يبحث المغرب عن التقليل من حدة أزمة الماء التي تواجه البلاد بسبب موجة جفاف الأسوأ منذ ثلاثة عقود،اعتمادا على مشاريع تحلية مليار متر مكعب من مياه البحرعلى المدى المتوسط إلى البعيد، لسد النقص في مياه الشرب والري. ويراهن المغرب على إنشاء محطات تحلية المياه القائمة في عدد من المناطق الجنوبية، كمدينة العيون وبوجدور وطانطان، كما أنشأ المغرب محطتين لتحلية مياه البحر في السنتين الماضيتين، في كل من الحسيمة بالشمال وجهة أغادير في الجنوب.
ووفق ما نقلت وكالة رورتيز عن مسؤول مغربي قوله، إنه "سيتم تعزيز مكتسبات تحلية مياه البحر عبر مشاريع في الأفق البعيد لبلوغ ما يناهز مليار متر مكعب على المدى المتوسط والبعيد في مختلف الأحواض ذات الواجهة الساحلية ببلادنا"
ضرورة مُلحّة
تفاعلا مع الموضوع، يقول رشيد الخالدي المحلل الاقتصادي والخبير البيئي، أن المغرب يواجه أسوأ أزمة جفاف في الثلاث عقود الأخيرة، ما يضع المملكة على في وضعية إجهاد مائي هيكلي والمرور بمرحلة جفاف صعبة.
واعتبر في حديثه ل"الايام 24″ أن الكثافة السكانية بمدينة أغادير خلال السنوات الأخيرة كان من أبرز إنعكاساته ارتفاع الطلب على الماء الصالح للشرب، وهو ما دفع إلى إطلاق مشروع تحلية مياه البحر، بغية توفير كميات إضافية من المياه تساهم في تلبية احتياجات الساكنة وتغطية الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية.
ويضيف المتحدث، إلى أن هذه المحطة ستساهم أيضا في تزويد المزراعين في المنطقة بمياه الري، خاصة وأن جزء كبيرا من تلك المناطق المستهدفة- بمناطق الصحراء أو المشاريع التي تم تشدينها بمختلف عموم التراب الوطني يعتمد على الزراعات المغطاة، والتي تتطلب توفير مصدر مهم للري.
ويلفت الخبير إلى أن المغرب وبفضل اعتماده على التكنولوجيات الحديثة والطاقات المتجددة إلى جانب الخبرة التي راكمها في مجال تحلية مياه البحر خلال السنوات الماضية، استطاع تخفيض كلفة إنتاج المتر المكعب من المياه المحلاة، من 50 درهم إلى 10 دراهم للمتر المكعب الواحد.
المغرب شهد منذ بداية شتنبر 2021 حتى غشت 2022 أمطارا تراوح معدلها بين 22.3 ملليمتر و329 ملليمترا "وهو ما يشكل عجزا يقدر بنحو 47 في المئة على الصعيد الوطني مقارنة مع معدل التساقطات"، يقول المتحدث.
وأضاف أن هذه الكميات المطرية نتج عنها "واردات مائية ضعيفة، حيث بلغ الحجم الإجمالي للواردات المائية المسجلة بمجموع السدود الكبرى للمملكة خلال نفس الفترة حوالي 1.98 مليار متر مكعب وهو ما يشكل عجزا يقدر بنحو 85 في المئة مقارنة بالمعدل السنوي للواردات المائية".
ويبلغ عدد السدود في المغرب نحو 104 سدود كبيرة و17 سدا صغيرا أو متوسط الحجم، بالإضافة إلى 67 شُيدت على بحيرات صغيرة وروافد أنهار، بسعة إجمالية تبلغ نحو 17.2 مليار متر مكعب.
سباق مع الزمن
وتوجد حاليا محطة قيد الدراسة بجهة الدارالبيضاء-سطات بسعة إجمالية 300 مليون متر مكعب في السنة، ومن المرتقب الشروع في إنجاز المرحلة الأولى منها بسعة 200 مليون متر مكعب في أفق 2023. في ما توجد مشاريع أخرى في طور الإنجاز في كل من مدن الداخلة وآسفي والجديدة وسيدي إفني وتزنيت وكلميم والصويرة والجهة الشرقية للمملكة.
ويعتمد المغرب في تمويل مشاريع تحلية مياه البحر عن طريق اعتماد شراكات بين القطاعين العام والخاص، للإستفادة من القدرات الابتكارية للقطاع الخاص في مجال تحلية مياه البحر، وكذا ضمان توفير الخدمات بصفة تعاقدية وتقديمها في الآجال المحددة وبالجودة المطلوبة.
وبلغ الحجم الإجمالي للواردات المائية المسجلة بمجموع السدود الكبرى للمملكة خلال الفترة بين فاتح سبتمبر الماضي وإلى غاية 25 أكتوبر الحالي حوالي 403 ملايين متر مكعب وهو ما يشكل عجزا بنسبة 38 في المئة مقارنة بالمعدل السنوي. ويعاني المغرب من أزمة ماء حادة للغاية لاسيما في مناطق الوسط والجنوب وشرق البلاد، مما يهدد الموسم الزراعي".
يذكر أن المغرب قد عزّز أنظمة المراقبة المناخية والمائية وكذا التحذير من الفياضانات ودمجها مع أنظمة المعلومات الخاصة بالماء كأداة لتحقيق الإدارة الجيدة للمياه، وكذلك "تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف لا سيما على المستوى الأفريقي ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من أجل دعم وتطوير قدرات البلاد لإدارة ظاهرة تغير المناخ والإستفادة من تجارب البلدان الأخرى في هذا المجال".