يضع المغرب مقدراته من الفوسفاط رغبة في الحفاظ على الأمن الغذائي في أفريقيا والتخفيف من أزمة الغذاء في القارة السمراء التي باتت اليوم تُلامس خطرا كبيرا جراء الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة فضلا عن تداعيات ظاهرة التغير المناخي. بهذا الخصوص، يقول مصطفى التراب المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط إن المكتب سيخصص 4 ملايين طن من الأسمدة لتعزيز الأمن الغذائي في إفريقيا بحلول عام 2023.
التراب الذي تحدث خلال مشاركته، الثلاثاء الماضي، في ندوة في إطار الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، كشف أن أسعار الأسمدة بدأت في الارتفاع قبل ثلاث سنوات بسبب عدم التوازن بين العرض والطلب، لكن هناك فرصة في الأزمة الحالية كي يتم التعامل مع التوازن على المدى البعيد والتركيز على القارة الإفريقية لأنها تعاني نقصا كبيرا، على حد تعبيره.
وأكد التراب أن الرهان كبير على القارة الإفريقية حيث تتواجد 65 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة بالعالم، مشيرا إلى أن " وصفة النجاح التي يعتمد عليها المكتب هي استخدام السماد الصحيح في الوقت الصحيح للتربة الصحيحة وبالطريقة الصحيحة".
مكتب الفوسفاط أصدر أمس الأربعاء بيانا، أوضح فيه أن تخصيص هذه الكمية من الأسمدة سيساهم في تحقيق الأمن الغذائي بالقارة الإفريقية، من خلال تلبية 80 في المائة من حاجياتها. مضيفا أن مبادرته ستمكن من ضمان أسمدة جيدة بأسعار رخيصة لتحسين مردودية 44 مليونا من الفلاحين في 35 بلدا إفريقيا، وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي في القارة.
ويتحرك المغرب بورقة الفوسفاط في عموم القارة من خلال إنشاء مشاريع مشتركة مع عدد من البلدان الأفريقية لمعالجة الفوسفات الصخري لاستخراج الفوسفور الذي يعد عنصرا رئيسيا في صناعة الأسمدة ما مهد الطريق أمام امتلاك المجموعة شركات فرعية في 12 دولة أفريقية بما في ذلك نيجيريا وغانا وساحل العاج والسنغال.
ويقول الخبراء إن دور المغرب سيكون قويا في المساعدة على استمرارية الإنتاج مع الإبقاء على أسعار معقولة خاصة مع توقعات باستمرار زيادة أسعار الغذاء خلال العام الجاري.
ولا تمثل الزراعة مصدرا حيويا لمواجهة الأمن الغذائي في أفريقيا وحسب وإنما أيضا مصدرا رئيسيا للدخل لدى الكثير من الشعوب الأفاريقية حيث يعمل نصف سكان القارة في مجال الزراعة.
يأتي هذا في وقت أطلقت فيه منظمات دولية تحذيرات تهم معاناة أكثر من 264 مليون شخص في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء من نقص التغذية جراء الفقر والصراعات والاقتتال وعقب ارتفاع معدل تضخم الغذاء على مستوى العالم العام الماضي إلى أعلى مستوياته في عشر سنوات. وما زاد الطين بلة أن الكثير من الأراضي الزراعية في بلدان أفريقية عديدة باتت متدهورة وذلك جزئيا جراء الوضع الجغرافي والتدهور البيئي فضلا عن أسلوب الزراعة الأحادي التي تعني زراعة محصول واحد طوال العام وعدم تنوع زراعة المحاصيل. وقد أدت كل هذه الأمور إلى الإضرار بالقدرة الإنتاجية الزراعية وتراجع جودة الأراضي الزراعية في أفريقيا.
في المقابل، يعد المغرب ثالث منتج للفوسفات في العالم إذ يختزن 75 بالمائة من الاحتياطي العالمي من صخور الفوسفات المستخدم في صناعة الأسمدة إذ بلغت احتياطات الفوسفات في المغرب إلى قرابة 50 مليار طن.
ومنذ عقود، قرر المغرب بدلا من الاكتفاء بتصدير المواد الخام من الفوسفات أن يصبح أحد أكبر منتجي الأسمدة في العالم فيما قررت مجموعة الفوسفات المغربية المملوكة للدولة (OCP) عام 2020 الاستحواذ على 54٪ من الحصة السوقية من صادرات الأسمدة إلى أفريقيا.