الحكومة تصادق على قانون التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مجلس الجالية المغربية يتفاعل مع الخطاب الملكي    ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة القدم بمدريد    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    الحكومة تصادق على نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024.. مجموع المغاربة هو 36.828.330 نسمة    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    يغيب عنها زياش وآخرون.. مفاجآت في تشكيلة الأسود قبل مبارتي الغابون وليسوتو    نزهة بدوان نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع بالإجماع    6 نقابات تعلن إضرابا في المستشفيات اليوم وغدا وإنزال وطني بسبب "تهديد صفة موظف عمومي" (فيديو)    أسئلة لفهم مستقبل فوز ترامب على بنية النظام الدولي ومَوقِف الدول العربية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    هذه برمجة الدورة ال21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    إصلاح الضريبة على الدخل.. المحور الرئيسي لمشروع قانون المالية 2025    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    جو بايدن يشيد بهاريس رغم الخسارة    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    "خطاب المسيرة".. سحب ضمني للثقة من دي ميستورا وعتاب للأمم المتحدة        تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    لأول مرة.. شركة ريانير الإيرلندية تطلق خطوط جوية للصحراء المغربية    "الحرمان من الزيادة في الأجور" يشل المستشفيات العمومية ليومين    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    انخفاض عدد المناصب المحدثة للتعليم العالي إلى 1759 منصبا في مالية 2025    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبرمج تسهيلات مهمة للمتقاعدين    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرف على “عواصف السيتوكين” التي تجعل الجسم يهاجم نفسه
نشر في الأيام 24 يوم 11 - 05 - 2020

Getty Images فيروس كورونا المستجد يزيد كثيرا من احتمالات تسببه في حدوث رد فعل مناعي مفرط
في وقت تغص فيه المستشفيات بالمصابين بفيروس كورونا، يزيد خطر الوفاة جراء ذلك بالنسبة لمن تؤدي إصابتهم بالفيروس إلى رد فعل ذي طابع كارثي، يتمثل في تدفق الخلايا المناعية على الرئتين ومهاجمتها، بدلا من أن توفر الحماية لها.
ويتزامن ذلك مع حدوث تسرب في الأوعية الدموية وتجلط للدم نفسه، كما ينخفض ضغط الدم، وتبدأ أجهزة الجسم في الفشل في أداء وظائفها.
ويعتقد الأطباء والعلماء بأن هذه الحالة ناجمة عن رد فعل مناعي خرج عن السيطرة وبدأ يلحق الضرر بالجسم بدلا من مساعدته.
فعندما يواجه جسم الإنسان جرثومة ما، عادة ما يهاجم الجهاز المناعي هذا "العدو" ثم يتوقف بعد إتمام المهمة. لكن في بعض الأحيان، يخرج هذا الجيش من الخلايا المناعية - الذي يخوض معركته مع الفيروسات الغازية باستخدام "أسلحة" من الجزيئات - عن السيطرة، ويتحول جنوده المطيعون إلى حشد جامح صعب المراس.
ورغم أن هناك اختبارات وأساليب علاجية، يمكن أن تساعد على تشخيص هذا "التمرد" وإخماده، فمن السابق لأوانه التيقن من طبيعة السبيل الأمثل الذي يمكن اللجوء إليه، لعلاج من يواجهون هذه "العواصف الداخلية" بسبب إصابتهم بفيروس كورونا.
ومن بين الحالات المرضية التي تُسبب الإصابة بها رد الفعل المناعي المفرط ذاك في الجسم، التعرض لأنواع مختلفة من العدوى أو حدوث خلل في بعض الجينات مما يُعرف ب "اضطرابات المناعة الذاتية".
وفي كل هذه الحالات، يعتقد الجسم أن أنسجته تشكل أجساما دخيلة وغازية، وهو ما يُطلق عليه بوجه عام مصطلح "عاصفة السيتوكين"، وذلك نسبة إلى بروتينات سُكرية توجد بالعشرات، وتُستخدم في التواصل ونقل الإشارات بين خلايا "الجيش المناعي"، ويحمل الواحد منها اسم "السيتوكين".
وفي أوقات حدوث هذه "العواصف"، تعيث تلك البروتينات فسادا في مجرى الدم.
