جاءت افتتاحية يومية "العلم" لتضع حدا أو على الأقل لتحاول أن تخفف من آثار أضرار القنبلة الانشطارية التي فجرها حميد شباط يوم السبت الماضي في خطاب له داخل نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب حول موريتانيا، حيث اعتذر حميد شباط "للشعب الموريتاني الشقيق"، لكن ماذا حدث بالضبط من يوم السبت الماضي حتى اعتذار شباط في افتتاحية العلم ليوم الخميس؟ مصادر جد مطلعة تقول بأن الأمين العام لحزب الاستقلال كان يريد أن يجعل من المجلس العام لنقابة حزبه محطة إرسال يبعث من خلالها رسائل متعددة إلى كل من يهمه الأمر، فقد هاجم في ذات الاجتماع حزب التجمع الوطني للأحرار وعزيز أخنوش خاصة وأعاد التذكير بما حدث بين مستشاري الملك وعباس الفاسي أثناء تشكيل حكومة بنكيران الأولى، وأراد الضغط أيضا على بنكيران لإبقاء حبل الود معه مفتوحا، لكن زلة لسانه قادته خارج الحدود حين تحدث عن موريتانيا وهو ما لم يعجب "الحزب من أجل الجمهورية" الموريتاني والذي له علاقات وطيدة مع حزب الاستقلال، وأضاف شباط بعض الزيت إلى نار تصريحاته حين أكد سوء استغلال ما صرح به واقتطاعه من سياقه الأصلي. مصادر جد مطلعة أكدت لموقع "الأيام 24" أن شيوخ الحزب دخلوا على خط الأزمة وحاولوا التحكم في اتجاه رياح الحرائق التي بدأت تتسع وفي مقدمتهم محمد بوستة الذي عرض على اللجنة التنفيذية اجتماعا يوم الاثنين بمنزله بالرباط، خاصة بعد أن أصدرت وزارة الخارجية بلاغا حارقا ضد تصريحات حميد شباط بلغة تفتقد لما تفرضه الدبلوماسية، وتسارعت الأحداث مع محاولة جبهة البوليساريو وضع الكثير من الملح على الجرح الذي اتسع بين المغرب وموريتانيا بعد مرور شفرة حلاقة شباط عليه بسبب تصريحاته. فقد اجتمع المكتب التنفيذي للشبيبة الاستقلالية وقرر تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الخارجية فيما يشبه لعبة شد الحبل، وقد تدخل شباط شخصيا لإيقاف هذا الأمر، وفي محاولة لإبراز أنه ليس معزولا أصدرت اللجنة التنفيذية بلاغا تلاه الناطق الرسمي وبرز الأمين العام لحزب الاستقلال محاطا بأعضاء اللجنة التنفيذية، لكن حبات السبحة كانت قد انفرطت، فقد اتصل الملك شخصيا بالرئيس الموريتاني وأرسل رئيس الحكومة وكاتب الدولة في الخارجية بوريطة على عجل لتسليم رسالة شخصية من الملك إلى الرئيس الموريتاني. بدأ شباط يعي أن اللعب أصبح أكبر منه وحتى الإعلام التابع له ابتلع لسانه وأصيب بالخرس، لذلك تمسح بأعتاب محمد بوستة وعباس الفاسي، حيث التقى أعضاء اللجنة التنفيذية بالأمينين العامين السابقين لحزب الاستقلال كل على حدة بمنزلهما، لكن المفاجأة جاءت في اليوم الموالي حين خرج عباس الفاسي ببلاغ يشجب فيه تصريحات شباط خاصة ما يتعلق بالمفاوضات التي أشرف عليها الأمين العام السابق للحزب، قيادي من حزب الاستقلال صرح لموقع "الأيام 24" بأن "بيان عباس الفاسي أخطأ الطريق فقد صمت دهرا ونطق كفرا، فقد كان يجب أن يوجه إلى جريدة العلم بدل وكالة "لاماب" لو كان عباس الفاسي يحترم مؤسسات الحزب". وقال ذات المصدر: "أستغرب كيف أن قيادة الحزب اجتمعت بعباس الفاسي في منزله حتى الثامنة من مساء يوم الاثنين ولم يقل شيئا لشباط باستثناء اعتباره تصريح شباط حول موريتانيا كان خارج التوقيت ولم يكن له داع"، وبعدها جاءت الخرجة غير المفهومة بالنسبة للعديد من الاستقلاليين لتوفيق احجيرة الذي غاب طويلا عن الحزب وكان حاضرا داخل اجتماع اللجنة التنفيذية ولم يثر رئيس المجلس الوطني أي اختلاف حول أي نقطة، وحسب مصادر "الأيام24" فإنه كان من المتوقع أن يصدر كريم غلاب بلاغا مماثلا، غير أن افتتاحية "العلم" التي اعتذر فيها شباط قد تكون أوقفت سلسلة من البيانات الفرعية من داخل قيادة الاستقلال.