منذ إعفاء عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من رئاسة الحكومة وتعيين زميله في الحزب سعد الدين العثماني بدله، وحزب العدالة والتنمية يعيش على وقع بركان داخلي، يوشك على الانفجار، حيث لا تواصل ولا حوار بين قيادته وقواعده، منذ آخر مجلس وطني عقده إخوان بنكيران للتداول في بلاغ الديوان الملكي القاضي بإعفائه، والذي خرج آنذاك بقرار الموافقة على تشكيل الحكومة. الفجوة التي بدأت تتسع منذ منتصف شهر مارس الماضي، تبدو واضحة من خلال تضارب الآراء والمواقف بين عدد من قيادات العدالة والتنمية بالإضافة إلى أعضاء شبيبة الحزب الغاضبين على قراراته، حيث أكد مصدر مطلع من داخل الحزب ل"لأيام"، أن السبب الرئيسي الذي يجعل العدالة والتنمية لا يعقد مجلسه الوطني هو عدم وضوح الرؤية لقيادته وعدم توفرها على تبرير لتنازلاتها.
المصدر ذاته اعتبر أن الحزب في ورطة حقيقة، إذ أن التطورات السياسية تدعم اطروحة تراجع حزب العدالة والتنمية وأنه قدم تنازلات كبرى، مضيفا أن قيادة "البيجيدي" حتى لو استطاعت ان تجتمع على رأي وموقف واحد سيصعب عليها إقناع شبيبتها وقواعدها الغاضبين.
وبالرغم من أن الأمانة العامة لحزب "البجيدي" عقدت قبل أسبوع أمانتها العامة والتي كانت حدثا استثنائيا في تاريخ الحزب، حيث أنه لأول مرة ستجتمع بدون الأمين العام للحزب، الا ان مخرجات اللقاء لم تهدئ من روع الغاضبين بل زادت الطين بلة، إذ اعتبروا أن هناك شيء يحاك في الخفاء ضد بنكيران الذي كان متواجدا في الديار السعودية لأداء مناسك العمرة.
الشيء الذي أكده قيادي في حزب المصباح رفض ذكر اسمه، إذ اعتبر أن اجتماع قيادة "المصباح"، أقر رسميا أن هناك خلاف كبير في التقدير السياسي للمرحلة بين قيادات الأمانة العامة، مشيرا إلى الاختلاف الكبير في الرؤية بين ما يدافع عنه أنصار طرح بنكيران، والرأي الآخر الذي يتبناه العثماني ومعه الرميد والداودي.
بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ذكر أن اجتماعها الأخير، الذي ترأسه نائب الأمين العام سليمان العمراني، تم "بموافقة الأمين العام عبد الإله بنكيران" وذلك بعد جدل دار بين أعضاء داخل الحزب بخصوص عقد اللقاء دون وجود هذا الأخير.
هذا و أكد أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في البلاغ المذكور، على ضرورة "تجاوز تداعيات المرحلة والأسئلة التي طرحتها من خلال الحوار الحر البنَّاء والهادف والمسؤول داخل هيئات الحزب"، مؤكدين على "ضرورة امتلاك قراءة جماعية هادئة للمرحلة وبلورة رؤية مستقبلية لمواجهة استحقاقاتها وتحدياتها، مواصلة لخدمة المصالح العليا للوطن والاستجابة لانتظارات وتطلعات المواطنين، ودعا الحزب مناضليه إلى "التحلي باليقظة وروح المسؤولية والتمسك بمقتضيات الأخوة الصادقة وحسن تدبير الاختلاف، وتفويت الفرصة على المتربصين بالحزب".
كما أكد "حزب المصباح"، في بلاغ أمانته العامة، على "الوفاء لثقة المواطنين، التي بوأته مركز الصدارة في المشهد السياسي خلال الانتخابات التشريعية ل7 أكتوبر، وعزمه مواصلة أوراش الإصلاح ببلدنا والدفاع عن كرامة المواطنين وخدمة مصالحهم، سواء من خلال دوره على المستوى الحكومي أو عبر عمل برلمانييه ومنتخبيه وباقي هيئاته وتنظيماته الحزبية، والاستمرار في نهج القرب منهم والتواصل معهم بكل الآليات المتاحة".
الصورة التي حاولت الأمانة العامة للحزب إيصالها من خلال بلاغها مفادها تماسكه ووفاءه لثقة المواطنين لم تصمد طويلا، حيث علمت "الأيام"، أن هناك صراع قائم بين مناصري بنكيران ومناصري العثماني، وذلك احتجاجا على عقد الأمانة العامة لاجتماعها وتحركات البعض للإطاحة بالأمين العام للحزب، معتبرين أن مناصري العثماني من أعضاء الأمانة العامة هم من دعوا لعقد هذا الاجتماع ووضع بنكيران أمام الأمر الواقع.
مصدر قيادي بالحزب ذاته، قال إن أعضاء المجلس الوطني للبيجيدي يعتزمون بعث مراسلات يطالبون من خلالها العثماني بصفته رئيسا للمجلس بعقد المجلس الوطني، بعد عودة بنكيران من العمرة والذي من المرتقب أن يكون قد وصل مساء أمس الأربعاء، معتبرا أن النتائج التي سيخرج بها برلمان الحزب هي التي ستقرر مصيره.
الأحداث التي تعيشها مدينة الحسيمة ورد فعل الأغلبية الحكومية التي خرجت بتصريحات تتهم نشطاء الحراك الريفي بالانفصاليين وتخريب الممتلكات العامة بعد الاجتماع الذي عقدته برئاسة عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية، أبانت عن شرخ آخر بين الحزب و الحكومة، حيث أنه بعد إثارة التصريحات التي أدلى بها ممثلو أحزاب الأغلبية الحكومية، نهاية الأسبوع الماضي للإعلام الرسمي، بخصوص حراك الريف جدلا شعبيا كبيرا، خرج سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يوم الاثنين، في بلاغ على حائطه "الفيسبوكي" يؤكد عدم حضوره اجتماع الأغلبية، وعدم تفويض مهمة تمثيل الحزب لأي قيادي آخر..
وقال العمراني "اجتماع الأغلبية المنعقد نهاية الأسبوع انعقد بدعوة من رئيس الحكومة وبهذه الصفة حضر وترأس الاجتماع، أما حزب العدالة والتنمية فقد تعذر على نائب أمينه العام سليمان العمراني الحضور لكون الاجتماع تقرر في آخر لحظة وهذا الأخير تعذر عليه الحضور لكونه كان في سفر بعيدا عن الرباط". انتقادات البلاغ وتصريحات الأغلبية لم تتوقف عند هذا الحد بل غزت مواقع التواصل الاجتماعي، حي بدا أعضاء البيجيدي غاضبين من موقف سعد الدين رئيس الحكومة، وكتب حسن حمورو عضو المجلس الوطني للحزب على حسابه الفايسبوكي منتقدا ما صدر عن الأغلبية الحكومية " قيادات حزبية فاقدة للمصداقية وحكومة صورية لا لون ولا طعم لها لن تزيد الوضع إلا تأجيجا... الاصرار على تصدرها للمشهد مقامرة بالاستقرار... ".، من جانبه كتب نبيل عبيبو عضو بشبيبة البيجيدي أن "الصورة لي خرجات ديال العثماني يفتي على لشكر كتابة بيان الأغلبية لم تخرج اعتباطيا" مضيفا " العثماني أصبح ستيلو في أيديهم".