وفي السطور المقبلة، نستعرض لكم ما يعلمه العلماء حتى الآن، بشأن "عواصف السيتوكين"، وما قد تلعبه من دور في تفاقم حالات بعض المصابين بوباء كورونا.
العاصفة
Getty Images عندما يزيد عدد بروتينات "السيتوكين" عن اللازم، ربما يقود ذلك لخروج رد الفعل المناعي عن السيطرة
يقول العلماء إن تزايد عدد بروتينات "السيتوكين"، المسؤولة عن زيادة النشاط المناعي للخلايا، على نحو يفوق المعدلات الطبيعية، قد يجعل جهاز المناعة عاجزا عن السيطرة عليها أو وقفها. وفي تلك الحالة، تنتشر هذه البروتينات في أماكن مختلفة من الجسم، وليس فقط في المناطق المصابة بالعدوى فيه. وتبدأ في مهاجمة الخلايا السليمة، والتهام كرات الدم البيضاء والحمراء، وتدمير الكبد.
وفي ذلك الوقت، تُفتح جدران الأوعية الدموية للسماح للخلايا المناعية، بالدخول للأنسجة المحيطة. لكن هذه الأوعية تشهد تسربا شديدا لما بداخلها، إلى حد قد يؤدي إلى أن تُغمر الرئتان بالسوائل، وينخفض ضغط الدم.
بجانب ذلك، تتكون جلطات دموية في مختلف أنحاء الجسم، ما يفضي إلى انسداد مجرى الدم بشكل أكبر. وعندما تعاني أجهزة جسم شخص ما، من عدم وصول كميات كافية من الدم إليها، قد يُصاب هذا الشخص بصدمة، ما يهدد بحدوث تلف دائم لهذا العضو أو ذاك، أو يفضي حتى إلى الوفاة.
ويمكننا الاستعانة هنا برأي راندي كرون، أخصائي أمراض الروماتيزم والمناعة لدى الأطفال في جامعة آلاباما في برمنغهام، إذ يقول إن غالبية المرضى الذين يعانون من متلازمة "عاصفة السيتوكين"، يشعرون بارتفاع كبير في درجة الحرارة. كما يواجه نصفهم تقريبا بعض الأعراض المرضية التي تصيب الجهاز العصبي، مثل الصداع ونوبات الغياب عن الوعي، وحتى الغيبوبة.
ويضيف كرون، الذي شارك في إعداد كتيب صدر عام 2019 بشأن متلازمة "عاصفة السيتوكين"، بالقول: "يكون هؤلاء الأشخاص أكثر شعورا بالتعب وإصابة بالمرض".
ويشير إلى أن الأطباء توصلوا الآن فقط إلى فهم "عواصف السيتوكين"، وكيفية معالجتها. فرغم عدم وجود اختبار آمن للتشخيص، فإن هناك مؤشرات، يفيد رصدها بأنها ربما تكون في طور التكون. ومن بينها، ارتفاع مستوى بروتين الفيريتين في الدم، وكذلك تزايد مستويات ما يُعرف ب "البروتين المتفاعل-سي" الذي يفزره الكبد، ويشكل وجوده مؤشرا على حدوث التهابات.
وقد ظهرت أولى المؤشرات، التي كشفت عن أن "عاصفة السيتوكين" ضربت أشخاصا عانوا بشدة من (كوفيد – 19)، في مستشفى صيني قريب من البؤرة الأولى لتفشي الوباء. ففي إطار دراسة أُجريت على 29 مريضا، قال أطباء في إقليم ووهان الصيني، إنهم سجلوا ارتفاعا في مستوى اثنين من البروتينات المنتمية لعائلة "السيتوكينات"، لدى الحالات الأشد إصابة بفيروس كورونا المستجد.
كما كان وجود أحد هذين البروتينيْن في الجسم، مؤشرا مبكرا على معاناة صاحبه من أعراض مشابهة لأعراض متلازمة "عاصفة السيتوكين"، في إطار دراسة تحليلية شملت 11 مريضا، وأجراها أطباء في مقاطعة غوانغدونغ الصينية. وقد كشف فريق آخر، أجرى دراسة شملت تحليل بيانات 150 مريضا، عن أنه رُصِدَ لدى من توفوا منهم، نسبة أعلى من المؤشرات الجزيئية التي تفيد بحدوث متلازمة "عاصفة السيتوكين"، مُقارنة بنظرائهم ممن نجوا من الموت.
