اجتماع موسع بعمالة إقليم الجديدة لتتبع تموين الأسواق والأسعار (بلاغ)    تعيينات أمنية في مناصب المسؤولية    بنعلي تبرز تحديات الماء والطاقة    عقبات تواجه "مشروع ترامب" بشأن غزة.. التمسك بالأرض ومعارضة العرب    مسؤولون وجامعيون ينعون لطيفة الكندوز رئيسة "جمعية المؤرخين المغاربة"    استهجان واسع لتصريحات ترامب بشأن غزة والفلسطينيين    حادثة سير تودي بحياة امرأة وتتسبب في عدة إصابات    عمالة إقليم الجديدة تعقد اجتماعا موسعا للاستعداد لشهر رمضان    كأس تركيا.. النصيري يسجل ثنائية في مرمى أرضوم سبور (5-0)    إطلاق سراح بدر هاري بعد اعتقاله على خلفية شكاية من طليقته    إنتاج الصيد البحري يتجاوز 1.42 مليون طن والصادرات تفوق 31 مليار درهم (رئاسة الحكومة)    الرجاء يعين التونسي لسعد جردة الشابي مدربا جديدا للفريق        رسميًا.. الجيش الملكي يفسخ عقد مدربه الفرنسي فيلود    مجلس النواب يصادق بالإجماع على مشروع قانون يتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل    حجزعدد من الدراجات النارية بسبب القيادة الاستعراضية الخطيرة    الجيش الملكي يعلن انفصاله عن مدربه فيلود ويعين مساعده مدربا مؤقتا    السكوري: جرمنا طرد وتنقيل المضربين .. والإضراب العام من حق النقابات    أحكام قضائية مشددة في قضية "أنستالينغو" في تونس.. تفاصيل الأحكام وأبرز المدانين    إطلاق نار في بروكسيل.. المهاجمون لا يزالون في حالة فرار (فيديو)    التاريخ والذاكرة.. عنف التحول ومخاضات التشكل    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يرحب باعتماد اللجنة العربية لحقوق الإنسان لتوصيات تقدم بها المغرب    نقابات بالناظور تستجيب للإضراب الوطني احتجاجا على حكومة أخنوش    تهريب المخدرات يطيح بثلاثة أشخاص    الإضراب يشل النقل الحضري بوجدة    ستيني يُنهي حياته داخل منزله في مرتيل    اختفاء طفلين في طريقهما إلى سبتة من مدينة العرائش والمصالح الأمنية تواصل البحث    مؤشر "مازي" يسجل تراجعا في تداولات بورصة الدار البيضاء    الراشيدي: الثقة في المؤسسات تتراجع.. ونصف المغاربة يريدون مكافحة الفساد    وفاة المغنية الشعبية غيثة الغرابي    غياب اللقاح بمركز باستور بطنجة يُثير استياء المعتمرين    مسؤول نقابي بتطوان: سنبقى في الشارع حتى يسقط هذا قانون الإضراب المشؤوم    بلال الخنوس يتوج كأفضل موهبة لعام 2024    أخنوش يستعرض المؤشرات الاقتصادية والمالية للمغرب ويؤكد مواصلة الإصلاحات    مجموعة إسبانية تعتزم افتتاح منتجع فاخر في طنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جامعة عبد المالك السعدي تعزز البحث العلمي في مجال القنب الهندي باتفاقية جديدة مع الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المرتبطة بالنبتة    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    كعكتي المفضلة .. فيلم يثير غضب نظام المرشد في إيران    منصة "واتساب" تعلن عن تحديث جديد لتشات جي بي تي داخل تطبيقها    ماذا يعرف الأطباء عن أعراض وعلاج الاحتراق النفسي؟    بلقاسمي: ملعب الرباط سيدخل كتاب " غينيس"    ميلان يعلن تعاقده مع جواو فيلكس على سبيل الإعارة    أسعار الذهب ترتفع إلى مستوى تاريخي جديد    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    الولايات المتحدة.. مجلس الشيوخ يؤكد تعيين بام بوندي في منصب وزيرة العدل    سياسات ترامب الحمائية هل ستؤدي إلى حرب تجارية جديدة؟    ترامب يوقع على أمر تنفيذي بانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دردشة حول فنجان بنزين
نشر في الأيام 24 يوم 28 - 04 - 2022


