يواصل النظام الجزائري لعب جميع الأوراق الممكنة في سبيل محاصرة المغرب وعرقلة مسيرة تطوره، حيث يسعى حكام الجزائر وراء الاستغناء عن أنبوب الغاز المار عبر التراب المغربي نحو أوروبا، لحرمانه من الحصة التي يستفيد منها جراء الاتفاق والتي تقدر بحوالي 600 مليون متر مكعب في السنة. وتراهن الجزائر على أنبوب "ميدغاز" العابر للبحر المتوسط، لتصدير الغاز بشكل مباشر نحو إسبانيا ومنها إلى أوروبا، وهو الأمر الذي مثل محور الزيارة التي قادت وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل الباريس، أمس الخميس، نحو الجزائر.
وتأتي زيارة المسؤول الإسباني إلى الجزائر خوفا من تأثر إمداده بلاد بالغاز، وذلك قبل شهر من انتهاء اتفاقية تسليم الغاز الجزائري عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يمر عبر المغرب، حيث سينتهي العقد في 31 أكتوبر الجاري.
فكيف سيتأثر المغرب إذا تم الاستغناء عن أنبوب الغاز المار عبر ترابه؟ سؤال يجب عنه الباحث والمحلل السياسي بلال التليدي، بالقول إن الجزائر تهدف من وراء هذا التوجه الضغط على المغرب وحرمانه من "العائدات التي يجنيها من وراء الغاز الطبيعي الجزائري والتي يحصل فيها على قيمة 7 في المائة من الغاز المار من الأنبوب أو ما يضاهي قيمته نقدا".
وأضاف التليدي في اتصال هاتفي مع "الأيام 24″، أن الجزائر تسعى لتوجيه "ضربة موجعة للأمن الطاقي للمغرب، لأن الغاز الجزائري الذي يحصله المغرب، يمكنه من تشغيل محطتين كهربائيتين، وهما محطة تهدارت، ومحطة عين بني مطهر".
وأشار التليدي إلى أن الجزائر تهدف من وراء الاستغناء عن أنبوب الغاز المار عبر التراب المغربي إلى الاستثمار في مزيد من توتير "العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا ومنع عودتها إلى طبيعتها".
وأفاد المحلل السياسي بأن هذه الأوراق يبقى "تأثيرها محدود على المغرب"، لأن تبنى المملكة تبنت "استراتيجية طاقية وطنية تراهن على الطاقات المتجددة (الطاقات الشمسية والريحية والكهرومائية) منذ 2009 وتقلص من حجم الطلب الطاقي، حيث انتقل الطلب على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء من 15 في المائة سنة 2018 إلى 9 في المائة سنة 2020، وتتجه النسبة إلى 4 في المائة في أفق 2030".
وزاد مبينا أن المغرب مع حلول سنة 2024 سيبدأ في "استغلال حقل بني تندرارة للغاز الطبيعي، الذي يتوفر على احتياطات مهمة، تلبي حاجة المحطتين الحراريتين، التي تراهن الجزائر على تعطيل وشل قدرتهما للتأثير على الأمن الطاقي للمغرب".
وتوقع المحلل السياسي أن تتجه إسبانيا للضغط على الجزائر من أجل تشغيل "الأنبوبين معا، لأن أمنها الطاقي ليس موضوعا للمغامرة"، حيث ستجد الجزائر نفسها في وضع "المضطر ولو بتجديد جزئي للعقد المبرم مع المغرب، وهو الوضع المحرج الذي لا تريد الجزائر أن تسقط فيه".
ومضى التليدي موضحا أن الجزائر، تبذل كل وسعها لإقناع إسبانيا بقدرتها على تأمين تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا والبرتغال بشكل مستمر ومنتظم وألا خوف على الأمن الطاقي الإسباني من جهة الجزائر"، مبرزا أن أي تأثير على المغرب سيكون "محدودا وقصير المدى".