بجانب ذلك، رصد أطباء متخصصون في المناعة في مدينة خفي الصينية، نتائج مشابهة لدى تحليلهم لحالات مرضى قضوا نحبهم. وأشاروا كذلك إلى أنهم اكتشفوا وجود مستويات عالية من الخلايا المناعية النشطة المُدمرة التي تفرز "سيتوكينات" خطرة، في دماء مرضى كورونا تطلبت حالاتهم، وضعهم في غرف العناية المركزة.
المتلازمة نفسها ضربت مرضى أمريكيين. وقال روبرتو كاريكيو، رئيس قسم الأمراض الروماتيزمية في جامعة تيمبل بولاية فيلاديلفيا، إنه عاين "الكثير منهم". ولم تُنشر بعد البيانات الدقيقة المتعلقة بهذا الأمر. لكن كاريكيو يقول إن المؤشرات المتعلقة بحدوث متلازمة "عاصفة السيتوكين"، ظهرت بالفعل على نسبة كبيرة - قد تتراوح بين 20 في المئة إلى 30 في المئة - من المرضى، الذين عانوا بشدة من (كوفيد – 19)، وظهرت عليهم أعراض مرضية في الرئتين.
Getty Images يمثل التعامل مع "السيتوكينات" في مرحلة مبكرة السبيل الأمثل الذي يتيح للأطباء الفرصة لعلاج متلازمة "عاصفة السيتوكين"
غير أن تفاصيل الصورة الخاصة بالعلاقة بين الإصابة بكورونا، والمعاناة من هذه المتلازمة، لا تزال تتضح. ويقول راندي كرون إن "فيروس `كوفيد – 19`ربما يشكل في حد ذاته `عاصفة سيتوكين` فريدة من نوعها بشكل ما".
فمعدلات حدوث الجلطات الدموية لدى مرضى كورونا، بدت أكثر ارتفاعا، عن نظيرتها التي تحدث عادة بسبب الإصابة بمتلازمة "عاصفة السيتوكين" وحدها.
في المقابل، تبين أن مستوى بروتين الفيريتين لم يقفز لدى المصابين ب (كوفيد – 19) إلى المستوى المرتفع للغاية الذي يحدث في المعتاد.
علاوة على ذلك، ربما يرصد الأطباء مهاجمة الخلايا المناعية للرئة بسرعة أكبر وشراسة أشد، إذا كان الأمر يتعلق بشخص يعاني من كورونا كذلك، لدرجة أن ذلك يؤدي إلى حدوث تليف في الأنسجة.
ويُعقّب كرون بالقول: "يبدو أن الأمور تحدث بشكل أسرع، حال وجود الفيروس".
على أي حال، ليست هذه هي المرة الأولى التي يُربط فيها بين متلازمة "عاصفة السيتوكين" وأحد الأوبئة. فالعلماء يشتبهون في أن هذه المتلازمة سببت الكثير من الوفيات خلال تفشي وبائيْ الإنفلونزا عام 1918، و"سارس" في عام 2003، وهو وباء نجم عن تفشي فيروس مشابه لذاك الذي يُسبب الوباء الذي نواجهه حاليا.
وقد عكف كرون وزملاؤه مؤخرا على تحليل بيانات 16 حالة وفاة، وقعت بين عاميْ 2009 و2014، بسبب الإصابة بوباء أنفلونزا الخنازير، الناجم عن فيروس غير مألوف من فيروسات الأنفلونزا يحمل اسم (إتش وان إن وان)، ظهر عام 2009، وأصبح منذ ذلك الوقت ملمحا ثابتا من ملامح موسم انتشار الأنفلونزا في كل عام.
وتبين أنه ظهرت على 80 في المئة من هؤلاء المرضى، المؤشرات النموذجية، التي توجد عادة لدى من يعانون من "عواصف السيتوكين". بالإضافة إلى ذلك، كان لدى الكثير منهم، اختلافات وراثية، ربما جعلت الجهاز المناعي لكل منهم، أكثر عرضة لإصدار رد فعل مفرط، حال رصد أي فيروس يهاجم الجسم.