يوم بيوم
دردشة حول فنجان بنزين
نور الدين مفتاح نشر في 28 أبريل 2022 الساعة 10 و 29 دقيقة
وأما عما قامت به الحكومات السابقة، فهذا ماض ولى، وعلى السيد رئيس الحكومة، بدل أن ينصت إلى تعاليق الفايسبوك على حائطه ومئات الحسابات فيه وهمية ! أن ينصت إلى المغاربة المحروقين بموجة الغلاء ولهيب أسعار المحروقات.
نور الدين مفتاح [email protected]
إيجابي جداً أن يتجاوب السيد رئيس الحكومة مع مجلس النواب ليخضع للمساءلة حول القضايا الحارقة وما أكثرها هذه الأيام، وليس هناك بالطبع أحرق من ملف المحروقات عبر العالم، ولكنه ملف فريد من نوعه في المغرب العزيز، متشعب مليء بالطلاسيم والمنعرجات، وأول المشاكل الصارخة في هذه القضية هي وجود رئيس حكومة في عز الأزمة الطاقية وهو في نفس الوقت صاحب أكبر مؤسسة خاصة لتوزيع المحروقات في البلاد.

ومن البداية نقول إنه مهما كانت نية السيد عزيز أخنوش حسنة، ومهما كان صدقه، ومهما تم تضخيم استفاداته من الارتفاع الصاروخي للبنزين والغازوال في محطات الوقود، فإن مجرد اجتماع صفتي رئاسة الجهاز التنفيذي ورئاسة أكبر هولدينغ طاقي في البلاد كافٍ ليضعه في زاوية الاتهام. إن عنوان تضارب المصالح ثابت لا غبار عليه، وهذا واحد من أسباب تعثر الحكومة الحالية في إقناع الناس بصدقية عملها ونجاعة برامجها.

للسيد أخنوش حجج تبدو مفحمة ظاهريا: الأولى تقول بأن الناس كانوا يعرفون من هو ويعرفون هذا التضارب (المزعوم) في المصالح ولكنهم صوتوا عليه، وبالتالي فكل من يتهمه الآن هو مجرد مُغرض لأن كلمة الشعب حسمت الأمر. والحجة الثانية تذهب إلى أن الكلام الذي تراكم حول 1700 مليار سنتيم قبل بضع سنوات، والتي تقدرها الجبهة الوطنية لانقاذ مصفاة لاسامير اليوم ب 3800 مليار سنتيم، من هوامش الربح غير الأخلاقية هو أيضا كلام لم يؤثر في المغاربة، وكان حكمهم على هذه الاتهامات هو تبويئ حزب الحمامة الصدارة في الانتخابات. والحجة الثالثة، هي أن الذي حرر أسعار المحروقات للتخفيف عن ميزانية الدولة من عبء صندوق المقاصة بما يقارب 38 مليار درهم هو السيد عبد الإله ابن كيران وليس عزيز أخنوش، وبالتالي لا يمكن تحميل الحكومة الجديدة وزر ما قامت به الحكومتان الإسلاميتان السابقتان.

وفيما تبدو هذه الحجج مقنعة ظاهريا، فإنها تحت التمحيص تفقد تماسكها لأسباب متعددة، منها أن الاتهامات التي صدرت من لجنة لتقصي الحقائق بالبرلمان، والخاصة بملايير هوامش الربح التي استفاد منها أرباب شركات المحروقات، لا يمكن أن يفندها تصويت شعبي على برلمان الكل يعرف تعقيداته وملابساته. انتخابات 8 شتنبر 2021 لم تكن محكمة للنظر في أخلاقية الأرباح من عدمها، فهذا يتطلب فتح الأوراق وشفافية تجمع النفطيين المغاربة والرد على الحجة بالحجة، بدل الترفع وترك الناس يضربون رأسهم مع الحائط. الناس صوتوا عقابيا على حزب العدالة والتنمية، وبعدهم بقوا متمثلين المثل الشعبي الأثير: «لا خيار في ضرار». وأما عن تضارب المصالح فهو ليس جنحة أو جناية، ولكنه نقيصة أخلاقية عندما يتبوأ المرء منصب قيادة الإصلاح.

ولو لم تكن الحرب الروسية على أوكرانيا التي رفعت أسعار الطاقة إلى عنان السماء، لظل هذا التضارب في المصالح متواريا نسبيا، ولكن ها هي الأزمة جعلت أولئك الذين صوتوا على عزيز أخنوش يعتقدون بشكل مباشر أن رئيس الحكومة هو الذي يشعل أثمنة البنزين والغازوال في المحطات من أجل مراكمة الأرباح، ويمكن أن نقول إن هذه المعادلة على الأقل ستقوض السلطة الأخلاقية للحكومة لتعبئة الناس حول البرامج الإصلاحية مهما كانت خلاقة وناجحة.

