رضخت بريطانيا الثلاثاء للضغوط الأميركية ووافقت على الاستغناء التدريجي عن شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي في موضوع شبكة الجيل الخامس، رغم تحذيرات بكين لها من اجراءات انتقامية. ودعت هواوي الحكومة البريطانية لإعادة النظر في قرارها فرض حظر على شراء معدات شبكة الجيل الخامس منها، معتبرة ان الإجراء "محبط" و"مسيس".
ويمنح القرار البريطانية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتصارا كبيرا في معركتها الجيوسياسية والتجارية مع الصين.
لكن القرار البريطاني يهدد بالحاق مزيد من الأضرار بعلاقات بريطانيا مع القوة الآسيوية العملاقة ويحمل كلفة كبيرة لمقدمي خدمات الهاتف المحمول في المملكة المتحدة الذين يعتمدون على معدات هواوي منذ ما يقرب 20 عاما.
وأعلن وزير الرقمنة البريطاني أوليفر دودن عن القرار خلال جلسة للبرلمان الثلاثاء، بعد أن ترأس رئيس الوزراء بوريس جونسون اجتماعات مع حكومته ومجلس الأمن القومي.
وأبلغ دودن النواب "من نهاية هذا العام، على مزودي الاتصالات عدم شراء أي من معدات الجيل الخامس من هواوي".
وقال المتحدث باسم الشركة الصينية في بريطانيا ايد بروستير "للأسف مستقبلنا في بريطانيا بات مسيسا، الأمر متعلق بالسياسة التجارية الأميركية وليس الأمن".
وتابع "هذا القرار محبط، انه خبر سيء لأي شخص في بريطانيا ولديه هاتف نق ال".
وتتطلب المبادئ التوجيهية الجديدة أيض ا نزع جميع معدات هواوي الحالية بنهاية عام 2026.
وأوردت تقارير أن شركة هواوي تضغط من أجل سريان الحظر الكامل بعد الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في عام 2024 على أبعد تقدير والتي يمكن أن تؤدي إلى وصول حكومة جديدة إلى السلطة تتبنى نهجا أكثر تعاطف ا.
أثار جونسون غضب ترامب وأزعج بعض أعضاء حزبه المحافظ من خلال السماح للشركة الصينية الرائدة في مجال شبكات الجيل الخامس بالمساعدة في نشر شبكة البيانات الجديدة السريعة في بريطانيا في كانون الثاني/يناير.
وكانت بريطانيا حينها تستكمل خروجها المضطرب من الاتحاد الأوروبي وتتطلع إلى علاقات قوية مع الاقتصادات الآسيوية القوية التي يمكن أن تحقق رؤية جونسون ل "بريطانيا العالمية".
لكن إدارة ترامب ابلغت الحكومة البريطانية أن قرارها عر ض تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين للخطر ويمكن أن يؤدي حتى إلى نقل بعض الطائرات الأميركية المقاتلة من إنكلترا.
وتعتقد واشنطن أن الشركة الصينية الخاصة يمكنها إما التجسس لمصلحة بكين واما إغلاق شبكات الجيل الخامس للدول المنافسة في أوقات الحرب.
ونفت هواوي هذه الاتهامات مرارا وأشارت إلى عقدين من التعاون مع وكالات الأمن البريطانية التي تحققت من سلامة شبكات الجيلين الثالث والرابع الحالية.
واضطرت لندن إلى مراجعة عقودها مع هواوي بسبب العقوبات الأميركية الجديدة في أيار/مايو والهادفة لمنع هواوي من تطوير أشباه النواقل في الخارج بالاعتماد على التكنولوجيا الأميركية.
لكن العقوبات الجديدة أثارت احتمال اضطرار هواوي إلى التحول من موردين أميركيين موثوق بهم إلى بدائل لا يمكن ضمان سلامتها من قبل وكالات الأمن البريطانية.
ويتعرض جونسون لضغوط سياسية متزايدة للاستغناء عن هواوي وتبني خط أكثر صرامة مع الصين بسبب سياستها في هونغ كونغ وقمع أقلية الإويغور المسلمة في منطقة شينجيانغ في غرب الصين.
لكن جونسون تعهد أيضا في العام الماضي توفير تقنية النطاق العريض لجميع البريطانيين بحلول العام 2025.
وتتواجد معدات هواوي في كل مكان في شبكات الجيلين الثالث والجيل الرابع القديمة في بريطانيا.
وتعتبر الشركة الصينية أن شبكات الجيل الخامس ستصبح أكثر أهمية مع تحول العالم إلى العمل في المنزل بسبب فيروس كورونا المستجد.
وحذ رت شركات الاتصالات البريطانية من أن التخلص من جميع معدات هواوي الحالية قد يكلفها مليارات وقد يستغرق تنفيذه سنوات.
وأثار الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات البريطانية فيليب يانسين احتمال تعرض بريطانيا "لانقطاعات" في الخدمة.
واقر دودن الثلاثاء بأن القرار الجديد يعني أن مزيدا من البريطانيين سيضطرون للانتظار أكثر للدخول في شكل كامل على الشبكة الجديدة السريعة.
وقال "هذا يعني تأخيرا تراكميا في نشر شبكة الجيل الخامس من سنتين الى ثلاث وكلفة تصل إلى 2 مليار جنيه استرليني (2,5 مليار دولار)".
واعترف بأن القرار "ستكون له تبعات حقيقية على الاتصالات" التي يعتمد عليها الجميع.
وكان جونسون طالب إدارة ترامب بتوفير بديل موثوق به وبسعر معقول من الشركة الصينية.
وتدفع بريطانيا باتجاه تشكيل مجموعة دول معتمدة على شبكات الجيل الخامس بوسعها تقاسم مواردها وتوفير مكونات لبديل يمكن تطبيقه في ارجاء العالم.
وأوضح دودن أن شركتي سامسونغ الكورية الجنوبية ونيك اليابانية من أبرز المرشحين لتعويض خروج هواوي، مشيرا إلى أن المباحثات تجري على "مستوى تقني".
وقال "ببساطة الدول حول العالم وليس فقط بريطانيا باتت تعتمد في شكل خطير على شركات قليلة جدا".
ولا يشمل قرار الثلاثاء شبكات الجيلين الثالث والرابع إذ إن معداتها غير مشمولة بالعقوبات الأميركية.