يوم بيوم الجزاير هبلت! نور الدين مفتاح نشر في 4 مارس 2021 الساعة 11 و 49 دقيقة لكن حكام اليوم الذين ينتمون إلى نفس الجيل الذي تواجه مع المغرب وعرف حروب الصحراء ضدنا بالوكالة وعاش على العداء للمملكة، كركيزة من ركائز السياسة الخارجية للجزائر، يعتبر كل اقتراب من الانفراج هزيمة له، وكل مكسب جرحاً يترجمه بالعنف، ولهذا أكرر وأقول حذار من سكرة المهزوم! فسباب اليوم وبعض المناوشات الصغيرة حوالي الجدار الرملي في الصحراء قد تتحول غدا إلى مغامرة جزائرية لخوض حرب جديدة ضد المملكة بالوكالة من خلال البوليساريو. نور الدين مفتاح [email protected] ما كنا لنعود لموضوع قتلناه كلاماً لولا وصول الأمر، نهاية الأسبوع الماضي، إلى حدود الجنون في التصعيد الجزائري ضد المغرب. ونعيد التسطير مائة مرّة على أننا نفرق بشكل لا لبس فيه بين النظام الجزائري والجزائر الشقيقة التي يوجد جزء من طلائعها في شوارع العاصمة للتعبير عن تطلعاتهم للحرية والديموقراطية والكرامة، وهي إن وجدت أو اقتربت فإنها بالضرورة ستكون متقاربة مع الحلم المغاربي في العمل المشترك والبناء من أجل الاندماج والتكامل بين الجارين الكبيرين أولا، ثم بين دول المغرب الأكبر الذي ترهنه حسابات بالية في قصر المرادية تنتمي لزمن مضى أكل عليه الدهر وشرب ونام! لقد أصدرت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية بيانا تكذيبيا لخبر نشر حسبها في «صفحات إلكترونية تحريضيَّة» يدعي أن الجيش الجزائري «بصدد إرسال قوات للمشاركة في عمليات عسكرية خارج الحدود الوطنية تحت مظلة قوات أجنبية في إطار مجموعة دول الساحل الخمس وهو أمر غير وارد وغير مقبول». وإلى حدود هنا الأمر عادي، والرسالة وصلت، والقوات الجزائرية لن تشارك مع القوات الفرنسية في عملية الساحل هاته. الجيش لا يشارك خارج الجزائر إلا بقرار من إرادة الشعب وهو خاضع لسلطة السيد رئيس الجمهورية.. شكرا على التوضيحات. ولكن السوريالية أيها العقلاء هي هذا الإقحام الفج للمملكة المغربية بشكل غير مسبوق في هذا الموضوع الذي يبدو تافها، إلا أنه أصبح رسالة خطيرة تدعو بكل صراحة إلى الاستنفار! البيان المفاجأة اعتبر أن هذا الخبر: «دعاية لا يمكن أن تصدر إلا من جهلة يعملون بأوامر من مصالح نظام المخزن المغربي والصهيونية» (هكذا!).. وأعتقد أن المتتبعين سينتبهون إلى أن استعمال هذا القاموس في حق بلد جار من طرف وزارة الحربية الجزائرية ليست مسألة قلم متشنج، أو نوبة غضب تواصلية، بل إنه تعبير عن مرحلة خطيرة تدخلها العلاقات الجزائرية المغربية، ويطبعها إحساس قوي بخروج قضية الصحراء عن سيطرة الجناح المتمسك بتأبيد الصراع، وكلما تم الاقتراب من الحل كلما تم الدفع من المؤسسة العسكرية عموما، وصقورها على الخصوص بالهروب إلى الأمام، ومحاولة اختلاق الأزمات والاستعداد للأسوأ، وقد لا يهمهم غدا إن اشتعلت المنطقة ولسان حالهم يقول مع الشاعر: إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر! إن هذا البيان، الذي أحسن المغرب عندما تجاهله رسميّا، كان يهدف إلى تدشين مرحلة جديدة من المواجهات الكلامية الساخنة بين الحكومتين، وكان الاستفزاز الذي سبقه هو استعمال برنامج لقناة «الشروق» لدمية للملك محمد السادس لممارسة التضليل والإهانة في حق الشعب المغربي. وفي كلتا الحالتين، لم يرد المغرب رسميا وأخمن أن الدولة فطنت إلى الفخ فذابت الشراسة والعنف على نار التجاهل، وهل يرد العاقل على اتهام المجنون له بالصهيونية؟! لقد دشن المغرب دينامية مدروسة منذ سنوات بدأت بمعالجة الظلم التاريخي الذي أدى إلى خروج المملكة من منظمة الوحدة الإفريقية، واستطاع بلا بترودولار أن يبني شراكات من جيل جديد مع دول القارة السمراء، وأن ينتهج سياسة خلاقة لا تميز في العلاقات بين من يعترف بالجمهورية الصحراوية ومن لا يعترف، بل بين دول تعمل بشكل مشترك من أجل مصلحة شعوبها، وهذا أعطى ثماره وتوسعت المعرفة بالمملكة، وزاد