فقد أظهر تحليل بيانات هؤلاء المتوفين، أنه كان لدى اثنين منهم، تحور في جين يفرز بروتين يحمل اسم بيرفورين، ويُحْدِث في المعتاد ثقوبا في جدران الخلايا المصابة للقضاء عليها. ومن شأن حدوث أي تحور في الجين الذي يفرزه، عرقلة هذه العملية. لكن المشكلة أن ذلك لا يُثني الخلايا المناعية التي تتولى مهمة القضاء على الخلايا المصابة، عن مواصلة محاولة القيام بدورها، بما يجعلها – كما يقول الطبيب غرانت شولرت الذي شارك في إعداد دراسة حول متلازمة "عاصفة السيتوكين" – تنهمك "في ضرب رؤوسها في جدار الخلايا، ما يفرز كل هذه السيتوكينات، لتسبب في النهاية إحدى `عواصف السيتوكين`".
في الوقت نفسه، تبين أن لدى خمس من الحالات التي فحص كرون وزملاؤه بياناتها، تحورات في جين يسبب خللا في التعامل مع ما يُعرف ب "النفايات الخلوية"، ما يعطل عمل بروتين بيرفورين، ويمنع الخلايا المناعية من التعامل بكفاءة مع الفيروسات الغازية.
كما اكتشف العلماء أن لدى عدد آخر من الحالات تحورات جينية، يشتبهون في أنها ربما تكون قد أثرت على عمل جهاز المناعة.
وبحسب كرون، ربما تفسر هذه التحورات، أو تغيرات جينية أخرى مماثلة لها، السبب في أن نحو 20 في المئة من الأشخاص المصابين بكورونا، يعانون من أعراض مرضية حادة أو شديدة الخطورة جراء ذلك، بينما يصاب الآخرون بأعراض معتدلة، أو قد لا تظهر عليهم حتى أي أعراض على الإطلاق.
Getty Images نحو 20 في المئة من الأشخاص المصابين بكورونا، يعانون من أعراض مرضية حادة أو شديدة الخطورة
فربما يكون الجهاز المناعي الخاص بمن توجد لديهم هذه التحورات الجينية، مهيأ للخروج عن نطاق السيطرة، وهو ما يجعل أصحابه يصابون بالمرض على نحو أشد من غيرهم.
ويقول كرون: "من العسير أن تحارب العدوى والأمراض، في وقت يكون فيه جهازك المناعي يتقوض ويُدمر" من الداخل.
ترويض "العاصفة"
من هنا قد يتمثل أسلوب مواجهة "عاصفة السيتوكين" في تهدئة رد الفعل العنيف للجهاز المناعي. لذا تشكل المركبات العضوية المُنشِطة، التي يُعرف الواحد منها باسم "الستيرويد"، الخيار الأول للراغبين في علاج هذه الحالة، في ضوء أنها تعمل بوجه عام على تثبيط جهاز المناعة.
ووفقا لما يقوله كرون، لم يتضح حتى الآن، ما إذا كانت الاستعانة بهذه المركبات العضوية، سيكون مفيدا بالنسبة للمصابين ب (كوفيد – 19) أم لا.
ويمكن اللجوء كذلك إلى عقاقير دوائية، قادرة على التأثير في عمل "سيتوكينات" بعينها. ومن هنا، فإذا كان بوسعنا وصف ال " الستيرويدات"، بأنها قنابل ذرية فيما يتعلق باستهدافها لهذه "البروتينات المتمردة"، فإن تلك العقاقير تبدو بمثابة صواريخ دقيقة التوجيه، يمكننا استخدامها ضدها. وتفيد الاستعانة بهذه الأدوية في القضاء على ال " سيتوكينات"، وتجنب المساس في الوقت نفسه بالخلايا المناعية السليمة.
ومن بين هذه العقاقير الدوائية، "آناكينرا"، الذي يُمثل نسخة مُعدلة من بروتين يُفرز في جسم الإنسان بشكل طبيعي، ويثبط مستقبلات "سيتوكين" يُعرف باسم "أي إلي-1". وقد أقرت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، استخدام هذا العقار لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي والالتهاب متعدد الأجهزة لدى الرضع والأطفال. كما سُمِحَ باستخدام عقار آخر يحمل اسم "غاميفينت"، من جانب من لديهم استعداد وراثي، للإصابة بمتلازمة "عاصفة السيتوكين".
