قصة أغرب من الخيال، شاب من درب الطاليان سيصبح حارسا شخصيا للشيخ زايد رحمه الله ثم مهندسا دكتورا في الاتصالات والإلكترونيات وثريا ثم مفلسا عندما تم النصب عليه من طرف فرد من العائلة الحاكمة بقطر، قبل أن يحكم غيابيا، واليوم يحاول أن ينهض من جديد بعد دخول جهات نافذة على الخط في المغرب. بداية من هو فيصل الذهاني؟ وكيف قضى فيصل فترة الطفولة والمراهقة قبل السفر في رحلة طويلة لطلب العلم والعمل في العديد من الدول؟
اجتزت طفولة صعبة للغاية، غمرني إحساس الأطفال اليتامى ببساطة لأنني من زوجين منفصلين، كنا أربعة إخوة ترعرعنا في كنف جدي وجدتي في بيت متواضع بدرب الطاليان وسط مدينة الدار البيضاء، وهو نفس الحي الذي ترعرع فيه اللاعب الدولي عزيز بودربالة، وكباقي الأطفال أقراني في المدينة القديمة بالدار البيضاء قضيت طفولة ومراهقة كلها شقاوة ولعب، كنا نطارد العصافير والحمام في البراري والحدائق ونمضي اليوم كاملا في اللعب واللهو والسباحة في الصيف في بحر "مريزيقا" المحاذي للميناء حيث ينتصب مسجد الحسن الثاني الآن، رغم الشقاوة كنت شابا جادا ومجتهدا أحصل دائما على علامات متميزة في المدرسة، كانت والدتي "الحاجة زبيدة" بمثابة مثلي الأعلى في النضال والتضحية، وقد كانت أمي سيدة معروفة في الدار البيضاء لأنها كانت مولدة مشهورة بأعمالها الخيرية وطيبوبتها وذماثة أخلاقها، تربيت في بيت محافظ تربية حسنة وصارمة، كنت محروما من العديد من الأشياء لكنني تعلمت من والدتي أن أعتمد على نفسي وأن أثابر وأجتهد لتحقيق أحلامي .. وعندما كنت في السنة الثانية إعدادي، وكان عمري حينها 14 سنة، توفي جدي وجدتي فهاجرت مكرها للعيش في كنف خالي في فرنسا، هناك تابعت دراستي الثانوية وحصلت على البكالوريا الفرنسية، ورغم السفر ظلت والدتي "الحاجة زبيدة" رحمها الله سندي الرئيسي، فقد كانت ترسل لي المال الضروري لتغطية مصاريف الدراسة المكلفة …
وماذا بعد مرحلة الحصول على البكالوريا؟
بعد البكالوريا تابعت الدراسة في الجامعة حتى حصلت على دبلوم الدراسات الجامعية في الاتصالات، ولأني لم أكن أملك المال الكافي لم أتمكن حينه من إتمام الدراسات العليا، لكن جاءتني فرصة قلبت مسار حياتي رأسا على عقب، كانت فرصة غير منتظرة أتت بالصدفة ودون أن أخطط لها، عرض علي الاشتغال ضمن الحرس الخاص للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس الراحل لدولة الإمارات العربية المتحدة.
