لغة تعبير تختلف عن ماهية الحدث، اتخذها الشعب المغربي وسيلة للتفاعل مع الكشف عن أول إصابة بفيروس كورونا في البلاد. حيث اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجة من السخرية حول فيروس “كورونا”، بعد تسجيل المغرب لأول حالة إصابة بالفيروس الإثنين 2 مارس، لمواطن عاد من إقامته في إيطاليا. وفي الوقت الذي اعتبر فيه ناشطون أن الأمر “عادي” بسبب خصوصية الشعب المغربي، انتقد آخرون السخرية من الوباء وعدم احترام أهالي المصاب. ويعتبر طابع السخرية من الأحداث اليومية، الاجتماعية والسياسية وغيرها، حالة عامة، تسود صفحات التواصل الاجتماعي ولا تقتصر فقط على شعب معين، حيث تلقى هذه الطريقة في التعبير قبولاً من بعض الناشطين، ورفضا من البعض الآخر. وبين الخوف والسخرية، يسود ترقب داخل الرأي العام المغربي، بسبب الإجراءات الحكومية المتسارعة من جهة، ومن سرعة انتشار الوباء على المستوى الدولي من جهة أخرى، خصوصا أن ثالث أكبر جالية مغربية في الخارج توجد في إيطاليا، وأن الإصابتين اللتين سجلتا في البلاد (حتى الخميس) كانتا لمواطنيين عادا من إيطاليا. وأعلنت السلطات المغربية، الخميس، تسجيل ثاني إصابة بفيروس كورونا لمواطنة عائدة من إيطاليا التي سجلت فيها 3089 إصابة توفى منها 109 حتى تاريخ 5مارس الجاري. وفي ظل هذه التطورات، ألغت البلاد عددا من الملقيات الدولية والوطنية، بالإضافة إلى تنظيم مباريات الكرة بدون جمهور. سخرية يقابلها انتقادات وعقب الإعلان عن تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في المغرب، انتشرت المنشورات والتغريدات الساخرة، على منصات التواصل الاجتماعي، بل إن الأمر تطور إلى انتقال بعض المواطنين إلى المستشفى الذي استقبل أول حالة إصابة بالفيروس لمشاهدة “المشهد”، بحسب الإعلام المحلي. إلا أن ناشطون، كان لهم موقف مغاير، إذ لاقت هذه مظاهر السخرية، انتقاداً لاذعاً من قبل هؤلاء، واصفين الأمر بأنه لا يحتمل السخرية. وانتقدت الإعلامية المغربية إحسان كراوي في تدوينة لها على صفحتها الرسمية ب”فيسبوك” السخرية من كورونا قائلة: “لم أفهم كيف أن فيروس كورونا خلق خوفا ورعبا عند الناس حول العالم وعندما جاء للمغرب ردوه ضحك وتقشاب (أي: جعل منه المواطنون ضحك وسخرية)!” وقال الباحث المغربي يحيى عالم: “حينما تتوجه شريحة من الناس إلى التنكيت (أي: السخرية) في زمن الوباء، فإن الأمر جلل وخطير”. وأضاف “عالم” في تدوينة له على صفحته الرسمية ب”فيسبوك”: “هناك حدود ينبغي ألا يتجاوزها المرء، والحقيقة أن بلدنا المغرب عاش زمنا طويلا بعيدا عن القلاقل الاجتماعية والاضطرابات والحروب والأوبئة، اللهم إلا وباء الاستبداد الذي جرف كل جميل في الشخصية المغربية، هذه الشخصية، طبعتها الكثير من التغيرات الجارفة التي غيرت من ملامحها، وحكمت عليها بالتشظي. وبرأيي فإن ما حدث يبطن تحولا ثقافيا هو نتيجة لعدة عوامل، والتحول في المنحى الثقافي والقيمي بطبيعته ممتد في الزمن”. وأوضح أن “السخرية من كل شيء، نوع من العدمية التي تدعي الوعي وهي في حقيقتها مجرد وعي زائف، لا