وتشير أدلة أولية ظهرت في الصين كذلك، إلى أن استخدام جزيء بروتيني طوّر في المختبر ويحمل اسم "توسيليزوماب"، يمكن أن يكون مفيدا بالنسبة للمصابين ب (كوفيد – 19).
فقد يعوق هذا الجزيء مُستقبلات "سيتوكين" يُعرف ب "أي إل-6"، ما يؤدي لمنع الخلايا من استقبال الرسائل الموجهة منه. ويُستخدم ال "توسيليزوماب" عادة لمعالجة التهاب المفاصل والتخفيف من أعراض متلازمة "عاصفة السيتوكين"، لدى مرضى السرطان ممن يتلقون علاجا مناعيا.
وفي أوائل فبراير/شباط الماضي، استخدم أطباء في مستشفييْن في مقاطعة آنهوي الصينية هذا الجزيء البروتيني بشكل تجريبي، لمعالجة 21 مريضا أصيبوا بأعراض (كوفيد – 19)، بشكل تراوح ما بين حاد وحرج. وأدى ذلك إلى تراجع حدة ارتفاع درجة الحرارة لديهم، جنبا إلى جنب مع انحسار أعراض أخرى في غضون أيام قليلة، ما سمح ل 19 منهم بالخروج من المستشفى خلال نحو أسبوعين.
ويعكف الباحثون حاليا على إجراء تجارب سريرية على مواد من شأنها وقف عمل "السيتوكينات" لمساعدة المصابين ب (كوفيد – 19). وفي هذا السياق، يخضع ال " توسيليزوماب" لمزيد من الدراسات في كل من إيطاليا والصين. كما تشهد الدنمارك تجارب على الجزيء البروتيني نفسه جنبا إلى جنب، مع جزيء مماثل له يُطلق عليه اسم "سارليماب"، فيما يجري باحثون في إيطاليا تجارب على عقاريْ " آناكينرا" و"غاميفينت".
ويشارك المستشفى الذي يعمل فيه الطبيب روبرتو كاريكيو في ولاية فيلاديلفيا، في التجارب الجارية على جزيء "سارليماب". ويقول كاريكيو إن اللجوء إلى هذا الجزيء أدى إلى حدوث تحسن طفيف في حالة مريض كان يعاني من مرض في الرئة ومتلازمة "عاصفة السيتوكين". ويشير إلى أنه من الضروري، أن يضع الأطباء برنامجا علاجيا للتعامل مع "عاصفة السيتوكين" والعدوى الفيروسية التي سببتها كذلك، سوءا بسواء.
لكن نجاح أي خطة علاجية من هذا القبيل، يستلزم أن يتم التعامل مع العاصفة وهي في طور التكون، وهو أمر لا يبدو يسيرا.
ويقول الطبيب غرانت شولرت إن "أكثر الأمور المحيرة المتعلقة ب `عاصفة السيتوكين`" يتمثل في رصد وجودها من الأساس. ولذا ينصح هذا الرجل - مثله مثل كرون وكاريكيو - بأن يُخضع كل من تسوء حالته بشكل يدعو لدخوله المستشفى للعلاج من الإصابة بفيروس (كوفيد – 19)، لتحليل زهيد الثمن يستهدف التعرف على مستوى بروتين الفيريتين في دمه.
وإذا تصفحنا الكتيب الإرشادي المؤقت الصادر بشأن وباء كورونا من جانب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، والذي تم تحديثه في الثالث من أبريل/نيسان الماضي، سنجد أنه يشير إلى إمكانية وجود صلة بين تزايد حدة أعراض الإصابة ب (كوفيد – 19) لدى شخص ما، وارتفاع مستويات "البروتين المتفاعل-سي" وبروتين الفيريتين في دمه، وهو الارتفاع الذي يشكل أحد مؤشرات حدوث "عاصفة السيتوكين". لكن المبادئ الإرشادية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن، لا تشير إلى أي علامات مرتبطة بهذه "العاصفة".
ويؤكد كرون أنه كلما كان بوسع الأطباء علاج "عاصفة السيتوكين" المستعرة هذه بشكل أسرع، تحققت نتائج أفضل في هذا الصدد، قائلا: "إذا كان جهازك المناعي يقتلك، فستكون بحاجة للقيام بشيء ما لمواجهة ذلك".
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Future


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.