في الوقت الذي نفت فيه وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، أي علاقة لها بالهجوم الذي استهدف، الخميس الماضي، قاعدة براك الشاطئ، و أدى إلى مقتل 134 عسكريا تابعين للجيش الوطني، أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بشكل مفاجئ، إيقاف وزير الدفاع، المهدي البرغثي، عن العمل. قرار توقيف المهدي البرغثي، وصفه مراقبون ب "الغريب"، معتبرين أن وزير الدفاع المعفى لا يتحمل أي مسؤولية في الحادث الذي هز ليبيا، الذي ذهب -بحسبهم- ضحية صراع داخلي، خاصة و أن مساره المهني على رأس الجيش لا تشوبه شائبات، وكان منذ اندلاع الثورة الليبية سنة 2011 ضد نظام العقيد معمر القذافي ومواليا للثوار. ذات المراقبون يرون أن البرغثي ضحية لمؤامرة قوى سياسة كانت تطالب منذ وقت ليس بالقصير برأسه، بغرض إضعافه و إبعاده. العارفين بخبايا الشأن الليبي يرون أن هناك فاعلون يستفيدون من حالات اللاسلم و حالة الفوضى التي تعرفها ليبيا لخدمة أجنداتهم، خاصة و أن البرغثي يعتبر شخصا مزعجا أمام مصالح العديد من النافذين لما يتمتع به من مصداقية وصرامة. واستغرب آخرون الطريقة التي أعلن بها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي إقالة المهدي البرغيثي، خاصة و أن التبرير الذي صاغه المجلس حمل فيه مسؤولية أحداث قاعدة براك الشاطئ لوزير الدفاع، غير أن ليبيا كانت ولازالت منذ اندلاع الثورة سنة 2011 تعرف مجموعة من العمليات الارهابية، وهي العمليات التي زادت حدتها بعد تغلل القوات الموالية ل "داعش" في المنطقة، كما أن العالم بأسره يشهد عمليات إرهابية ولا يتم إقالة وزير الدفاع في كل مرة. وسبق لوزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، أن أصدرت بلاغا، ساعات بعد الأحداث الدامية التي شهدتها قاعدة براك الشاطئ، الجمعة، جاء فيه: "فى الوقت الذى نترحم فيه على من سقطوا يوم أمس الخميس بمعركة براك الشاطئ وندعو لهم بالرحمة والمغفرة فإن ذلك لأن وزارة الدفاع بحكومة الوفاق تؤمن بأن الجيش الليبى فى الجنوب والشرق والغرب هو جيش ليبى واحد وأن المصاب فيه مصابنا جميعًا". وأشارت وزارة الدفاع، فى بيانها، إلى أن توجيهاتها للقوات التابعة لها كانت دائما واضحة وتدعو إلى "التهدئة"، مشددة على أنه لم تصدر عنها أى تعليمات بالتقدم أو الهجوم على قاعدة براك الشاطئ، لكنها حملت المسؤولية ل "من بدأ قصف قاعدة تمنهنت بالطيران والمدفعية"، كما لفتت الوزارة إلى تحقيق شامل ستجريه فى ملابسات ما حدث بقاعدة براك، داعيةً إلى ضبط النفس والتهدئة. غير أن قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، الذي يرأسه فايز السراج، أتى مخالفا لكل التوقعات، و أعلن إقالة المهدي البرغثي. وكشف المجلس عن تشكيل "لجنة تحقيق تحت إشراف القائد الأعلى للجيش الليبي وبرئاسة وزير العدل المفوض، وعضوية وزير الداخلية المفوض للتحقيق في الأحداث الأخيرة التي شهدتها قاعدة براك الشاطئ وتحديد المسؤولين عنها". وأضاف المجلس في بيان "يوقف عن العمل كل من وزير الدفاع المفوض بصفته وآمر القوة الثالثة بصفته إلى حين تحديد المسؤولين عن خرق الهدنة ووقف إطلاق النار. ويكلف وكيل وزارة الدفاع مؤقتا بتسيير المهام الإدارية للوزارة إلى حين إشعار آخر". وحسب البيان، "يمنع على كافة القوات المسلحة التابعة للمجلس الرئاسي القيام بأية عملية عسكرية قتالية إلا بعد الحصول على الموافقة الصريحة من القائد الأعلى ويستثنى الدفاع عن النفس". جدير بالذكر أن "القوة الثالثة" هاجمت رفقة كتائب مساندة لها، قاعدة براك الجوية فى عملية مفاجئة من ثلاثة محاور، ما أسفر عن تدمير بعض الآليات، وسقوط قتلى وجرحى. فيما أعلن عميد بلدية براك الشاطئ، مقتل 74 جنديا من "اللواء 12" وجرح 18 آخرين فى الهجوم، أكدت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية أن ردها على مقتل جنودها من اللواء 12، سيكون "قاسيا وقويا".