الحلفاء وتم التمهيد للعودة للاتحاد الإفريقي الذي لم يعد ميداناً تصول فيه الجزائر وتجول، بل أصبح منظمة تعالج قضية الصحراء بشكل متوازن، والأمل هو أن ترجع الأمور إلى نصابها وتخرج ما يسمى بالجمهورية الصحراوية من منتظم قاري يجب أن تكون فيه العضوية للدول في حين أن البوليساريو ليست دولة معترفا بها من طرف الأممالمتحدة. ولابد أن نذكر بعجالة بأكثر من عقد من الزمان جربت فيه الجزائر والبوليساريو كل الأسلحة، ومنها استعمال ملف حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية بشكل مغرض، حتى إنهم ألبوا الولاياتالمتحدةالأمريكية علينا وكادت المينورسو تشاركنا السيادة في مراقبة هذه الحقوق! واستعملوا استغلال الثروات في الأقاليم الجنوبية وسببوا لنا المتاعب في الاتحاد الأوربي سواء خلال توقيع اتفاقيات الفلاحة والصيد البحري أو في المحكمة الأوربية، وعملوا على حجز سفن للفوسفاط في أكثر من قارة وهذا غيض من فيض. إلا أن العجلة دارت بشكل لم يكن يتوقعه النظام الجزائري، وتم حسم قضية معبر الكركرات التي ترمز لوضعية آلاف الكيلومترات من الأراضي العازلة التي تسميها البوليساريو بالأراضي المحررة، وبعدها جاءت ردود الفعل الدولية معاكسة تماما لما تم توقعه من أن المنتظم الدولي سينتفض ضد «المغرب المحتل والغازي»! بل لقد توج مسلسل مثير من الاعتراف بمغربية الصحراء عن طريق فتح القنصليات في العيون والداخلة باعتراف أمريكي من خلال إعلان رئاسي بالسيادة المغربية على الصحراء، ووقع السفير الأمريكي خارطة المغرب الكاملة بالرباط وتم الفتح الرمزي لقنصلية الولاياتالمتحدةالأمريكية بالداخلة بحضور نائب كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية، والبقية هي انتظار تأكيد هذا الاعتراف من طرف إدارة الرئيس الجديد جو بايدن. كانت ردود الفعل في تندوف هي التحلل من اتفاق وقف إطلاق النار والإعلان عن حرب لا يحس بها أحد في العالم إلا مدعوها. ولكن في الجزائر قامت القيامة وانخرطت الدولة في مسلسل محموم من تسخين طبول هذه الحرب والترويج لها بروبورتاجات سخيفة في تلفزيونها الرسمي، وراسلت العالم من أجل إسقاط المكاسب المغربية، وأجرت مناورات عسكرية بالذخيرة الحية على الحدود مع المغرب وروجت لها على نطاق واسع، وتم تحريك اللوبي الجزائري بواشنطن للضغط على الإدارة الأمريكيةالجديدة من أجل التراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء.. وكلما تقدم المغرب وتعثرت هذه الجزائر الرسمية إلا وتزداد الشراسة في قصر المرادية، وهي اليوم شتم وسباب، ولكن حذار من سكرة المهزوم! إن ما يقوم به المغرب هو جهد جهيد من أجل حق ما كان يتطلب كل هذه السنوات من العرق والدماء، وهذا يحز في نفس شعب، كلما اقترب من الحل إلا ويعتقد أنه اقترب من انفراج سيعم الجميع بما في ذلك الجزائر، ويحررها من هذا الحمل الذي يثقل أكتافها وهي التي قد تكون خسرت ما يفوق ال 200 مليار دولار على حلم إنشاء دويلة سادسة في المغرب الكبير. ولكن حكام اليوم الذين ينتمون إلى نفس الجيل الذي تواجه مع المغرب وعرف حروب الصحراء ضدنا بالوكالة وعاش على العداء للمملكة، كركيزة من ركائز السياسة الخارجية للجزائر، يعتبر كل اقتراب من الانفراج هزيمة له، وكل مكسب جرحاً يترجمه بالعنف، ولهذا أكرر وأقول حذار من سكرة المهزوم! فسباب اليوم وبعض المناوشات الصغيرة حوالي الجدار الرملي في الصحراء قد تتحول غدا إلى مغامرة جزائرية لخوض حرب جديدة ضد المملكة بالوكالة من خلال البوليساريو. ولهذا فالرد الذي يستعد له المغرب لن يكون عبر بلاغات متهافتة، بل سيكون بيد القوات المسلحة الملكية في الدفاع عن حوزة التراب الوطني، وأما اللسان فلن يلهج إلا بالمحبة للشعب الجزائري الشقيق وبدعوات إطفاء نيران الفرقة وتأجيج العداوة، للنخب والمجتمع المدني المتيقظ، وباليد الممدودة إلى أن تتغلب الحكمة ويتعانق ويتلاحم المغاربيون كأصابع اليد الواحدة، وهذا حلم لا بد أن يتحقق.