أثر له، فيكون الإنسان يضر بنفسه من حيث يدري أو لا يدري، ويهدد مصيره بأكمله”. أغنية عن كورونا ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أطلقت مجموعة كوميدية تدعى “سكيزوفرين”، أغنية حول “كورونا”، بشكل هزلي، كما تم تسريب لائحة ركاب الطائرة الذي جاءت منها أول إصابة ، وهو ما انتقده عدد من النشطاء. مشاهد الخوف من جهة أخرى عبّر مواطنون آخرون عن خوفهم إزاء تطورات الفيروس، خصوصا في ظل ضعف البنية التحتية لقطاع الصحة في البلاد. الحكومة تسابق الزمن وقرارات بالجملة من جهتها، تحاول الحكومة المغربية أن تطلق عددا من المبادرات من أجل احتواء الوضع، خصوصا في ظل وجود ثالث أكبر جالية في الخارج في إيطاليا. وقررت الحكومة المغربية منذ تسجيل الحالة الأولى للإصابة بكورونا في البلاد، إلغاء عدد من الملتقيات الدولية والوطنية، من بينها إلغاء منافسات “الجائزة الكبرى للجيدو” بالعاصمة الرباط (كانت ستعرف مشاركة 94 دولة وكان مبرجا ما بين 5 إلى 9 مارس/آذار الجاري بالرباط). كما تم تأجيل “طواف المغرب للدراجات”، والدورة العاشرة لمهرجان اللوز بتافراوت (وسط)، بسبب فيروس “كورونا”. وكان من المتوقع إجراء “طواف المغرب” ما بين 9 و18 أبريل المقبل، بمشاركة دولية. وقررت السلطات المغربية، إلغاء “المعرض الدولي للفلاحة” في مدينة مكناس، خشية من انتشار الفيروس. وأعلنت كل من وزارة الفلاحة والصيد البحري وجمعية المعرض الدولي للفلاحة، المنظمة للمعرض، في بيان مشترك، إلغاء الدورة الخامسة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة، التي كان من المرتقب تنظيمها من 14 إلى 19 أبريل المقبل في مكناس. وبعد تسجيل الحالة الثانية للإصابة بكورونا، قررت وزارة الثقافة منع جميع اللقاءات التي يشارك في أشخاص قادمون من الخارج، أو التي يشارك فيها 1000 شخص فما فوق. واستبعد مسؤول مغربي، الثلاثاء الماضي، انتشار فيروس “كورونا” في بلاده بشكل كبير، عقب الإعلان عن تسجيل أول إصابة، الإثنين. جاء ذلك على لسان مدير الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة، محمد اليوبي، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الرباط. وقال اليوبي “نستبعد وصول نسبة الإصابات بهذا الفيروس إلى 1 بالمائة من السكان، ولا يمكن التحدث عن هذه النسبة بعد تسجيل حالة وحيدة”. وأضاف أنه يمكن أن “تنقل الحالة المصابة الوحيدة العدوى إلى حالات أخرى”، إلا أنه استبعد انتشار الإصابات بالفيروس “بشكل كبير جدا”. وذكر اليوبي أن الإجراءات التي تتخذها بلاده لمواجهة الفيروس “تكون حسب الحالات المحتمل إصاباتها”. وفي السياق ذاته، نفت وزارة التربية الوطنية المغربية، في بيان لها الثلاثاء، ما تداوله نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، بشأن إغلاق المدارس ابتداء من الأربعاء بسبب تسجيل حالتي إصابة بفيروس كورونا. وبلغت عدد وفيات كورونا حول العالم حتى صباح الخميس، 3 ألاف و308، فيما بلغت الإصابات 97 ألفا و743. وحسب تقارير ومتابعات إعلامية، بلغ عدد الذين تعافوا من كورونا نحو 55 ألفا.