لن تكون المعركة الدبلوماسية للمملكة المغربية لحماية مكتسبات ملف الصحراء سهلة في واشنطن أرض جماعات الضغط والعلاقات المحكومة بالدولار والمصالح المتقلبة، مع توالي المناورات التي يقودها السيناتور جيمس إنهوف وعدد من المحسوبين على المعسكر المعادي للوحدة الترابية للمملكة، وآخرها ما ورد في مشروع مالية سنة 2022 للولايات المتحدةالأمريكية فقد خرج من غرفة لجنة الاعتمادات المالية بالكونغرس وفي إحدى صفحات توجيه بمنع تمويل بناء قنصلية بالداخلة. وحسب نص مشروع القانون فإنه يُمنع على وزارة الخارجية الأمريكية صرف أي مبلغ مالي على أشغال بناء القنصلية التي تدخل ضمن اتفاق الاعتراف بمغربية الصحراء ولم تر النور بعد في أرض مدينة الداخلة، لكن بالمقابل يُسمح استغلال المخصصات المالية لدعم العملية السياسية للملف الذي تتابعه حصرا الأممالمتحدة.
واحتُفي بهذا المنشور في الجزائر وبين عناصر البوليساريو بمعسكر تندوف، واعتبرها غالي الزبير رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن في الجبهة "إقبارا لحلم المغرب بقنصلية أمريكية في الداخلة" حسب تعبيره، وذهب إلى أن الدول التي افتتحت قنصلياتها في العيونوالداخلة سيدفعها ما صدر من لجنة الاعتمادات المالية بالكونغرس إلى مراجعة مواقفها.
لكن النص لا يزال في مرحلة "مشروع قانون" وصدر من لجنة فرعية، ستخضع كل الاعتمادات التي نصّت عليها إلى النقاش وسيتم تعديل بعضها في يوم التصويت في الجلسة المشتركة لمجلسي الشيوه والنواب كما يحدث في كل برلمانات العالم.
ورغم أن مشروع القانون لم يٌصادق عليه بعد، فقد أعلنت جبهة البوليساريو أنه تراجع للولايات المتحدة في عهد إدارة جو بايدن عن إعلان الاعتراف بسيادة المغرب على كامل تراب صحراء الذي وقعه دونالد ترامب في نهاية ولايته.
وستكون الدبلوماسية المغربية أمام تحد جديد في أروقة الكونغرس للحد من مناورات جيمس إنهوف رئيس لجنة الدفاع وباتريك ليهي رئيس لجنة الاعتمادات المالية التي من مكاتبها صدر مشروع قانون مالية 2022.
ونقترب من إتمام سنة كاملة على إعلان دونالد ترامب الذي جاء في إطار اتفاق ثلاثي بين المغرب والولاياتالمتحدة وإسرائيل، دون أن تنطلق أشغال القنصلية في الداخلة التي يرى المتابعون لملف الصحراء في تشييدها تنزيلا للاتفاق على أرض الواقع.
ويذكر أن باتريك ليهي كان ضمن 10 أعضاء بمجلس الشيوخ وقعوا على مراسلة أعدّها جيمس إنهوف تدعو وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن لمراجعة الموقف من الصحراء المغربية ودعم تنظيم الاستفتاء.
جيمس إنهوف سبق وتكلف شخصيا بقيادة جولة إفريقية للترويج لأطروحة انفصال الصحراء المغربية، يتزعم اللوبي الذي يتكلف بعملية التأثير في الإدارة الأمريكية لصالح الجزائر وضاعف من وتيرة أنشطته منذ عملية فرض الطوق الأمني في الكركرات وإعلان دونالد ترامب اعتراف الولاياتالمتحدة بسيادة المملكة على كامل تراب صحرائها.
ففي فبراير الماضي جمع توقيع 26 من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ووجهوا رسالة إلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تطالبه بالتراجع اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء.
ويشار إلى أن غالبية عقود جماعات الضغط الأمريكية "لوبيينغ" التي يتم توقيعها لأجل الجزائر يكون طرفها الرئيس شركة "سوناطراك" المؤسسة الحكومية الضخمة للبترول والغاز، في العام 2018 وقّعت اتفاقا مع شركة للضغط في واشنطن تسمى «أنترناشيونال بوليسي للحلول – International Policy Solutions»، وبلغت قيمة العقد الذي يمتد لسنة واحدة ما مجموعه 224.66 ألف دولار أمريكي، فيما بلغت قيمة العقود الجزائرية في ذلك العام ما مجموعه 420 ألف دولار.
في العام 2018 استعانت الجزائر بشركة للضغط السياسي تسمى ب»كين للاستشارات- Keene Consulting»، مستغلة في ذلك تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي للرئيس السابق دونالد ترامب. والهدف الأساسي كان هو الدفع لإقناع الإدارة الأمريكية بالانحياز لأطروحة الانفصال، وكذلك الضغط لإنهاء مهام «المينورسو» في الصحراء، من خلال إجراء استفتاء لتقرير المصير يصوت فيه من تريدهم جبهة «البوليساريو» ويتم من خلاله إقصاء الصحراويين المغاربة.
مالك شركة «كين للاستشارات- Keene Consulting»، ليس سوى دافيد كيين، الذي يوصف بأنه صديق حميم لجون بولتون مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، وهو كاتب سياسي خبر العمل الصحفي طويلا، كما اشتغل مستشارا للرئيسين الأمريكيين دونالد ريغان وجورج بوش الأب، وخبر ملف الصحراء.
وبموجب نص العقد، تقاضت شركة «كين للاستشارات – Keene Consulting» من الجزائر ما مجموعة 510 آلاف دولار، من أجل ترويج أطروحة الانفصال وسط نواب الكونغرس الأمريكي، كما نشرت هذه الشركة بموجب العقد عددا من المقالات في بعض الصحف الأمريكية، تبرز وجهة نظر الجزائر من قضية الصحراء المغربية، كما نظمت لقاءات مع أعضاء في الكونغرس، وكان المغرب حاضرا في كل الاجتماعات.