اعتبر مسؤولون جزائريون، إنه من غير المرجح أن تسعى بلادهم لاستخدام إمدادات الغاز كأداة ضغط في نزاعها الدبلوماسي مع إسبانيا بعد أن اعتبرت مبادرة الحكم الذاتي المغربية بمثابة "الأساس الأكثر جدية، واقعية ومصداقية من أجل تسوية هذا الخلاف" حول الصحراء المغربية. وأعلنت الجزائر يوم السبت 19 مارس 2022 استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور بعد أن ساندت إسبانيا خطة مغربية للحكم الذاتي في الصحراء رفضتها جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
ونقلت قصاصة لوكالة "رويترز"، أن هذا الخلاف يأتي بينما تهدف الجزائر للاستفادة من أسعار أعلى وزيادة في الطلب الطويل الأجل على غازها في أوروبا نتيجة للأزمة الأوكرانية، وهي تطورات قد تساعد في الارتداد عن سنوات من التراجع في قطاعها للطاقة.
ولدى شركة سوناطراك للطاقة المملوكة للدولة عقود طويلة الأجل لتوريد الغاز إلى إسبانيا، والتي لا يمكنها قطعها بسهولة، رغم أن العقود تتضمن مراجعات منتظمة للأسعار.
وقال تنفيذي سابق في سوناطراك "الجزائر بلد يُعتمد عليه فيما يتعلق بتوريد الغاز الطبيعي ويعتزم أن يبقى كذلك."
وقال تنفيذي سابق آخر في سوناطراك إنه بالرغم من أن معظم إمدادات الغاز الجزائري مربوطة بعقود طويلة الأجل، فإن الشركة تهدف لتعزيز صادراتها إلى أوروبا على مدار الأعوام المقبلة. وكرر مصدر على دراية بالتفكير الحالي للشركة القول بأن سوناطراك ملتزمة بالوفاء بالتسليمات الواردة في العقود.
وبينما يتحول زبائن أوروبيون عن الإمدادات الروسية، فإنه قد تكون هناك منافسة أكبر على الغاز من الجزائر وليبيا، خصوصا بين دول حوض البحر المتوسط.
وعلاقة بالموضوع، قال الخبير في الشؤون الدبلوماسية والعلاقات الدولية، سمير بنيس، أنه على عكس ما يظنه البعض وما تقوله بعض الصحف الاسبانية، فإن هامش مناورة الجزائر أصبح منعدماً، ولن يكون بإمكانها اتخاذ أي قرار عقابي ضد إسبانيا.
وأضاف بنيس، في سياق تعليقه على موقف مدريد بشأن الصحراء ورد فعل الجزائر، إنه "كل من يظن أن بإمكان الجزائر أن توقف تدفق الغاز لإسبانيا فهو يجانب الصواب، فنحن نعلم أن عقود الغاز تكون عقود طويلة الأمد على مدى سنوات وعقود، على عكس العقود المرتبطة بالنفط التي تكون في الغالب عقود قصيرة الأمد.
وأوضح المحلل السياسي، أن "الجزائر مرتبطة مع إسبانيا بالاتفاق الذي وقعته مع هذه الأخيرة عام 2018 بخصوص أنبوب ميدغاز الذي يربط مدينة بني ساف الجزائرية بمدينة ألمرية الاسبانية. وتمتد صلاحية هذا الاتفاق إلى غاية عام 2030.
وشدد بنيس، أنه "لن يكون بإمكان الجزائر وقف الغاز لإسبانيا ولا حتى بمراجعة شروطه المالية وأقلمتها مع الارتفاع الحالي لأسعار الغاز. وفي حال قامت بذلك- ولن تقوم بذلك- فإنها ستخالف القانون الدولي الذي يؤطر هذه العقود بين الدول. كما أنها في هذا السيناريو المستبعد جداً ستكون عرضة للضغط من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، التي تعمل بشكل مضني منذ شهور على تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي.
وأشار المحلل السياسي، إلى أنه "كما أن أنبوب الغاز ميدغاز مملوك بنسبة 51 في المائة من طرف شركة سونطراك الجزائرية، بينما تتقاسم شركة ناتورجي الاسبانية وشركة بلاكروك الأمريكية ال49 في المائة المتبقية. وبالتالي، ففي حال قامت الجزائر بأي خطوة انتقامية ضد إسبانيا، فإنها ستكون في مواجهة مباشرة أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وفي رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أكد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، أن "إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" حول الصحراء المغربية.