قالت مجلة "الجيش" الجزائرية في عددها لشهر يوليو/تموز الحالي إن القضاء على 99 مسلحا والقبض على خمسين آخرين في النصف الأول من العام الحالي، يعودان إلى نجاعة إعادة التنظيم والهيكلة التي مست بعض المكونات المتعلقة بالاستخبارات والأمن. وأضافت المجلة أن إعادة التنظيم هذه "أثبتت نجاعتها في ميدان مكافحة الإرهاب، وهو ما تترجمه النتائج وحقائق الميدان". وقد أثارت هذه الفقرة قراءات مختلفة، لا سيما أن الأمر يتعلق بملف حساس في الجزائر وهو "الحرب على الإرهاب". وكثفت قوات الجيش في الأشهر الأخيرة من عملياتها الميدانية ضد معاقل المسلحين في أنحاء مختلفة من البلاد، حيث لا يمر أسبوع واحد دون صدور بيان عن وزارة الدفاع يكشف عن مقتل عدد من "الإرهابيين" أو القبض على آخرين ومصادرة أسلحة وذخيرة ومعدات حربية. وبينما يرى البعض أن حل جهاز الاستخبارات السابق وإقالة رئيسه الفريق محمد مدين يوم 13 سبتمبر/أيلول 2015 وراء هذا التقدم، يرى آخرون أن الأمر يعود إلى انتهاء فترة الاستثمار السياسي باسم محاربة الإرهاب، الذي كان سائدا في العهد السابق. تقييم داخلي ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة بودواو الدكتور عبد العظيم بن صغير أن الحديث عن نجاعة العمليات الميدانية الأخيرة في محاربة الإرهاب بعد حل الجهاز "تقييم داخلي"، مرجعا هذا النجاح الذي كتبت عنه مجلة "الجيش" إلى "مسار طويل من العمل الأمني والميداني". ويؤكد بن صغير أن جهاز الاستخبارات في عهد رئيسه السابق الفريق محمد مدين كان مجرد فرع بوزارة الدفاع، وأن القرار بملاحقة التنظيمات المسلحة كان يتخذ وفقا للمعلومات الاستخباراتية. كما يشير إلى أنه لم يكن هناك فرق بين من يتخذ القرار العسكري وبين من يعطي المعلومة الأمنية، "فوزارة الدفاع هي من تتولى الأمرين معا". من جانبه، يقول الكاتب الصحفي عبد السلام بارودي للجزيرة نت إن النتائج المحققة مؤخرا في "محاربة الإرهاب" تعود إلى "مركزية القرار الأمني". ويقدر بارودي أن هذا التطور انعكس واضحا على المنظومة الأمنية ككل، وضرب مثلا بالنتائج الميدانية على طول الحدود الجزائرية "حيث أضحى من السهل إسقاط شبكات تهريب المخدرات والسلاح في الحدود الغربية والجنوبية". نهاية التشتت ويشدد بارودي على أن قيادة الجيش تخلصت من مرحلة كان فيها القرار الأمني مشتتا بين عدة مراكز، مما كان يؤدي في بعض الأحيان إلى البطء في التحرك الميداني ضد "الجماعات الإرهابية". في المقابل يؤكد رئيس تحرير صحيفة "الحوار" محمد دخوش أن جهاز الاستخبارات في عهد رئيسه السابق "كان أشبه ما يكون بالشرطة السياسية، مما أدى إلى انحرافات في الممارسة". ويعتقد دخوش أن جهاز الاستخبارات في عهد الجنرال توفيق "استثمر في الظاهرة الإرهابية"، وقد دفعه هذا إلى الاصطدام مع نخب أخرى داخل النظام "بسبب تعارض مصالح الطرفين"، لينتهي هذا الصدام بإقالته وإعادة هيكلة الجهاز. ويخلص إلى أن تحييد الاستخبارات عن الممارسة السياسية والتخلص من احتكارها للمعلومة الأمنية سمح للقوات الميدانية للجيش الجزائري بتحقيق "هذه الحصيلة الاستثنائية في مجال محاربة الإرهاب" خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.