تعيش جبهة "البوليساريو" وضعية صعبة وملتبسة وضبابية تدل عليها تصريحات الحركة الانفصالية التي ظلت تكرر بين الفينة والأخرى تهديدها بالعودة إلى حمل السلاح ضد المغرب رغم علمها بأن الظروف الموضوعية إقليميا ودوليا تجعل من إقدامها على مثل هذه الخطوة انتحارا حقيقيا ونهاية ما تبقى من هذه الحركة التي تتقاذفها الأزمات الداخلية إلى حد اقترابها من حالة الانفجار والتشظي وسط صراع محتدم بين قياداتها على خلافة رئيسها الراحل محمد عبد العزيز المراكشي. وأخر هذه التصريحات، جاءت اليوم الأحد، على لسان ما يسمى وزير الخارجية "البوليساريو"، محمد سالم ولد السالك، الذي كرر نفس الأسطوانة المتعلقة بتصفية الاستعمار والمطالبة بالاستفتاء وحق تقرير المصير، رغم إقرار جل الدول العظمى باستحالة هذا الخيار ودعمهم لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، محذرا في نفس الوقت الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، من عدم التوصل لأي حل حول النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. ويقول مراقبون إن تهديدات "البوليساريو" بإعلان الحرب على المغرب هو "مجرد شعارات مناسباتية اعتادت الجبهة إطلاقها ولا تستطيع تنفيذها على الأرض"، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد القوات المغربية الذين يرابطون في المواقع الأمامية بالجدار الأمني الذي يعبر الصحراء المغربية على طول ألفين و500 كيلومتر، يبلغ 150 ألف رجل، بينما تشير التقديرات إلى أن مرتزقة البوليساريو يقدرون بما بين 30 و40 ألفا. واعتبر ولد السالك، أن مجلس الأمن الدولي يقف اليوم، أمام "مسؤوليات خطيرة" حيث أن الأمر لا يتعلق ب"تقرير مصير"، وإنما يتجاوز إلى "صلاحيات مجلس الأمن ومسؤولياته بإعتباره أحد ركائز الأممالمتحدة "، حسب تعبيره. وفي تحليل غريب، زعم أن المؤشرات والمعلومات التي تتوفر إلى حد الساعة "لا تدل على وجود نية صادقة" لدى المغرب في تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، و"لا في رفع العراقيل التي ما فتئ يختلقها أمام مجهودات المجتمع الدولي"، معتبرا أن الأمر يمثل توجها ومسارا خطيرا ومتهورا سيؤدي إلى المواجهة". واستعاد المغرب صحراءه العام 1975 بعد رحيل المستعمر الإسباني. وتسعى جبهة بوليساريو مدعومة من الجزائر إلى انفصال هذه المنطقة عن المغرب، في حين تقترح الرباط "حكما ذاتيا واسعا" تحت سيادتها. ويضع المغرب قضية الصحراء على رأس أولوياته في الحراك الدبلوماسي ورفض الانضمام للاتحاد الإفريقي بعد أن اعتمد الاتحاد بوليساريو عضوا فيه. وأكد الملك محمد السادس في نونبر 2014، أن الصحراء المغربية ستظل تحت السيادة المغربية "إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها"، مؤكدا أن "مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب" لحل هذا النزاع.