حرصا مني على توضيح التطورات التي عرفها القرار غير المسبوق بإحالة مجموعة من القياديين من اللجنة التنفيذية، وأنا ضمنهم، للجنة التحكيم والتأديب التابعة لحزب الاستقلال على مخلفات تصريح الأمين العام ليوم السبت 24 دجبر في شأن العلاقات المغربية الموريتانية، أود أن أقدم الكرنولوجيا الكاملة للتطورات التي أدت الى الموقف الذي عبرت عنه والذي بموجبه يود السيد حميد شباط أن يحيلني على اللجنة المذكورة. ولاشك أن المتمعن في هاته المعلومات أسفله سيقدر مدى صحة موقفي خدمة لوطني ولحزبي. وفيما يلي التفاصيل: السبت 24 دجنبر، الأمين العام يقدم عرضا غير مكتوب في لقاء جامعات الاتحاد العام للشغالين ويستحضر علاقة المغرب بموريتانيا. الاثنين 26 دجنبر، الثالثة والنصف بعد الزوال: بداية الاجتماع العادي للجنة التنفيذية، يومين بعد ترأس الأمين العام اجتماع المجلس العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب والذي مس فيه بسيادة موريتانيا على ترابها الوطني. -الرابعة بعد الزوال: تقرر في بداية الاجتماع ضرورة الخروج من مقر الحزب على الساعة الخامسة إلا الربع للذهاب لبيت الأستاذ امحمد بوستة لزيارة مجاملة من طرف اللجنة التنفيذية متبوعة بزيارة أخرى لبيت الأستاذ عباس الفاسي لنفس الموضوع. أثناء الاجتماع، يصل خبر وكالة المغرب العربي للأنباء حول ما قاله الأمين العام حول موريتانيا يوم السبت السابق. يُقرأ بلاغ الخارجية في اللجنة التنفيذية وبداية مناقشة الموضوع بسرعة اعتبارا للمواعيد السالف ذكرها. أخذت الكلمة ضمن تدخلات سريعة لأعضاء اللجنة لأقول أنه من الطبيعي أن تدافع الخارجية على الموقف الرسمي للمغرب ولكن أُسلوب الديباجة فيه نوع من الإجحاف في حق حزب الاستقلال. – انتهاء النقاش الذي كان كله في حوالي 45 دقيقة، وتم التوجه لبيت الأستاذ امحمد بوستة. – الخامسة والنصف في بيت الأستاذ امحمد بوستة، استحضار موضوع بلاغ الخارجية في الدقائق الأولى. الأستاذ امحمد بوستة في علمه البلاغ وليس التفاصيل نظرا لحداثة نشره، يطلب التفاصيل، بعدها يطلب من الأمين العام السيد حميد شباط، بقوة شديدة، عدم إصدار أي رد من طرف الحزب نظرا لحساسية الموضوع في الظروف الحالية، السيد حميد شباط يلح على ضرورة الرد. الأستاذ امحمد بوستة يؤكد موقفه ويطالب اللجنة التنفيذية بالتزام التريث والحكمة. – السادسة والنصف ببيت الأستاذ عباس الفاسي، استحضار نفس الموضوع. يعبر السيد عباس الفاسي عن نفس رأي الأستاذ بوستة ويآخذ على الأمين العام واللجنة التنفيذية النقص الكبير في الاهتمام بالتنظيمات، والتقلب السريع في المواقف، والتراجع في الانتخابات وخاصة في المدن. يبرر السيد حميد شباط، بصفته الأمين العام، وجهة نظره و يدافع عن ما آل إليه الحزب. – السابعة والنصف الرجوع إلى المركز العام للحزب لمتابعة مناقشة فكرة نشر بلاغ الحزب أو العدول عن نشره. الأمين العام يقترح لجنة صياغة ويطلب أخد الموقف بعد انتهاء الإخوة من إعداد مسودة للبلاغ لمناقشة نشره أو لا بالنظر لمحتواه. الأخ عادل بنحمزة يقرأ المسودة، الجميع يتدخل، بمن فيهم أنا، وبعد إدخال بعض التعديلات، تتم الموافقة على البلاغ. أثناء الخروج من القاعة، يقترح أحد الإخوة الوقوف لتصوير فيديو قراءة البلاغ مع الأخ عادل بنحمزة لإظهار التضامن. لم يكن الوقت كافيا عند الجميع لإدراك أن قراءة البلاغ بذلك الشكل لم تكن فكرة حسنة. – عند خروجنا مباشرة من اجتماع اللجنة التنفيذية، وفي ساحة المركز العام تتواتر أخبار وتداعيات جديدة من قبيل أن الموضوع أكبر بكثير مما نتصور وأن جلالة الملك قرر توجيه رئيس الحكومة حاملا رسالة سامية للرئيس الموريتاني لتوضيح الموقف المغربي الرسمي. بدأت مباشرة في الاطلاع على المواقع الإخبارية الدولية لمعرفة التداعيات، وقضيت في ذلك وقتا طويلا إلى الساعات الأخيرة من الليل، وهنا فهمت بعمق الرأي الصائب للأمينين العامين السابقين للحزب وأنني وقعت في سوء تقدير لانعكاسات تصريحات الأمين العام حميد شباط على علاقات المغرب مع موريتانيا واستغلال الموضوع من طرف خصوم الوحدة الترابية لإعطاء صورة مشينة عن المغرب في المحافل الدولية وخاصة الإفريقية. هنا فهمت أن السيد حميد شباط يجب أن يقدم بسرعة كبيرة اعتذارا رسميا لتلطيف الأجواء لأن الموضوع سيكبر بسرعة خاصة وأن أمامنا اجتماع منظمة الوحدة الإفريقية والمغرب يدبر مشاكل الكركرات والكويرة بالجنوب. الثلاثاء 27 دجنبر، في الساعات الأولى من الصباح اتصلت هاتفيا بالسيد حميد شباط، الأمين العام، لأخبره برأيي وضرورة تقديم اعتذار رسمي من طرفه شخصيا للأننا لم نكن نتوفر على كل المعطيات حين أصدرنا بلاغ اللجنة التنفيذية ليوم الاثنين. كان جوابه بأن لا اعتراض لديه على اقتراحي وطلب مني المرور عليه ببيته للذهاب سويا للمركز العام للحزب ومواصلة النقاش هناك. ذلك ما وقع فشرحت له الأخبار المتواترة وما قرأته في المواقع الالكترونية الدولية. اتصل الأمين العام بمسؤول عن الاتصال التابع للحزب وطلب منه الحضور للمركز العام بنية تصوير فيديو الاعتذار بمكتبه. صادف ذلك نشر موقع إخباري الكتروني لخبر مفاده أنني تهربت من أخد صورة قراءة بلاغ يوم أمس وقال الأمين العام أن هذا غير صحيح وطلب من إدارة المركز العام نشر تصويب في الموضوع وشاركت في صياغته. بعد ذلك، بدء مكتب الأمين العام يمتلئ شيئا فشيئا بالأخوة الذين يتناقلون الأخبار من المواقع الاجتماعية وبعدها قرر الأمين العام أن بيان اللجنة التنفيذية الذي تلاه الناطق الرسمي كان كافيا ولا داعي لاعتذاره الشخصي. بعد رفضه لما كان قد اتفق معي عليه ونهاية لقائنا بالحزب، لاحظت من جديد في وسائل الإعلام أن الموضوع لازال يكبر بسرعة على المستوى الوطني والجهوي والقاري، وعلمت بمكالمة جلالة الملك مع الرئيس الموريتاني والخرجات المتواترة لمسؤولي الجمهورية الوهمية واستغلال الدول الجارة للوضع وتذكرت موقف الحكمة الذي عبر عنه الأمينان العامان السابقان للحزب فقررت أن أساهم بتواضع، انطلاقا من مسؤوليتي في اللجنة التنفيذية وكرئيس للمجلس الوطني، عملا على تلطيف الأجواء مع