كشفت صحيفة إسبانية أن القاضي الذي يحقق في العملية السرية في قضية حماية زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، أمر بإجراءات جديدة للعثور على العميل السري الذي أشرف على التقديم الخفي للزعيم الانفصالي من خلال قاعدة سرقسطة الجوية. وأكدت صحيفة "ABC " الاسبانية أن القاضي رافائيل لاسالا أصدر أمرا للشرطة بالتحقيق في هوية ذلك العميل، الذي ستكون شهادته أساسية لمعرفة من أرسله وبأي تعليمات.
وأمر القاضي الشرطة بالمثول في قاعدة سرقسطة واستجواب الضابط الذي كان مع ذلك العميل عند وصول غالي. وهكذا يحضر القاضي التحقيق الذي طلب في هذا الصدد من قبل المحامي أنطونيو أوردياليس، الذي يمارس الاتهام الشعبي في هذه التعليمات القضائية، والتي تشير إلى الوزير السابق "أرانشا غونزاليس لايا" والذي كان رئيس أركانه في الشؤون الخارجية، الدبلوماسي "كاميلو فيلارينو".
وأشرف العميل في ثياب مدنية يرتدي بدلة وربطة عنق، على وصول غالي الخفي إلى قاعدة سرقسطة وعلى الرغم من كونه مدنيا فقد أوضحت إيماءاته أنه يتمتع بالسلطة، إذ أكد سائق سيارة الإسعاف الذي نقل غالي في هذا المطار العسكري للقاضي لاسالا أن الشخص المدني هو الذي "أعطى الإرشادات لتحديد مكان سيارة الإسعاف على مدرج المطار وتنسيق نقل المريض" من الطائرة،
وكانت المحكمة الوطنية تلاحق زعيم البوليساريو لإجراءات تتعلق بالإرهاب والتعذيب والإبادة الجماعية، من بين جرائم أخرى، وفي 18 أبريل من العام الماضي، تأكدت الحكومة من أنه ورفاقه لم يجتازوا الرقابة الإلزامية على جوازات السفر، إذ أن دخولهم إلى إسبانيا لم يتم تسجيله، إذ تم إرسال الأمر من قبل الشؤون الخارجية إلى قاعدة سرقسطة من خلال هيئة الأركان الجوية.
ويحقق القاضي في هذه العملية السرية بتقدير الأدلة على جريمة المراوغة والباطل والتستر، إذ عينت الحكومة محامية الدولة، ماريا ديل مار غونزاليس بيلا، للدفاع عن لايا وفيلارينو. وقد طلب المحامي مرارا وتكرارا تعليق هذا التحقيق القضائي.
ولم يكشف موكليه للقاضي عن المسؤول النهائي عن هذه العملية السرية التي دبرتها الحكومة والتي تعرض الرئيس بيدرو سانشيز للخطر. وأكد أن السلطة التنفيذية خططت لاستقبال سري لإبراهيم غالي على أعلى مستوى، بحسب السلطات الجزائرية التي يحمي نظامها زعيم البوليساريو.
وسبق أن كشف التحقيقات المتواصلة من طرف السلطات الإسبانية حول دخول إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية لبلادها من أجل الاستشفاء بهوية مزورة.
العميل رفقة ضابط سلاح الجو وكشفت وثيقة مسربة خاصة بجهاز الإسعاف الذي نقل زعيم البوليساريو من مطار القاعدة الجوية بسرقسطة إلى مستشفى "سان بيدرو دي لوغرونيو" في 18 أبريل 2021، أن إبراهيم غالي تم تسجيله باسم "محمد أبديلال" عند وصوله إلى مطار سرقسطة عبر طائرة خاصة، وهو نفس الاسم تضمنته التقارير الطبية للمستشفى الجزائري التي حملها مرافقو غالي لدى وصولهم إلى إسبانيا.
"الفضيحة الثانية" بعد وصول غالي إلى المستشفى هوية مزيفة أخرى واسم جديد هو "محمد بن بطوش"، وهو نفس الاسم الذي اشتهر به أثناء تفجر قضيته إعلاميا.
وكشفت التحقيقات الجارية والتي شملت أيضا العاملين الصحيين الذين عالجوا غالي، اعترفوا خلال التحقيق معهم أن شخصا يرتدي زي سلاح الجو يرجح أن تكون رتبته ضابط وشخص آخر بملابس مدنية كان يوجه الجندي وينسق عملية نقل زعيم البوليساريو من الطائرة إلى المستشفى.
وأكدت وكالة الأنباء الاسبانية "أوروبا بريس" في تقرير حول التحقيقات، أن إبراهيم غالي كان رفقة ابنه وطبيب هذا الأخير قدم هو أيضا هوية مزورة باسم شخص يدعى محمد الصغير نقاش، توفى سنة 2010 سبق وأن تقلد في فترات متقطعة مهام وزارية وزير الصحة للشؤون الاجتماعية في الجزائر سنوات 1962 و1965، ولم تظهر الهوية الحقيقية للطبيب المذكور إلا في رحلة العودة من إسبانيا، واسمه الحقيقي عتبة محمد لامين.
ويشرف على عملية التحقيق رئيس محكمة التحقيق في مدينة سرقسطة القاضي رافائيل لاسالا، للوصول إلى جريمة التوثيق المزور عند وصول غالي لإسبانيا، فيما أثبت الشهود والمدعى عليهم الذين أعلنوا حتى الآن أنهم لم يجتازوا الرقابة الجمركية في مطار سرقسطة لأنه لم يكن شرطا أساسيا، ومع ذلك تصر الاتهامات على أنها كانت دخولا خفيا، ويتم البحث لمحاولة معرفة الأشخاص في الحكومة الذين كانوا على علم بالعملية، مع الأخذ في الاعتبار أن غالي في ذلك الوقت كان لديه قضيتان جنائيتان مفتوحتان في المحكمة الوطنية العليا".
هذا وتجتاز العلاقات بين المغرب وإسبانيا، التي توصف منذ فترة طويلة بالممتازة والاستراتيجية من الجانبين، مرحلة من التوتر الشديد بسبب قرار مدريد، غير محسوب العواقب، باستقبال إبراهيم غالي بهوية جزائرية مزيفة، والمتابع من قبل العدالة الإسبانية بتهمة الإبادة الجماعية والإرهاب.
وتم وضع غالي في أبريل الماضي في مستشفى قرب مدينة سرقسطة لتلقي العلاج بعد اصابته بفيروس كورونا، الأمر الذي أغضب المغرب وطالب إسبانيا بإجابات مقنعة حول السماح له بدخول أراضيها.