أثارت الزيادات المتوالية في أسعار المحروقات بالمغرب، ردود فعل غاضبة ورافضة لدى فئة عريضة من المواطنين، الذي أبدوا استياءهم في تدوينات بمواقع التواصل الاجتماعي، من أثمان البنزين والغازوال التي شهدت في الفترة الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق. ويعيش قطاع المحروقات في المغرب على صفيح ساخن يهدد بتصاعد لهيب الأسعار إلى حد غير مسبوق يؤثر على الاقتصاد الوطني وسلسلة الانتاج وعمليات الاستيراد والتصدير وكذلك النقل والتوزيع.
ويعتبر البعض، أن المغرب أصبح عرضة لتقلبات السوق الدولية بعد توقف مصفاة "سامير" لتكرير البترول وزادت الكلفة لأن سوق الطاقة ارتبط مباشرة بالموردين لاقتناء المنتوجات الصافية بدل البترول الخام الذي كانت توفر للمغرب مصفاة "سامير" خزانا مهما للوقاية من مخاطر السوق الدولية ويقلل من كلفة استيراد مواد مكررة.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، في تصريح ل"الأيام24″، أن ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب، سيتسمر لفترة معينة، مادام لا يوجد اتفاق ولا موعد لإنهاء الأزمة الروسية-الأوكرانية، لأن هذا رد فعل روسيا التي تعاقب أوروبا لكن في الوقت نفسه تعاقب العالم.
وأبرز الكتاني، في سياق تعليقه على المنحى التصاعدي لأسعار المحروقات بالمغرب، أن "أوروبا لا تعاني من التضخم لأنه منذ الحرب العالمية الثانية كان هناك نوع من الرفاه ولا يوجد تضخم، إلا في سنوات السبعينيات التي شهدت أزمة ارتفاع أسعار النفط، ولكن الوضع تأقلم وتكيف معه الأوروبيين.
وبالنسبة لتداعيات الأزمة الروسية-الأوكرانية على المملكة، اعتبر الكتاني، أن "المغرب سيعاني من ارتفاع أسعار الغاز والنفط، والقمح".
لا يستبعد الخبي الاقتصادي أن يصل سعر البنزين والغازوال 20 درهما، قائلا "أن أسعار المحروقات يمكن أن ترتفع إلى حوالي 20 درهم مادام يصل الآن إلى ثمن 14 درهم، ويحتمل أن تصل إلى 20 درهم في الصيف المقبل، ولكن الدولة ستتدخل لكي لا يصل إلى 20 درهم، وستعمل على إيجاد طرق بديلة من بينها الاقتراض، وهو ما سينعكس سلبا على المواطنين، وتؤخر الغلاء إلى ما بعد، لن تزيله ولكن ستؤخره، إلى مرحلة أخرى".
وأبرز الكتاني، أنه "بمعنى أن 20 درهم ستنعكس سلبا على المواطنين وستؤدي إلى ارتفاع جل المواد الأساسية بشكل كبير، وبطبيعة الحال في حالة ارتفع حجم الانفاق الشهري للمواطن البسيط ب500 درهم، معناه الدخل يمكن أن يشهد نقصا ب20 أو 25 في المائة".
وشدد الكتاني، أن "الدولة ليس في استطاعتها حاليا أن تغطي جل الارتفاعات التي تشهدها سواء قطاع المحروقات أو المواد الأساسية، وعندها التبريرات التي ترتبط بالتطورات التي تشهدها السوق الدولية".
وختم الكتاني حديثه بالقول "هذا نوع العقوبة الذي نعاني منه لأنه ليس لدينا مخزون احتياطي، الدولة يجب أن تعمل على شراء القمح عندما يكون الإنتاج جيدا في العالم، وعلينا أن نتوفر على مخزون احتياطي يكفي ل5 أو 6 أشهر، لأنه في حالة ارتفاع أسعار الحبوب، فلن نتحمل تابعاتها".
وسبق أن أكدت مصادر مهنية ل"الأيام24′′ أن عددا كبيرا من أرباب محطات الوقود يطلبون كميات من المحروقات هذه الأيام لكن التزود لا يكون إلا في حدود نصف الطلب لأن المخزون الوطني لا يكفي حاليا، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدولة المغربية تفرض مخزونا لتغطية 60 يوما من احتياجات السوق الوطنية لكنه في الحقيقة أمام غياب أي وسيط مثل محطة التكرير "سامير" لا يتجاوز عادة هذا المخزون 30 يوما.