كيف حصل ذلك؟ كيف أصبحت حارسا خاصا ضمن حراس الأمن الأميري للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان؟
كان رئيس دولة الإمارات حينها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في باريس مع زوجته الشيخة فاطنة بنت مبارك، لم يكن من السهل التعرف عليهما، فقد كان الشيخ زايد يرتدي لباسا عصريا خفيفا وكان يتحرك بحرية صحبة حارسيه الشخصيين، لم يكن مثيرا للانتباه، التقينا في مركز تجاري وكانوا في حديث مع البائعة التي لم تفهم ما يريدونه لأنهم كانوا يتكلمون العربية والإنجليزية فقط، تدخلت بعد الاستئذان وقمت بالترجمة بروح مرحة أعجب بها الشيخ زايد وحرمه الشيخة فاطنة بنت مبارك وسألوني عن جنسيتي وتكويني وما أفعله في فرنسا بعدها عرضوا علي السفر للإمارات للعمل ضمن الحرس الأميري الإماراتي .. قبلت الفكرة وكانت فرصة بالنسبة لي لتحسين مستواي المادي، سافرت بعد ترتيب الأمور إلى أبوظبي حيث التحقت بمقر الحرس الأميري، اجتزت الاختبارات البدنية والنفسية واندمجت في عملي الجديد كحارس خاص ضمن حراس الشيخ زايد وزوجته الشيخة فاطنة، كانت فرصة أن أرى العالم، فقد سافرت مع وفد الرئيس وحرمه للعديد من الدول، وكشفت في عملي وتدخلاتي اللبقة عن مؤهلات كبيرة أدهشتهم وزادت حظوتي لدى الرئيس وحرمه، كانت مهامي تتجلى في الاختراقات الأمنية وحراسة الأماكن المشددة والمغلقة الخاصة بالشيخ زايد وحرمه، كنت ضمن الدائرة الأولى لأمن الرئيس، قضيت أربع سنوات أشتغل كحارس خاص في الأمن الأميري الإماراتي، تزوجت هناك في الإمارات من فلبينية وأنجبت منها طفلا أسميته "زايد"، وهو يبلغ اليوم من العمر 24سنة.
وماذا بعد مرحلة العمل ضمن الأمن الخاص للشيخ زايد؟ هل حققت حلمك في الحصول على الدكتوراه أم أن النجاح في العمل ضمن الحرس الأميري أنساك هذا الحلم؟
قضيت أربع سنوات عمل كحارس خاص للشيخ زايد كما قلت، وذات يوم اقترحت علي زوجتي الفلبينية أن أتابع حلمي في الدراسات العليا، وبعد نقاش طويل أقنعتني بضرورة عدم التخلي عن حلم الحصول على "الدكتوراه"، فقد رأت أنني رغم نجاحي المهني وتحسين مستواي الاجتماعي فقد كنت دائما أقول لها إن حلمي الأكبر هو الحصول على الدكتوراه وسأحققه حالما أملك المال الكافي وكان حينها عندي المال الكافي، لتحقيق حلمي .. سافرنا إلى الفلبين، كانت فترة رائعة، أعجبتني الفلبين كثيرا، اندمجت بشكل ملفت، عشنا فيها عشر سنوات كانت كلها مخصصة للدراسة والاستعداد لمناقشة أطروحة الدكتوراه في تخصص الاتصالات والإلكترونيات، وتمكنت أخيرا من الحصول على الدكتوراه في الفليبين بنظام تعليم آسيوي أمريكي، وهو النظام المطلوب جدا في الخليج وأمريكا ..
حصلت على الدكتوراه وكان ذلك تحقيقا لحلمك لكن ماذا وقع بعد ذلك؟ هل عدت إلى الإمارات العربية المتحدة أم إلى فرنسا؟
بعد حصولي على الدكتوراه في الفلبين توجهت إلى الولايات المتحدةالأمريكية وحصلت هناك على عرض عمل مغرٍ في شركة للاتصالات لها أنشطة في أمريكا واليابان والفلبين، اشتغلت بطموح كبير وكنت دائم التنقل بين الولايات المتحدةالأمريكية واليابان والفلبين، كانت انطلاقة رائعة كونت فيها نفسي وحققت ذاتي وتحسنت أحوالي كثيرا .. قضيت سنوات عمل بين تلك الدول الثلاث حتى سنة 2003، حين تحدثت مع زوجتي حول فكرة العيش في المغرب، وافقت على العودة معي للمغرب، وعدت للاستقرار في بلدي وإنشاء شركة في الاتصالات والإلكترونيات، لكن للأسف اكتشفت بأن زوجتي مريضة بسرطان الرحم في المغرب، اضطررنا حينها بعد الاستشارة مع الأطباء للعودة إلى الفلبين لتتابع زوجتي حصص العلاج بالمستشفى الأمريكي في الفلبين، اضطررت بعد سنة من الاستعداد لمشاريعي الجديدة للعودة رغم أنه كانت لدي عروض قوية في المغرب لاستغلال خبراتي في الأمن والاتصالات وتوظيفها في مشاريع فتية داخل أروقة أجهزة الدولة والأمن وخاصة الدرك والجيش، كان مرض زوجتي الذي ظهر فجأة بمثابة الضربة التي غيرت مسار حياتي …
