للموسم الثاني تواليا يحقق المغرب عائدات قياسية من صادرات الفوسفات الذي تملك المملكة أكبر احتياطي عالمي منه، مستفيدا من ارتفاع الطلب عالميا على الأسمدة ما يعزز أيضا مكانة هذه الثروة الطبيعية كورقة رابحة للدبلوماسية المغربية، إذ تمثل حصة المملكة من السوق الدولية لهذا المعدن حوالى 31 بالمئة، بحسب "المجمع الشريف للفوسفات".
ومن المنتظر أن يحقق المغرب مع نهاية العام ارتفاعا في المداخيل من هذه المادة بنسبة 56 بالمئة مقارنة مع العام الماضي، ليصل إلى أكثر من 131 مليار درهم، بعدما سجل ارتفاعا نسبته 50 بالمئة بين 2020 و2021. نتيجة إلى اعتباره مادة أساسية في تصنيع الأسمدة وكذا استفادته من تزايد الطلب عليها مقابل عرض محدود بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 ثم الحرب في أوكرانيا. الديوان الملكي أعلن يوم السبت عن مخطط اسثتماري يطمح إلى "الرفع من قدرات إنتاج الأسمدة مع الالتزام بتحقيق الحياد الكربوني قبل سنة 2040". ويهدف هذا البرنامج الذي خصص له نحو 12 مليار دولار، إلى تزويد جميع المنشآت الصناعية للمجمع بالطاقة الخضراء في أفق العام 2027. عائدات قياسية الأرقام القياسية تعود، وفق عبد الواحد صاديقي، الباحث في الشأن الاقتصادي بدرجة أولى إلى نسبة الطلب الكبير على الأسمدة خلال فترة الخروج من الجائحة، ثم العقوبات التي فرضت على الصادرات الروسية، إضافة إلى الاستفادة الكبيرة من القيود الصارمة التي وضعتها الصين على صادراتها علما أنها مصدر رئيسي لهذه المادة، وارتفاع الطلب من جانب الهند، أحد أكبر المستوردين عالميا. ويضيف في حديثه ل"الأيام 24″ أن المملكة تضع نصب أعينها الاستفادة من الاحتياطي الضخم لزيادة إنتاج مادة الأسمدة، من خلال رفع المجمع طاقته الإنتاجية من 3,4 ملايين طن في 2008 إلى 12 مليون العام الماضي. ويتوقع أن تبلغ 15 مليون طن عند نهاية العام 2023. رفع إنتاج الأسمدة سيعزز الحضور الدولي للمجمع الشريف للفوسفاط خاصة على المستوى الإفريقي، حيث يملك فروعا في 16 بلدا بينها مشروع لإنشاء مصنع للأسمدة في نيجيريا افتتح مؤخرا، وآخر أعلن عن اتفاق لإنشائه في إثيوبيا في شتنبر، كما أعلن مؤخرا أنه سيخصص العام المقبل أربعة ملايين طن من الأسمدة "لدعم الأمن الغذائي في إفريقيا". وهذا بعدما أرسل نحو 500 ألف طن إلى دول إفريقية هذا العام إما مجانا أو بأسعار مفضلة. الفوسفاط ورقة رابحة ويعول المغرب، وفق المتحدث على مبدأ التوازن الدبلوماسي في علاقته مع مختلف بلدان القارة الإفريقية وغيرها، ويضع الفوسفاط كورقة رابحة على اعتبار أن ميدان السياسية والدبلوماسية ليس مجال الصداقات فقط وإنما المصالح الاقتصادية التي تتقاطع في عمقها ومآلاتها مع المكاسب السياسية. وقال المحلل الاقتصادي إن من الملاحظ أن مجموعة من الدول التي تستعمل قوتها الاقتصادية في كسب المعارك الدبلوماسية، وبالتالي فالمملكة تركز كل جهودها الدبلوماسية على حسم ملف الصحراء، ويحضر الفوسفات أحيانا في هذا السياق. وتستعمل الرباط في الأعوام الأخيرة أذرعها الاقتصادية بطريقة براغماتية بعيدة عن منطق المساومة وعندما تتعمق العلاقات الاقتصادية سيكون لها أثر سياسي، عبر تعزيز حضوره الاقتصادي في عدد من البلدان. ومن تجليات ذلك ما ذكرته وسائل إعلام مختلفة أن المغرب قرر التراجع خلال شهر شتنبر الماضي عن تصدير شحنة من خمسين ألف طن من الأسمدة إلى البيرو بعدما تراجع الأخير عن سحب اعترافه بجبهة البوليساريو.