غادرت وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية السابقة، آرانشا غونزاليس لايا، حكومة بيدرو سانشيز من الباب الخلفي، وذلك بعد إعلانه عن إجراء تعديل وزاري مهم في محاولة لإنقاذ مصداقية سلطة تنفيذية تعيش على وقع التراجع. وقد وجهت أصابع الاتهام للوزيرة السابقة المثيرة للجدل، منذ أبريل الماضي، بسبب تدبيرها لأزمة الرباط ومدريد التي تفجرت في أعقاب استقبال إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو وهو ينتحل هوية مزورة في الأراضي الاسبانية ودفاع أرانشا عنه بشدة .
فهل يمكن أن يحدث منعطفا جديدا في العلاقات المغربية الاسبانية بعد إبعاد وزيرة الخارجية الاسبانية التي قادت الخلافات مع المغرب، وهل حقق المغرب انتصارا من خلال التعديل الحكومي في مواجهة المناورات الاسبانية؟
حسن بلوان، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في تصريح ل"الإيام24″، يرى أن الأزمة بين المغرب واسبانيا دخلت منعطفات جديدة، بعد التعديل الحكومي الذي شمل مجموعة من الوزارات على رأسها وزارة الخارجية.
وأوضح بلوان، أنه رغم محاولة الحكومة الاسبانية تسويق أن هذا التعديل عادي وروتيني، الا أن الصحافة الاسبانية أجمعت على أن الحكومة تحاول الخروج من مأزق الأزمة مع المغرب، والتخلص من وزيرة الخارجية غونزاليس لايا باعتبارها المسؤول الأول عن تصعيد الأزمة بين البلدين من جهة وفشلها في تدبيرها من جهة.
وأكد المحلل السياسي، أن المغرب نجح في تدبير ازمة العلاقة مع الجارة الشمالية من خلال عنصرين أساسين: قوة الموقف والندية الدبلوماسية اتجاه التصريحات المتشنجة لوزيرة الخارجية الاسبانية، ثم التحكم في الفعل الهادئ والخطاب الرصين، مما أحرج اسبانيا على ما اقترفته من تصرفات عدائية ضد المغرب.
وأضاف بلوان، أنه رغم محاولة وزيرة الخارجية الزج بالاتحاد الاوربي في هذه الأزمة الثنائية، لم تستطع اسبانيا محاصرة المغرب وإدانته أوربيا مما زاد في عزلة اسبانيا خاصة مع دخول الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية على الخط، مما شكل فشلا ذريعا لوزيرة الخارجية غونزاليس لايا.
وزاد المحلل السياسي بالقول، أنه رغم التصريحات النارية للوزيرة الاسبانية ضد المغرب، كانت الحكومة الاسبانية تبحث عن سبل إنهاء الأزمة وعودة العلاقات الطبيعية من خلال الاستعانة بالوساطة الفرنسية والتي لعب فيها السفير الاسباني في باريس، دورا كبيرا ومحوريا وهو ما جعل رئيس الوزراء الاسباني يرشحه ليخلف غونزاليس لايا على رأس وزارة الخارجية الاسبانية، وهو شخصية معروفة ومخضرمة وتربطها علاقات ودية مع المغرب وفرنسا.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية في حديثه للموقع، أنه على العموم يمكن الحديث عن انتصار آخر يسجله المغرب ضد المناورات الاسبانية، وفي نفس الوقت يمكن أن يمهد الطريق لعودة العلاقات تدريجيا بين البلدين بعد استرجاع منسوب الثقة برحيل الوزيرة لايا، وهو ما يمكن ان نستنبطه من المؤشرات التالية:
– حرص المغرب منذ بداية الأزمة على التحلي بضبط النفس والمعاملة بالمثل بعيدا عن التشنج والتصعيد الذي بدأه وزراء الحكومة الاسبانية خاصة وزيرة الخارجية غونزايس لايا.
– حرص المغرب على بعض حبال التواصل والتنسيق الأمني رغم القطيعة الاقتصادية والدبلوماسية مع الجانب الاسباني، وتفنيد جميع ادعاءات الوزيرة المنصرفة بلغة رصينة ومتوازنة.
– حرص إسبانيا على عدم المواجهة الشاملة مع المغرب نظرا للحاجة الماسة لشريك استراتيجي موثوق في غرب المتوسط، فكان لابد من مخرج لهذه الأزمة بابعاد وزيرة الخارجية لمساهمتها في اندلاع الازمة وفشلها في تدبيرها، خاصة بعدما اصبحت موضوع بحث قضائي لتسترها في إدخال زعيم البوليزاريو الى اسبانيا بوثائق مزورة.
– حرص اسبانيا على إرضاء المغرب من خلال تعديل وزاري يمكن أن يمهد الطريق لعودة العلاقات الثنائية، خاصة وأن جميع التصريحات المغربية كانت تربط انهيار الثقة بين البلدين بوزيرة الخارجية التي كانت تكيل الاتهامات والتصريحات اللامتوازنة