلف عن الوزرات، حيث غالبا ما يكون التكليف بمهام في الديوان مرتبطا بملفات معينة، كما أن عددا ممن تم تكليفهم بمهام تمت فيما بعد ترقيتهم إلى درجة مستشار ملكي، ضاربا المثل بمحمد معتصم الذي دخل إلى الديوان للقيام بمهمة قبل أن يغدو من أصغر مستشاري الملك، مؤكدا أنه من الصعب الحديث عن ضرورة تحديد عددا المكلفين بمهام في الديوان الملكي، لكن يجب تقنين هذا الأمر بالنسبة للوزارات حتى لا تغدو قاعدة تلغي الاستثناء فضلا عن وضع ضوابط واضحة شفافة ووفق معايير يجب احترامها من طرف الجميع.

المكلفون بمهمة في الديوان الملكي : لا مقارنة مع وجود الفارق

وظيفة «المكلف بمهمة» هي من الوظائف التي تعرف تمددا وانتشارا بدواوين الوزراء. لكن بالعودة إلى الوراء، نجد أنها كانت حاضرة بقوة في الديوان الملكي، خاصة خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ومن بعده محمد السادس، لكن الفرق بين الوظيفتين، شاسع، ففي الوقت الذي يكون فيه المكلف بمهمة في ديوان ما أرقى مرتبة من المستشارين بل وحتى من بعض المدراء، خاصة في ما يتعلق بالتعويضات، نجد أنها في ما يخص الديوان الملكي أقل مرتبة من المستشار الملكي، خاصة وأن دائرة مستشاري الملك تبقى محدودة ويتم اختيار أفرادها بعناية ووفقا للكفاءات والخبرات التي تفتح أمامهم أبواب الإدلاء بالرأي الاستشاري أمام الملك، فيما التكليف بمهمة يبقى عملية تنفيذية غالبا ما ترتبط بمتابعة ملفات بعينها، كما أن تعيينهم في هذه المهام يتم عبر ظهائر ملكية يتم إصدارها ونشرها على خلاف تلك المتعلقة بنفس المهام في دواوين الوزراء.

حسب ما نشرته جريدة «ليكسبريس» الفرنسية قبل عشر سنوات في تحقيق لها حول «الملكية بالمغرب»، فإن عدد المكلفين بمهمة في الديوان الملكي وصل في تلك الفترة إلى 20 شخصا، تعددت مساراتهم وعلاقتهم مع الملك، بحكم أن المكلف بمهمة في الديوان الملكي هو شخص يحظى بثقة الملك وتوكل إليه إدارة بعض الملفات، كما هو الحال بالنسبة لبعض أصدقاء دراسته الذين شغلوا هذه المهام، ومنهم محمد رشدي الشرايبي، وفاضل بنيعيش ومنير الماجيدي، لكن إلى جانبهم أسماء أخرى قد لا يظهر لها أثر إلا إذا ارتبطت بأداء مهمة ما، كما هو حال عبدالحق بنسعيد الذي ربما لم يسمع به الكثيرون إلا عام 2015، عندما أشار إليه بلاغ للديوان الملكي كأحد أعضاء الوفد الرسمي الذي توجه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج، وقيل أنه مكلف بمهمة دون أن يزيد عن ذلك، وهو نفس الأمر مع نورالدين العمري، الذي شغل منصب مفتش مالية، والرئيس السابق لمجموعة البنك الشعبي، والكاتب العام السابق لوزارة الاقتصاد والمالية، والذي قدم خلال تنصيب أعضاء لجنة النموذج التنموي بكونه يشغل وظيفة مكلف بمهمة في الديوان الملكي.

في الديوان الملكي مرت أسماء متعددة من هذا المنصب، قد يكون أبرزها حسب المعلومات التي توصلنا إليها هو الطيب الفاسي الفهري الذي مر بمراحل متعددة من ديوان وزارة الخارجية إلى الديوان الملكي، فمباشرة بعد عودته من فرنسا عام 1984، تم تعيينه بحكم علاقاته العائلية، في منصب ملحق بمديرية التخطيط بوزارة التخطيط قبل أن يعين في يونيو1985 مكلفا بمهمة بديوان الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالعلاقات مع المجموعة الأوربية، ليشارك بهذه الصفة في مختلف المفاوضات حول العلاقات بين المغرب والمجموعة الأوربية، ليتم بعد ذلك تعيينه عام 1989 مديرا لديوان وزير الدولة المكلف بالشؤون الخارجية والتعاون، وهو الجسر الذي سيعبر منه نحو منصب كاتب للدولة في الشؤون الخارجية والتعاون إلى أن عينه الملك محمد السادس مكلفا بمهمة بالديوان الملكي عام 1999، ثم وزيرا للخارجية فالعودة مرة أخرى إلى الديوان الملكي ولكن بصفة مستشار.

نفس الأمر بالنسبة أيضا لأحمد غزالي الذي كان كاتبا عاما لوزارة العدل ثم رئيسا للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) والذي عينه الملك الحسن الثاني مكلفا بمهمة عام 1996 بديوانه وعضوا بمجموعة التفكير التي أسسها الملك الراحل. وهناك اسم آخر، هو يوسف العمراني الذي شغل حقيبة وزير منتدب في الخارجية، والذي كان أيضا مكلفا بمهمة في الديوان الملكي قبل تعيينه سفيرا بجنوب إفريقيا منذ أربع سنوات.aaaaaa


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.