الأشقاء الموريتانيين لكون المصالح العليا للمغرب أكبر بكثير من تصريح غير محسوب العواقب جاء على لسان السيد حميد شباط وسانده بيان للجنة التنفيذية كنت فهمته في حدود أنه يرد على بعض العبارات المهينة لحزب الاستقلال في بيان وزارة الخارجية ولم أقدر آنذاك، مثلي مثل بقية إخواني في اللجنة التنفيذية، البعد الدولي لذلك البيان. لذلك، دفاعا عن الحزب، وعن المصالح العليا للبلاد، كتبت بلاغا مقتضبا حول ذات الموضوع واتصلت مع بعض الإعلاميين لمساعدتي على نشره بسرعة قبل لقاء رئيس الحكومة مع الرئيس الموريتاني منتصف نفس اليوم بموريتانيا، رغبة مني في أن يساهم اعتذار أحد مسؤولي حزب الاستقلال وبالأحرى رئيس مجلسه الوطني في تلطيف الأجواء. وموازاة مع بعث البلاغ لوسائل الإعلام، اتصلت بالأمين العام السيد حميد شباط لأخبره بنشر موقفي. فوجدت انه كان يطلع آنذاك على أول موقع إخباري نشره وأبدى لي امتعاضه ورفضه للعنوان الذي استعمله ذاك الموقع، إذ عنونه ب "بزوغ علامات انفصال داخل حزب الاستقلال" فأجبته أن الموضوع أكبر من هذا وسوف اتصل بالمسؤولين عن ذلك الموقع لأخبرهم بعدم موافقتي على العنوان لأنه يغير جوهر تصريحي ولا يقدر حجم المشكل الذي أوصلنا له تصريحه . في مساء نفس اليوم، اتصل بي الأمين العام حميد شباط وأخبرني بأنه قدم الاعتذار وهنأته على موقفه واعتبرت أن الموضوع يتقدم نحو الحل واتفقت معه أنني سأذهب لمنزله لأوضح له قراءتي لحجم المشكل على أساس أن نلتقي في اليوم الموالي. صباح الأربعاء 28 دجنبر: قرأت في جريدة "العلم" الاعتذار الذي جاء في شكل افتتاحية لجريدة العلم، لسان حال حزب الاستقلال. ثم توصلت بأولى الأصداء لكون بعض المقربين من السيد حميد شباط يلحون عليه بضرورة معاقبتي لكوني لم استشره قبل نشر وجهة نظري. هنا فهمت أن الإخوة لم يعطوا نفس الحجم الذي أعطيته لخطورة الوضع ولم يقرؤوا بنفس الطريقة البعد السياسي والدولي للقاء الذي جمع الرئيس الموريتاني ورئيس الحكومة المغربية الذي، كما يعلم الجميع، لم يكن بالسهل. الخميس 29 دجنبر فهمت أن الأمين العام واللجنة التنفيذية وأنا ضمنهم وقعنا جميعا في سوء تقدير جماعي للتداعيات الحقيقية لأننا لم نأخذ لأنفسنا الوقت الكافي للتقييم الموضوعي لخطورة وانعكاسات تصريحات الأمين العام حول موريتانيا وسيتأكد الموضوع أكثر حين يقرر الأمين العام وبعض أصدقائه وبدون اجتماع رسمي للجنة التنفيذية الدعوة لعقد دورة اسثنائية للمجلس الوطني وهي غير قانونية لكونها لم تحترم النظام الأساسي للحزب، وحقيقة الأمر أن المراد منها هو إعطاء مشروعية عرضي على اللجنة التأديبية للوصول إلى طردي من الحزب. الجمعة 30 دجنبر اتصالات مكثفة من السيد حميد شباط ومن المركز العام وبعض أعضاء اللجنة التنفيذية مع مؤسسات الحزب المركزية والجهوية والمحلية للتجييش والإعداد والإخراج وتوزيع الأدوار بين المنصة والقاعة للدفع بالقرار إلى الموافقة. على إثر هذه الأحداث، وبالشكل الذي تمت عليه، فإني متأكد أن موقفي، وطنيا وسياسيا، كان على صواب.