طبعا تركت المغرب مكرها مرة أخرى وسافرت للانطلاق في مرحلة علاج الورم السرطاني لزوجتك، لكن ماذا وقع بعد ذلك؟ وما قصة هبوط طائرتك اضطرارا في قطر؟
غادرت المغرب، وكانت زوجتي في المرحلة الثانية من مرض السرطان، تخليت عن كل شيء وقررت أن أغادر مع زوجتي وابني للبدء في رحلة العلاج، كنا في طائرة من المغرب إلى الفليبين عبر الإمارات حين حدث نزيف حاد لزوجتي في الطائرة، نزلت الطائرة في حالة طوارئ في الدوحة .. أخذوها للمستشفى، وبما أنه لم يكن في قطر مستشفى متخصص في الأورام السرطانية في ذلك التاريخ، فقد حولونا إلى البحرين.. وكان الأطباء في قطر يتابعون معي الحالة الصحية لزوجتي من البحرين، ورغم أننا أجانب فقد تعامل القطريون مع حالتنا بشكل راق جعلني أعجب بهذا البلد الذي سأفكر لاحقا أن أعيش فيه .. رجعنا إلى قطر بعد أن توصلت بمراسلة جاء فيها أنه بإمكان زوجتي متابعة حصص العلاج في دولة قطر على حساب الحكومة القطرية، بعد مرحلة علاج قصيرة أخبرني الأطباء أنها لن تعيش أكثر من سنة، وكذلك كان، ففي صيف سنة 2005 توفيت زوجتي، ونظرا للمعاملة الطيبة التي تلقتها زوجتي قيد حياتها أثناء العلاج فقد قررت أن أقيم مع ابني زايد في دولة قطر.
إذن قررت العيش في قطر، فكيف صارت الأمور معك هناك؟ ماذا فعلت وهل وجدت صعوبة في الاندماج والعمل في قطر؟
عشت في قطر مع ابني وأسست شركتين متخصصتين في نظام المراقبة والحريق والتكييف وصيانة وكهربة الأبراج .. أسست تلك الشركتين لأنه لا يمكن أن تؤسس شركة للاتصالات في قطر لأنها محتكرة من طرف الدولة، المهم سارت معي الأمور بشكل جيد، وأصبحت رجل أعمال ناجحا في قطر، سارت الأمور جيدا حتى سنة 2008 حينما ضربت الأزمة العالمية كبريات الشركات العالمية، خسرت الشركات في كل العالم الملايير، وكانت شركتي واحدة من تلك الشركات التي أصابتها الأزمة العالمية الخانقة في تلك المرحلة، وبما أن كل عقود أعمالي مع الشركات الأجنبية فقد بقيت كل أموالي معلقة في حسابات شركات عالمية أعلنت إفلاسها، كانت لي أموال طائلة تبخرت، بنوك مالية وشركات كبرى أفلست .. تعرضت شركتي للإفلاس بعد تراكم الديون واعتبرت أنها النهاية، لأنني كنت مطالبا بتسديد الديون أو الدخول للسجن !
لكن ماذا فعلت للخروج من تلك الأزمة المالية التي كادت أن تؤدي بك للسجن بسبب الديون المتراكمة نتيجة الإفلاس؟
الحمد لله خرجت من الأزمة بأقل الخسائر وسددت ديوني لأن هناك رجالا ساندوني، حينها فكرت في إطار تعويض خسارتي في الاتجاه للمجال الصناعي … فكرت في مشروع سهرت على إعداده من ألفه إلى يائه، اشتغلت سنة ونصف على ذلك المشروع وقمت بتجهيز الأراضي للمشروع وسهرت على توفير كل التراخيص اللازمة والخرائط والدعم عبر بنك قطر للتنمية، وأنا أضع اللمسات الأخيرة لميلاد مشروعي تعرفت على شيخ من شيوخ آل ثاني اسمه الشيخ نايف بلعيد بن حمد آل ثاني، رئيس مجلس إدارة"ويدان" العملاقة، الذي أعجب بمشروعي واقترح علي الدخول شريكا في مشروعي، الأمر الذي قبلته بشكل رحب وياليتني لم أفعل!