وأما عما قامت به الحكومات السابقة، فهذا ماض ولى، وعلى السيد رئيس الحكومة، بدل أن ينصت إلى تعاليق الفايسبوك على حائطه ومئات الحسابات فيه وهمية ! أن ينصت إلى المغاربة المحروقين بموجة الغلاء ولهيب أسعار المحروقات.

إن ابن كيران عندما اتخذ قرار التحرير دون أن يكون ذلك متزامنا مع إجراءات لحماية المواطن كان يعرف أنه يتخذ قرارا لا شعبياً، وقدر أن المصلحة العامة تقتضيه، ولكن أنتم كنتم من أعمدة هذه الحكومة، بل إن حليفكم حزب الاستقلال عندما لم تعجبه سياسة ابن كيران خرج من الحكومة، فمن دخل؟ أنتم. زد على ذلك أن العدالة والتنمية عوقبت وانتهى أمرها اليوم إلى مجموعة برلمانية لم تستطع أن تكون فريقا، والمنتظر منكم أن تصلحوا ما تدعون أنه كان قرارات خاطئة.
وبطبيعة الحال لا يتصور عاقل أن تتم العودة لصندوق المقاصة، فأخنوش يعرف قبل غيره أن ما دفع إلى التحرير قبل سنوات هو ما لا يمكن أن يقود إلى التراجع عنه اليوم، لأن ميزانية الدولة لا تفي. ولكن، بإمكانكم أن تسرعوا اليوم بالإجراءات المرافقة، وأن تتخذوا ما بإمكانه الحد من تفاقم الأرباح غير الأخلاقية الفاحشة.

لماذا، السيد رئيس الحكومة، لم تعيدوا النظر في قانون مجلس المنافسة كما نصت على ذلك الرسالة الملكية التي أزاحت رئيسه السابق إدريس الكراوي حتى يتسنى لهذه المؤسسة أن تقوم بدورها في الحد من شبهات الاحتكار؟ هذا هو السؤال الذي يختبر تضارب المصالح في صفتيكم الرئاسية للحكومة ولشركة خاصة للمحروقات. لماذا، السيد رئيس الحكومة، مع الأزمة الدولية الحالية، لم تتخذوا أي قرار استثنائي لظروف استثنائية كما فعلت دول أخرى عديدة وبأشكال مبتكرة، ومنها فرنسا وألمانيا، كتسقيف الأسعار المرحلي أو الدعم المباشر أو تخفيض الرسوم؟ لماذا ظللتم تتفرجون على الأسعار التي فاقت الخيال وكادت تصل إلى 20 درهما للتر من المازوط، والناس يعتقدون أنه كلما زادت الأسعار إلا وزادت أرباح رئيس الحكومة؟ وحتى الإجراء الخجول الذي اتخذتموه بدعم شركات النقل فإنه كان أعوج لأن الذين استفادوا منه هم أرباب الشركات الكبرى وأصحاب المأذونيات بدل المتضررين الحقيقيين. والذي يزيد من صدمة هذا المواطن، سواء الذي صوت عليكم أو لم يصوت، هو عندما يرى وسط كل هذا الدمار، أن تصنيفكم خلال هذا الشهر ضمن أكبر أغنياء العالم قد زاد اللهم بارك – وثروتكم ارتفعت، فكيف ستقنع وزيرة الانتقال الطاقي في حكومتكم المواطنين بأنكم كنتم أيضا من ضحايا ارتفاع أسعار البترول، لأنكم أصبحتم بلا هامش ربح! من سيصدق هذا سيدي الرئيس؟

وآاااسيمو ! ما أجمل الاسم وما أبدع النداء يا ريس. صحيح أن البرلمان لا يجب أن يكون حلبة ملاكمة كما قلتم ولكن، السيمو، سيدي الرئيس، ليس ملاكما، وأولئك الذين اعتقدتم أنكم معهم على «الرينك» من أصحاب بوانو هم مجرد مجموعة وليسوا فريقا أصلا، وبالتالي فحال ما جرى في البرلمان حول موضوع حارق كان حال ما سبق للراحل الحسن الثاني أن أبدع في وصفه ب «السيرك». نريد أجوبة على ما فعلتم، وعلى ما كان يجب أن تفعلوه ولم تقوموا به والمواطنون يحترقون بمحروقاتكم. الناس في الانتخابات لم يوقعوا لكم شيكا على بياض، بل على برنامج لتصلحوا به، وكانت أمامكم فرصة لتبديد كل هذه الغيوم التي تحوم حولكم، وتبدأوا بالوفاء بكل تلك العهود التي قطعتم، ولكنكم ضيعتم الفرصة، وضيعتم في عز الأزمة العالمية ضربة الجزاء، والغريب أنكم تتعانقون كالمنتصرين ! بصحتكم وراحتكم، واللهم لا شماتة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.