أطلقت الولاياتالمتحدة والمغرب الاثنين تدريبات "الأسد الإفريقي 2022" التي تعد الأوسع من نوعها في القارة الإفريقية وتأتي هذه الدورة الجديدة، التي تحتضنها المملكة، في سياق إقليمي يطغى عليه استمرار التوتر مع الجارة الجزائر. إلى جانب المغرب يقام جزء من هذه التمارين أيضا في تونس والسنغال وغانا، وتستمر حتى 30 يونيو، بحسب ما أعلنت القيادة العسكرية الأميركية لإفريقيا (أفريكوم).
ويشارك فيها أكثر من 7 آلاف جندي من عشرة بلدان، بينها البرازيل وتشاد وفرنسا والمملكة المتحدة بحضور مراقبين عسكريين من حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومن 15 "بلدا شريكا"، بينها إسرائيل التي تحضر للمرة الأولى.
ويعتبر متتبعون، أن المغرب يجني مكاسب عسكرية وسياسية، من تنظيم مناروات "الأسد الأفريقي"، سنويا فوق التراب الوطني، في مناطق أكادير، بنجرير، القنيطرة، المحبس، تارودانت وطانطان.
في هذا السياق، يرى حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أن مناورات الأسد الإفريقي لسنة 2022 التي يحتضنها المغرب وتشارك فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية ومجموعة من الدول الأفريقية والأوربية ومن أمريكا اللاتينية، تنطلق لتشكل المناورات الأضخم اقليميا وأفريقيا، مما يزيد من الأهمية السياسية والعسكرية والاستراتيجية للمملكة المغربية.
وأضاف بلوان، في تصريح ل"الأيام24″، أنه رغم ذلك تختلف مناورات الأسد الأفريقي العسكرية 22، عن سابقتها من حيث السياق والحجم ونوعية العتاد العسكري المتطور المستخدم فيها، وهذا ما يجعلها مناورات عسكرية ذات طابع أمني لكن لا تخلو مرفقاتها من رسائل سياسية ومكاسب دبلوماسية يحققها المغرب، خاصة اذا استحضرنا أنها المناورات الأولى بعد الحرب الأوكرانية وتزايد تصعيد الجزائر لعلاقاته اتجاه المغرب وإسبانيا ومحيطها الاقليمي، كما أنها تأتي بعد توالي المناورات العسكرية الجزائرية بالذخيرة الحية على الحدود الغربية.
وأوضح المحلل السياسي، أن اجتماع هذا العدد الكبير من الدول في أضخم مناورات عسكرية يعطي الانطباع برسائل سياسية في جميع الاتجاهات مع اشتداد الصراع بين الغرب وروسيا، وتزيد مشاركة حلف الناتو في هذه المناورات اهمية الرسائل العسكرية والسياسية.
ولفت بلوان، أن "من أهم المكاسب التي يحققها المغرب حضور دول وازنة تصم مجموعة من القارات في نسخة 2022 على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، مما يعطي المملكة المغربية مكانة متميزة كشريك موثوق وذي مصداقية على مستوى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة الافريقية والساحل والصحراء على وجه التخصيص.
واعتبر أن ضم منطقة المحبس في الصحراء المغربية لتشملها هذه المناورات الكبرى للسنة الثانية على التوالي يفتل في حبل الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، خاصة بعد الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء سنة 2020 وتوالي اعترافات الدول الأوربية والافريقية والعربية، كما لا تخلو مناورات الاسد الأفريقي في نسختها 22 من مكاسب عسكرية حيث ستؤكد على طابع الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولاياتالمتحدةالامريكية عبر خارطة الطريق الامنية الممتدة لعشر سنوات 2020-2030 والتي سيقتني بموجبها المغرب اسلحة متطورة بالاضافة الى انه سيصبح منصة اقليمية لصناعة مجموعة من الاسلحة الدقيقة والحديثة.
وأشار بلوان، إلى أن "مشاركة حلف الناتو هو مكسب حقيقي للمملكة المغربية التي تعد شريكا استراتيجيا للحلف في غرب المتوسط، مما يزيد من أهمية المغرب لدى شركائه المتعددين خاصة في أمريكا والقارة الأوروبية، كما يبقى أهم مكسب حققه المغرب باحتضانه لهذه المناورات العامة هو استمرار مشاركة تونس وايطاليا فيها، خاصة اذا استحضرنا حجم الضغوط التي تمارسها الجزائر على هاتين الدولتين لتحويل موقفهما الداعم لقضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
وذكر بلاغ لأركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية أن الإنطلاقة الفعلية لسير عمليات فرقة العمل المشتركة متعددة الجنسيات تميزت بحفل الافتتاح الذي نظم اليوم الاثنين 20 يونيو 2022 على مستوى القيادة العليا للمنطقة الجنوبية بأكادير، بحضور ممثلين عن البلدان المشاركة .
ورحب الجنرال دوكور دارمي، بلخير الفاروق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، قائد المنطقة الجنوبية، في كلمته الافتتاحية، بمختلف الوفود المشاركة قبل التذكير بأهداف هذا الموعد السنوي. كما سلط الضوء على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، وبين المغرب والدول الشريكة، التي تتقاسم نفس المثل العليا للسلام والأمن.
وقال إن "التحديات الأمنية تدعونا لاستخلاص الدروس من مختلف الأوضاع، وتضافر المقاربات في ما يتعلق بالفائدة من التدريبات العسكرية المشتركة، وتجويد إدماج الأطر ضمن القيادات العليا متعددة الجنسيات وتجاوز المعيقات الثقافية واللغوية والإجرائية من أجل تعاون أكثر تنسيقا".
وسجل أن "هذا التمرين يندرج ضمن هذه المقاربة، في انسجام تام مع تطلعات بلداننا واحتياجات الإلتزامات الحديثة، وهي فرصة سانحة لإبراز المستوى العالي من القابلية للتشغيل العملياتي والتقني والإجرائي، وإدماج الرجال، ودمج الوسائل، وأساسا تقييم موضوعي لكل وضعية لتسهيل اتخاذ القرار". من جانبه، أبرز الجنرال دو ديفيزيون الأمريكي أندرو روهلينغ، قائد (SETAF-AF) أهمية هذا الحدث، الذي يمثل مناسبة لتبادل الخبرات بين البلدان الشريكة وتعزيز التعاون العسكري بما يضمن الأمن والاستقرار الإقليمي.
إثر ذلك، حضر ممثلو مختلف الدول المشاركة إيجازا حول الأنشطة المختلفة المبرمجة في هذه النسخة، ومنها تمرين القيادة العليا، والتمارين التكتيكية البرية والبحرية والجوية والمشتركة، ليلا ونهارا، وعمليات القوات الخاصة، والعمليات المحمولة جوا، والانشطة المدنية والعسكرية، والتدريبات ضد أسلحة الدمار الشامل والإجلاء الطبي.
و"الأسد الأفريقي" هو تمرين عسكري مشترك تنظمه القوات المسلحة الملكية والقوات الأمريكية كل سنة. وتعرف نسخة هذه السنة مشاركة عشرة بلدان إفريقية ودولية، بما فيها المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، فضلا عن حوالي 20 ملاحظا عسكريا من بلدان شريكة في مناطق أكاديروبنجريروالقنيطرة والمحبس وتارودانت وطانطان .