لماذا؟ فوجود شيخ من الأسرة الحاكمة كشريك في مشروعك يبدو قيمة مضافة للمشروع، أليس كذلك؟
قطعا، لا، فهذه هي الصورة التي ظننت لكن خاب ظني، فهذا الشخص، سامحه الله، خدعني بطريقة ذكية.. وقد جاءني الشيخ نايف بلعيد الذي يجهل مصيره حتى الآن بعد ترويج أخبار عن اختطافه صحبة شيوخ آخرين كانوا في رحلة صيد جنوبالعراق من طرف مليشيات موالية لحزب الله، قلت جاءني الشيخ نايف بصفة ملاك وبصفة شيخ من آل ثاني، أوهمني بأن أخبرني عن جمعية معروفة هنا في دولة قطر اسمها جمعية "عيد" الخيرية، وهي واحدة من أضخم الجمعيات هنا في قطر، مشهورة بأعمالها الخيرية على المستوي العالمي تصل ميزانيتها إلى 400 مليون قطري، (أوهمني) وخدعني بأن أخبرني كذبا أن هذه الجمعية أسسها والده، وأي رجل أعمال جاءه شخص بهذه الصفة يملك جمعية تصرف الملايير ومعروف كرجل أعمال ثري من الأسرة الحاكمة لن يشك في نواياه .. لم يخطر على بالي ولو لحظة أن هذا الشخص يمكن أن يسرق مشروعي أو ينصب علي.
لكن كيف وقع النصب عليك كما تدعي؟ وماذا فعلت بعدها؟
شركتاي كانتا محظورتين وموقوفتين نظرا للضائقة المالية التي مررت بها، وبالتالي لا يمكن أن أدرج بهما أي نشاط تجاري، وهذا ما شجعني أكثر على أن أدخل مشروعي الجديد في شركة سيكون بها شيخ من آل ثاني، عموما أسسنا شركة للتجارة والمقاولات وأطلقنا عليها "كولورادو"، أقنعني، وهذا هو الخطأ الكبير الذي ارتكبت، أن ندخل الشركة في الهولدينغ الذي يمتلكه لأن من شأن ذلك تسهيل الكثير من الصعاب والمساطر، قبلت بإدخالها وأنا مطمئن لأنه شريكي القوي المعروف .. لاحقا بدأ يتباطأ ويتجاهلني، وأخبرته بضرورة العمل لأنني أود أن أخفف ديوني لكنه بدأ يتماطل .. سبعة شهور وأنا أطارده وهو يتماطل ويتجاهلني، أخبرت نائب المدعي العام، وكان صديقا حميما لي، بالموضوع وطلبت منه التدخل لتسوية الخلاف فكانت الصدمة، فقد أخبر الشيخ نايف نائب المدعي العام أن المشروع مشروعه وأن الشركة تسير كواحدة من الشركات التي يضمها الهولدينغ الخاص به وأنه لا تربطني به أي صلة.
