في الوقت الذي يتحدث فيه المغاربة و الموريتانيين على حد سواء عن وجود علاقة متشنجة بين سلطات الرباطونواكشوط، يتبادل الطرفان رسائل الغزل و المجاملة. فرغم عدم حضور الملك محمد السادس للقمة العربية التي احتضنتها قبل أيام العاصمة الموريتانية، ووجود حرب باردة بين الطرفين بداية بانزعاج الرباط من التقارب الموريتاني مع "البوليساريو" وصولا إلى مطالبة المغرب لموريتانيا بسحب جيشها من مدينة الكويرة المغربية، تأتي الرسائل المناسباتية لتلطيف الأجواء ونفي "القطيعة". فبعد الرسالة التي بعث بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال 17 لعيد العرش، قالت سفارة المملكة المغربية في نواكشوط إن موريتانيا والمغرب يرتبطان ب"علاقات عريقة ومتجذرة ضاربة في القدم"، وأشارت إلى أن هذه العلاقات "تغذيها روافد كثيرة أساسها التاريخ والجغرافيا ووحدة الدين والمذهب واللغة واللهجة".
وأكدت السفارة في كلمة بمناسبة عيد العرش الذي احتفل به المغرب يوم السبت، أن هنالك "أرضية صلبة ومتينة للتعاون على مختلف الأصعدة وفي كافة المجالات"، وتتمثل هذه الأرضية في "ما يتقاسمانه من روابط فريدة وما يتوفران عليه من طاقات وإمكانيات مادية وبشرية وما أنجزاه من ترسانة قانونية غنية ومتنوعة"، وفق نص الرسالة.
وأشارت السفارة في كلمتها، حسب صحيفة "صحراء ميديا"، الموريتانية، إلى أن هنالك رغبة مشتركة في تعزيز التعاون والتنسيق والتشاور السياسي، بالإضافة إلى ما قالت إنه "البحث عن فرص جديدة لتطوير التعاون لاسيما في مجالات الاستثمار وتشجيع المقاولة المغربية على ولوج السوق الموريتانية الواعدة والمساهمة في الأوراش التنموية الكبرى".
وتحدثت السفارة المغربية في نواكشوط عن اتصالات وزيارات عديدة بين كبار المسؤولين في البلدين منذ النصف الثاني من السنة المنصرمة، من ضمنها مشاركة فرقة من مشاة القوات المسلحة الملكية المغربية في العرض العسكري المنظم بمناسبة الذكرى ال 55 لعيد الاستقلال الوطني في نواذيبو.
أما على المستوى الاقتصادي فقد أعلنت السفارة المغربية أن حجم المعاملات التجارية بين موريتانيا والمغرب خلال العام الماضي وصل إلى حوالي 1.9 مليار درهم مغربي، أي ما يعادل ستين مليار أوقية، مشيرة إلى أن 1,3 مليار درهم (40 مليار أوقية) كصادرات مغربية ونحو 6,1 مليون درهم (حوالي مائتي مليون أوقية) كواردات موريتانية، وخلصت السفارة إلى أن "حجم المبادلات التجارية ما زال متواضعا ولا يرقى إلى إمكانيات وطموحات البلدين".
وفي مجال التعليم العالي قالت السفارة إنه "يستمر في تسجيل تألقه وفعاليته ومردوديته الجد إيجابية كأحد الأعمدة الرئيسية القارة والثابتة في العلاقات المغربية الموريتانية"، مشيرة إلى أن المغرب قدم في العام المنصرم للحكومة الموريتانية 300 مقعدا بيداغوجيا بمنحة، منها 203 من الطلبة الجدد و97 من الطلبة القدامى، فيما استفاد 141 طالبا من منحة خارج الحصة الرسمية، وأوضحت أن العدد الإجمالي للطلبة الموريتانيين الذين يتابعون دراستهم بالمملكة المغربية سنة 2015 إلى 1047 طالبا، منهم 753 بمنحة.
واستعرضت كلمة السفارة "الإصلاحات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية" التي حدثت في المغرب خلال السنوات الأخيرة، وقالت إنها تأتي "في سياق إقليمي ودولي غير مستقر بسبب استمرار تداعيات الربيع العربي وكثرة بؤر التوتر وتنامي الإرهاب في منطقتنا المغاربية ومنطقة الساحل والصحراء الكبرى وفي وطننا العربي عموما".
وأكدت في هذا السياق أن المغرب ظلت متمسكة ب"مواقفها الثابتة القائمة على حسن الجوار والتضامن مع الدول الشقيقة والصديقة وإبرام الشراكات الاقتصادية ذات الفائدة المشتركة"، وفق نص الخطاب.
وشارك في الحفل المخصص لعيد العرش عدد من السياسيين الموريتانيين من مختلف الطيف السياسي، بالإضافة إلى شخصيات بارزة في المجال الديني والثقافي والإعلامي.