تعرف مياه العلاقات السعودية- الأمريكية حالة من الغليان كان وقودها قرار مجموعة "أوبك بلس" ( تجمع يضم 23 دولة مصدرة للنفط)، القاضي بخفض انتاجها النفطي، وهو ما اعتبرته الولاياتالمتحدةالأمريكية انحيازا واضحا لروسيا وضربا سافرا لمصالحها ومصالح حلفاءها الاقتصادية.
قرار "أوبك بلس" يطرح تساؤلات حول تداعياته على المغرب، بحيث أصبحت الأزمة الطاقية أبرز التحديات إذ تواجه الحكومة ارتفاعا كبيرا للأسعار يزيد من الضغط الاجتماعي ويقوض عديدا من المشاريع والطموحات، وفي وقت كان المغرب قد استبشر الخير في تراجع أسعار برميل النفط ، عادت من جديد المخاوف من قرار أوبك بلس الأخير الذي يبدو الهدف منه توجيه أسعار براميل النفط لمسار تصاعدي.
تأثيرات القرار على المغرب وضحها الكاتب والمحلل الاقتصادي محمد الشرقي، الذي بين أن قرار أوبك بلس جاء بسبب الخوف من تراجع الطلب في السوق العالمية سنة 2023 القادمة، نتيجة الانكماش الاقتصادي المتوقع في عديد من دول العالم خاصة الكبرى مثال الاتحاد الأوروبي والصين والولاياتالمتحدةالأمريكية ، وهو ما سيكون له تأثير على الأسعار التي ستعرف بذلك تراجعا كبيرا وهو ما سيؤثر سلبا على دول أوبك بلس التي وجدت أن قرار خفض الإنتاج لا مفر منه.
وأضاف الشرقي في تصريحه ل"الأيام 24″، أن القرار ليس في صالح المغرب الذي كان يأمل أن تلتزم دول أوبك بلس بوعودها حول الزيادة في الانتاج ب400 ألف طن يوميا، وهو ما يجعله يواجه واقع استمرار ارتفاع أسعار برميل النفط في السنة القادمة، مشددا في الوقت ذاته على أنه رغم ارتفاع الاسعار العالمية فالمغرب يعرف انخفاضا في تكاليف الواردات الطاقية لسببين أولها احتمال تراجع الأسعار في فترة من فترات سنة 2023 ، وثانيهما دخول الاحتياطات الغاوية المستكشفة لحيز الخدمة وهو ما سيساهم في تقلص الاعتماد على الواردات الخارجية بشكل تدريجي.
عديد من التساؤلات وجهت حول ما إن كان قرار أوبك بلس الذي تتزعمه السعودية ضربا في مصالح المغرب رغم الود الذي تعرفه العلاقات السعودية المغربية، وهو الأمر الذي نفاه بشدة المتحدث ذاته إذ أكد على أن العلاقات السعودية المغربية هي علاقات "أخوة وصداقة"، وأن قرار أوبك بلس ليس موجها ضد المغرب ولا لأي دولة نامية، بل هو يدخل في لعبة عالمية أكبر تنسجها الإدارة الأمريكية التي بدأت تتلقى تبعات مواقف رئيسها بايدن تجاه السعودية.
وشدد الكاتب والمحلل السياسي على أن المغرب في مواجهته للنتائج "قصيرة المدى" لقرار "أوبك بلس" مراجعة إمداداته الطاقوية والتوفر على مخزون استراتيجي يكفي على الأقل لمدة 3 أشهر، إذ تبرز أهمية الوعي بأن الخطر الحقيقي الذي يواجه المغرب في تحديه الطاقوي هو مشكل الإمدادات وليس السعر، إضافة إلى ضرورة العناية بالقدرة الشرائية للمواطن التي تأثرت بارتفاع الأسعار الدولية بشكل كبير بحسب تعبيره.