فكرت أن أسلك الطرق العادية التي يجب أن يسلكها أي مواطن في المهجر بأن التجأت إلى السفير المغربي في قطر مكي كوان الذي كان يعرفني بأنني رجل أعمال مغربي نشيط ومعروف في قطر، قابلته وشرحت له القصة التي تربطني بالشيخ نايف وقدمت له كل الوثائق والحجج التي تثبت امتلاكي للمشروع، كتبت شكاية وطلبت منه أن يقدمها لديوان المظالم القطري، لأنه جرت العادة أن يستقبل ديوان المظالم شكايات الأجانب بطرق ديبلوماسية عبر السفارة وليس بشكل فردي .. وعدني السفير بأنه سيقدم شكايتي لديوان المظالم القطري بشكل رسمي عبر السفارة لكنه للأسف لم يفعل وبدأ هو كذلك يتماطل، طاردت السفير لمدة شهرين دون جدوى، كنت أريد فقط أن أعرف سبب عدم إرسال شكايتي لديوان المظالم رغم علمي بالعلاقة الحميمية التي تجمعه بأخ الشيخ نايف الأكبر الشيخ خليفة بلعيد، والتي قد تكون سببا قويا لتماطله! .. أرسلت رسالتي للعديد من المنابر الإعلامية، وتفجرت بذلك قضيتي دون أن تحل !
إذن بقيت قضيتك معلقة دون حل، وماذا فعلت بعدها هل استسلمت؟
وأنا أنتظر الفرج في مشكلتي جاءني ذات يوم اتصال من المغرب، قدم لي الرجل نفسه بأنه فاعل خير قرأ قصتي ويريد مساعدتي، مدني بهواتف شخصيات بارزة في المغرب وقال لي إن هؤلاء قد يساعدونني على حل مشكلتي، مدني بالهاتف الشخصي المباشر لصلاح الدين مزوار وأنيس بيرو ورشدي الشرايبي .. هاتفت مزوار وبيرو لكن لم أتلق منهما سوى الكلام المعسول والوعود الخاوية، لذلك قررت أن أجرب هاتف الرجل المقرب من الملك والذي يشغل مدير ديوانه محمد رشدي الشرايبي، هاتفت الرجل فخاف وقال لي من مدك بهذا الرقم لأنه لا يعرفه سوى الملك .. أخبرته أنني مستثمر مغربي أعيش في قطر ولدي مشكل مع شيخ قطري ظلمني وأخذ مشروع أحلامي وأود تدخل الملك … الشرايبي أرسل رجاله حتى منزل العائلة في الرباط لأخذ نسخة من ملفي الكامل الذي أرسلته من قطر .. الشرايبي قال لي"سأرسل لك أناسا هناك في قطر ليجلسوا معك وتخبرهم بكل شيء، لأنه لابد لي من كل الحقائق قبل أن أتحدث للملك عنك لأن جلالته يحب دائما سماع التفاصيل".. عندما رأيت أن الديوان الملكي يتجاوب معي قلت الحمد لله .. أسبوعا بعد ذلك اتصل بي شخص قال لي "أنا مبعوث من القصر، وقد وصلت إلى الدوحة بالأمس وأريد مقابلتك، وقد جئت شخصيا من أجلك من المغرب"، قلت في نفسي الحمد لله بدأت الأمور تسير في اتجاهها الصحيح ...
ماذا وقع بعد ذلك؟ هل قابلت ذلك الشخص؟ هل كان فعلا مبعوثا من القصر بطلب من مدير الديوان الملكي رشدي الشرايبي؟
التقيت ذلك الشخص الذي قال لي إنه مبعوث من القصر في اليوم الموالي لوصوله في مقهى هنا في الدوحة، وكان الرجل حينها بصحبة نائب السفير المغربي، وأخبرني أنه مبعوث القصر، حكيت له قصتي بكل تفاصيلها، ثلاثة أيام من الجلسات عرف فيها عني كل شيء بالدلائل القاطعة، وقلت له الآن ستقابل نائب المدعي العام لدولة القطر لأنه شاهد عيان على الواقعة سيدلي لك بشهادة في حقي لتعزيز وضعي في القضية .. ضربت له موعدا مع السيد نائب المدعي العام الذي فرح عندما قلت له إن مبعوثا من القصر الملكي جاء خصيصا من أجل قضيتي،
وعندما أردنا الدخول لمبنى النيابة العامة القطرية تفاجأت بأن الرجل الذي قال إنه جاء لتوه مبعوثا من القصر الملكي أخرج بطاقة الإقامة القطرية، أصبت بالدوخة ولم أفهم شيئا، أخذنا "البادج" ودلفنا إلى داخل البناية لمقابلة نائب المدعي العام .. ضايفنا نائب المدعي العام بشكل لائق وكان فرحا لأنه مع مبعوث من القصر الملكي، وشرح للمبعوث قضيتي وأبرز أنني مظلوم وقد تم استبلادي والاستيلاء على مشروعي، وقال "إن فيصل مثل إبني وإن كلامه صحيح وإن هذا الشخص اعتدى عليه وسرق له مشاريعه وأفكاره"، وأخبر المبعوث أن المشكل سيعالج برسالة من الديوان الملكي إلى حاكم قطر، خرجنا من مقر النيابة العامة القطرية بعد أن ودعنا نائب المدعي العام الذي مد رقم هاتفه الشخصي لمبعوث القصر وقال له إنني رهن إشارتكم في قضية فيصل وإن كان جلالة الملك يريد الحديث إلي للاستماع لشهادتي في القضية فأنا مستعد.
