يدخل المغرب مرحلة ارتفاع الضغوط التضخمية التي بلغت أعلى مستوى لها في الربع الأول منذ العام 2008، مايثير المخاوف من تأثير ذلك على نسب النمو الاقتصادي الذي يعتمد في جزء مهم منه للطلب الداخلي، إضافة إلى انعكاسه السلبي على القدرة الشرائية للأسر وارتفاع تكاليف المقاولات. مخاوف عززتها أرقام المندوبية السامية للتخطيط حول أداء الاقتصاد الوطني، إذ أكدت أن نسب النمو الاقتصادي في تراجع بمعدل 1.8 في المائة خلال الربع الثاني من العام الجاري، بعدما بلغت خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية 15.2 في المائة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي، رشيد الخالدي، في تصريح ل"الأيام 24″ أن ارتفاع معدل التضخم إلى مستوى غير مسبوق في ظل ترقب انخفاض حاد في النمو، ينعكس على التشغيل والادخار، وأرجع تأثيراته إلى ارتباط نسب النمو بالطلب الداخلي.
واعتبر الخالدي، أن هذا الارتفاع له تداعيات مباشرة على القدرة الشرائية للأسر، الماضية في التآكل التي لم تتعافى بعد من أزمة فيروس كورونا والتي زادتها تداعيات الحرب الروسية أو الأوكرانية وتأثيرها المباشر على ارتفاع أثمان السلع، درجات كبرى.
وفي السباق، يقول المتحدث أن تطور القدرة الشرائية للأسر كان يخالف مستوى التضخم، الذي ظل في معدلات منخفضة في السنوات السابق قبل أن يبلغ أكثر من 3 في المائة في السنة الحالية، ما يثير نوع من القلق بشأن قدرة الأسر على الإدخار ومقاومة ارتفاع تكاليف العيش.
الإبقاء على الفائدة ولم يشأ بنك المغرب، رفع معدل الفائدة الرئيسي، حيث أبقى عليه في حدود 1.5 في المائة، رغم ارتفاع معدل التضخم المرتقب في العام الحالي إلى 4.7 في المائة، حيث كانت تنتظر الأوساط الاقتصادية أن يرفع معدل الفائدة بهدف كبح زيادة الأسعار. ذلك أمر لا يغفله والي بنك المغرب، عبداللطيف الجواهري، الذي يؤكد أنه عند تحليل التضخم في العام الحالي، يتوجب منطقيا رفع معدل الفائدة الرئيس، غير أنه يرى أنه عند النظر إلى توقعات العام المقبل، يتجلى أن معدل التضخم سينخفض دون 2 في المائة. وارتأى البنك العمل بطريقة المواءمة بين أهداف التحكم في التضخم والحفاظ على نوع من الديناميكية في الاقتصاد، إلا أنه يؤكد أنه إذا ظل معدل التضخم مرتفعا في العام المقبل، سيكون رفع معدل الفائدة الرئيسي مبررا، خاصة مع توقع تحقيق نمو في حدود 4.6 في المائة في 2023.