بين أسعار يكتوي بنارها المواطنون بجميع فئاتهم وخطاب سياسي يعاود نفسه يواصل الوضع الاقتصادي والاجتماعي لكثير من الأسر في الانحدار، فالحكومة جددت مرة أخرى حديثها عن الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة لهيب الأسعار لكنها في نظر منتقديها، قرارات أشبه بصرخة في واد لا يتعدى صداه حدود التأثير المنتظر. فالحكومة على لسان ناطقها الرسمي، تؤكد قيامها بعدة إجراءات لتعززيز القدرة الشرائية للمواطنين، حيث رفعت حجم الدعم المخصص لغاز البوتان إلى 21 مليار درهم، ورصدت مبلغ 3.4 ملايير درهم لدعم مادة الدقيق، وهو المبلغ الذي ينتظر أن يصل إلى 6 ملايير بنهاية السنة، ما لم يرتفع الثمن أكثر، فضلا عن دعمها لمواد أخرى كالسكر، لكنها اكتفت في نفس الوقت حدود تدخلها في موضوع المحروقات هو استمرار دعم المهنين، إذ يظل بحسبها الارتفاع خارج يدها ويغذيه السياق الدولي.
وبخصوص استغلال البعض لموجة الغلاء من أجل رفع الأسعار، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن هذه الأخيرة تراقب أسعار المواد المقننة، لكن المواد التي تخضع لقانون المنافسة تكون المراقبة من اختصاص مؤسسة دستورية أخرى في حال خرق هذا القانون، مشددا على ضرورة الضرب بيد من حديد على مثل هذه الممارسات.
وتسيطر حالة والغضب والغليان على فئات واسعة من المواطنين الذين يحمّلون المسؤولية الكاملة لحكومة عزيز أخنوش، في عدم تفعيل الآليات القانونية والحمائية للقدرة الشرائية للعموم، ومنح "شيك على بياض" لشركات المحروقات والمواد الاستهلاكية لمواصلة العزف على لحن رفع الأسعار ونسبها إلى السياق الدولي والحرب الروسية الأوكرانية.
ومن المنتظر أن تنظم هيئات نقابية وجمعيات عن المجتمع المدني، وقفات احتجاجية بالتزامن في عدد من المناطق، يوم الإثنين القادم، تنديدا بغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات التي تنعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام.
الارتفاعات "القياسية" و"غير المسبوقة"، تجددت معها المطالب ب"التدخل العاجل لحماية القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، ومراعاة حجم المعاناة التي يكابدونها"، وفق رسالة وجهتها نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
في السياق، دعت ثلاث نقابات أخرى أقل تمثيلا إلى إضراب في القطاع العام الاثنين، احتجاجا على ارتفاع الأسعار.
وسبق أن أثار ارتفاع أسعار الوقود مطالب في السنوات الأخيرة بتحديد هوامش الأرباح التي تجنيها شركات التوزيع، ما أثار أيضاً انتقادات حول "تضارب للمصالح". لكن الحكومة تستبعد أي عودة لدعم أسعار الوقود الذي كان معمولا به لعقود حتى العام 2015، حين تم إلغاؤه بسبب كلفته الباهظة على الميزانية العامة.
ويرتقب أن يتراجع النمو الاقتصادي هذا العام إلى حوالى 1,1 بالمئة فقط وفق صندوق النقد الدولي، بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا وتراجع عائدات القطاع الزراعي، الأساسي في المملكة، بسبب جفاف استثنائي.