هل سألته عن مسألة بطاقة الإقامة التي كانت لديه وهو مجرد زائر؟ وما حكاية هذا المبعوث من القصر الذي جاء خصيصا إلى قطر من أجل قضيتك؟
ونحن خارج مبنى النيابة العامة كانت مازالت صورة بطاقة الإقامة القطرية التي أدلى بها المبعوث من القصر تتراقص أمام مقلتي، لم أستسغ الأمر لأنه بدا لي محيرا وملتبسا فقررت أن أسأله: قلت له : "ما حكاية بطاقة الإقامة القطرية وأنت مجرد زائر؟ هل تقيم في قطر؟"، ارتبك الرجل وبدأ يتلعثم وقال لي في جواب يبدو أنه لم يفكر فيه: "نظرا للمهمات الخارجية فنحن نملك بطائق إقامات كل الدول التي نقصدها"، ودون أن أترك لها فرصة لاكتساب مزيد من الثقة، قلت له: "أنت من المخابرات إذن؟" واسترسلت: "الطريقة التي تتكلم بها طريقة رجل مخابرات، وقد أدخلتك مقر نيابة قطر بصفتك مبعوثا من القصر في قضيتي، وهذه لوحدها قد تجر عليك المشاكل لأنه ليس من حقك كرجل أمن ومخابرات أن تدخل الأماكن السيادية في دولة قطر" … ولما رأيت وقع كلامي في نفسه وأنه استسلم وعرف أنني كشفته زدت قائلا : "أنا لست معارضا سياسيا أو ضد النظام .. أنا رجل عادي باغي حقي وصافي .. أسئلتك تبدو مخابراتية .. ولست مبعوث قصر ولا هم يحزنون"، أجابني متلعثما : "كون هاني آسي فيصل الأمانة غادي توصل"، ثم انصرف مسرعا حتى ذاب وسط الزحام ..
بحثت بعدها بطريقتي الخاصة فتوصلت إلى أن "مبعوث القصر" لم يكن سوى المسؤول عن "لادجيد" في سفارة قطر، وأنه صديق حميم للسفير يسكنان في جوار بعضهما البعض ولا يفترقان … لكن ما حز في نفسي هو أنني قدمته لنائب المدعي العام القطري كمبعوث من القصر في حين أنه رجل مخابرات ممنوع عليه الدخول إلى الدوائر الحكومية، ومهامه يباشرها من داخل السفارة … فأن يقدم نفسه للمدعي العام إلى أنه مبعوث للقصر الملكي فهذا أمر خطير .. أخبرت المدعي العام الذي غضب وكان يريد أن يرحله من قطر لكنني توسلت إليه لأن هدفي هو إيصال صوتي للملك وقد وعدني بفعل ذلك…
وهل وصلت الرسالة فعلا إلى القصر كما وعدك مبعوث القصر الذي اتضح أنه مبعوث ياسين المنصوري؟
بعد شهر تقريبا كانت المفاجأة، فقد بلغني أن رشدي الشرايبي يقول إن التقرير الذي جاءه من السفارة لا يمكن أن يدخله إلى الملك لأن التقرير يقول إنه ليست لي أي علاقة بالشيخ نايف … وأن ما قدمت له مجرد أفكار … كنت فقط صاحب فكرة ولا تربطني به شراكة .. لم يكن لدي أي حل آخر سوى تسجيل فيديو لمناشدة الملك محمد السادس للتدخل لحل قضيتي، وبسبب هذا الفيديو الذي ناشدت فيه ملكي وحكيت له قصتي وطلبت منه التدخل لإنصافي كأحد رعاياه المظلومين في الخارج اتهمت في قطر بالتشويش على الشيخ نايف والتشهير به، وتم الحكم علي غيابيا بثلاثة أشهر، وأنا الآن أستعد للاستئناف في مارس القادم.
