* حمزة فاوزي أصبح لا يخفى على أحد أن المغرب وفرنسا يمران من مرحلة "صيام في العلاقات"، فالسفيرة الفرنسية في الرباط غادرت لتعيينها في منصب جديد وكذلك فعلت الرباط مع سفيرها محمد بنشعبون الذي عيّنه الملك محمد السادس على رأس أهم صندوق سيادي في خطة المغرب الاقتصادية المقبلة.
الفراغ الديبلوماسي بين البلدين جاء بعد تراكمات زادت من حدة الاختلاف في وجهات النظر فمنذ أن عمدت فرنسا لتخفيض التأشيرات لدى المغاربة ما نجم عنه شجب وتنديد مغربي، بدأ بعدها مسلسل الأزمة الصامتة بين البلدين، ورغم أن كلا الطرفين ( المغرب وفرنسا) لم يعلنا بشكل رسمي سحب أي من سفيرهما، فخروج السفيرة الفرنسية هيلين لو غال من المغرب بعدما أعلنت ذلك خلال تغريدة بحسابها الشخصي بتويتر بحجة تنصيبها في أحد المناصب الديبلوماسية بالاتحاد الأوروبي زاد من غموض النوايا الفرنسية تجاه المغرب.
وتزامنا مع تعكر مياه العلاقات مع الجانب المغربي، ففرنسا تعيش مرحلة تجدد الثقة مع نظيرتها الجزائر وذلك بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون وأعقبها ذلك زيارة حكومية بقيادة رئيسة الوزراء إليزابيث بورن شملت التوقيع على اتفاقيات اقتصادية هامة شملت عدة قطاعات أهمها الطاقة التي أصبحت من أبرز هموم المسؤولين الأوربيين خاصة وأن فرنسا تعاني من نقص حاد في احتياطات الوقود وهو ما ولد أزمة اجتماعية خانقة.
ويطرح قرار المغرب بتعيين بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية السابق على رأس صندوق محمد السادس للاستثمار تساؤلا ما إن كان ذلك ردا على قرار الخارجية الفرنسية نقل لو غال إلى بروكسيل، وهو ما فسره المحلل السياسي والاستراتيجي الشرقاوي الروداني بكون العلاقات المغربية الفرنسية تمر من تحديات كبيرة تفرضها الأزمات التي يعيشها النظام الدولي وهو ما جعل العقيدة السياسية المغربية تتغير بعد الخطاب الملكي الأخير الذي ربط الشراكات المغربية مع الخارج بقضية الصحراء المغربية، وهو ما يتم تطبيقه حاليا مع فرنسا التي كان ينتظر منها أن تحذو حذو الولاياتالمتحدةالامريكية وعديد من الدول الأوربية في دعم صريح لمغربية الصحراء.
وأضاف الشرقاوي في تصريح لجريدة " الأيام24″ على أن المغرب في إطار ما يسمى بمفهوم " سيكولوجية الدول" هو من الفاعلين الدوليين ذوو الطابع المرن في المقاربات الديبلوماسية، وهو ما يتم لمسه في القرارات التي تبناها المغرب في معالجته للأزمة الصامتة مع فرنسا، بحيث نجح المغرب لحد الساعة في ضبط حدة الخلافات مع الشريك الأوربي بطريقة احترافية مما يعيد للأذهان طريقة التعامل مع فرنسا خلال أزمة 2015، بحسب تعبيره.
وأردف المحلل السياسي والاستراتيجي أن هنالك أوساط فرنسية تتعامل مع الأزمة الحالية مع المغرب بمنطق غير سليم يبتعد عن الوعي الحقيقي بمصير البلدين المشترك والشراكات الاقتصادية المهمة، مؤكدا في الوقت ذاته على أن تغييب المغرب لتمثيل ديبلوماسي في باريس بعد تعيين بنشعبون الأخير على رأس صندوق محمد السادس للاستثمار يحمل رسائل قوية لباريس بأن المغرب لن يقبل إلا بشراكات جدية مبنية على الاحترام والاهتمامات بنقاط القوة خاصة الاقتصادية بحيث تجمع المغرب وفرنسا مصالح اقتصادية جد مهمة بالغرب الافريقي.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن مستقبل العلاقات بين البلدين ينبغي أن ينبني على شراكة لها أساس قوي ينطلق من احترام بكلا متطلبات ومصالح كلا الجانبيين.