الآن كل قطر تعرف قصتي ومتضامنة معي لأنني قلت في نهاية الفيديو الذي وجهته للملك محمد السادس: "حسبي الله فيك يا الشيخ نايف بلعيد … دمرتني ودمرت عائلتي وأنا فوضت أمري لله وحسبي الله ونعم الوكيل فيك يا الشيخ نايف"، وما هي إلا أسابيع حتى جاء خبر اعتقال الشيخ نايف ومرافقيه في رحلة صيد خارجية من طرف مليشيات عراقية موالية لحزب الله على خلفية إعدام نمر النمر في السعودية، ورغم كل ما فعله الشيخ في حقي فإنني أدعو الله أن يعود سالما لأسرته لأنني رجل تربيت على السماح وحب الناس وعدم التشفي.
في انتظار حكم الاستئناف ونهاية معاناتك تستعد لإطلاق مشروع حصري في قطر والمغرب بدعم من الولايات المتحدةالأمريكية، هل لك أن تحدثنا بإيجاز عن هذا المشروع؟
حصلت على وكالة حصرية لقطر والمغرب من شركة أمريكية تعمل فقط مع وزارة الدفاع الأمريكية ومؤسسات حكومية في كندا، ووثقت الملف بالسفارة القطرية والسفارة المغربية في واشنطن .. المشروع عبارة عن تقنيات عالية في التكييف الخالي من المواد الكيماوية والبريول .. تكييف طبي يساعد أصحاب الأمراض التنفسية والأمراض المزمنة على استنشاق هواء نقي وطبيعي، هي اختراعات ستسمح لأصحاب أمراض التنفس بالتنفس العادي عبر قتل الفيروسات، إنها تقنية اقتصادية تعمل على توفير 90 من المئة من الكهرباء وتعمل بالطاقة الشمسية كذلك.
لما جئت من واشنطن إلى قطر للاشتغال على مشروعي الجديد تفاجأت بحكم غيابي مرتبط بالنداء الذي تقدمت به للملك للتدخل في قضيتي مع الشيخ، وتعليل الحكم يعتبر أنني قمت بالتشهير بالشيخ وأنني قمت بسبه .. احتجزتني المخابرات في المطار لكن أطلق سراحي وأخبروني بضرورة استئناف الحكم وأنه كانت لديهم تعليمات عليا بعدم اعتقالي في المطار.. الحمد لله الأمور الآن تسير في إطار التسوية لقضيتي، وقد تلقيت وعودا من أشخاص نافذين في المغرب سيعملون على إيصال مشروعي الجديد للملك، هو مشروع كبير يشمل تطهير المستشفيات عبر تطهير العدوى بتكييف طبي متطور، وتطهير قاعات العمليات عبر تعقيم الغرف بتكنولوجيا جد احترافية .. كما أن المشروع يضم سلسلة أعمال للطاقة المتجددة .. وسلسلة ابتكارات لكميات من الماء لا علاقة لها لا بالمطر ولا بمياه الآبار، هي تقنية ستحدث ثورة في عالم الفلاحة في المغرب .. أريد أن يصل مشروعي إلى الملك، لأنه يبحث عن الشرفاء الذين يريدون العمل وخدمة البلاد، وهذا العبد الضعيف واحد منهم.